حسن الحسيني المفاوض الإتحادي الناشط في حملة مقاطعة إسرائيل: "معركة الحركة العمّالية لأجلِ العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية طويلة" (الجزء الثاني)

  • article

زينب مرعي، صدى المشرق

 

لا يختلف صراع شعب "وَتْسُوِتِن" كثيراً عن صراع الفلسطينيين والكثير من الشعوب الأخرى التي تكافح الإستعمارية الإستيطانية  والاستعلائية (الإمبريالية). صدى المشرق حاورَت الناشط في حملة مقاطعة البضائع/الإستثمارات الإسرئيلية (BDS) والمفاوض الإتحادي حسن الحسيني.

وقد تحدث الحسيني في الجزء الأول عن بناءِ الحركة العمالية من أجل فلسطين مجدداً لتشكِّل شبكةً تضامنية للحركة العمّاليّة الكندية مع الشعب والعمال الفلسطينيين. (صدى المشرق (sadaalmashrek.ca))

 

"متضامنون بقوة مع شعب "وَتْسُوِتِن" (Wet’suwet’en)"

في الثالث من كانون الثاني الجاري، أرسلت شرطة الخيّالة المَلكية الكندية (RCMP) العشرات من عناصرها المدجَّجين بالسلاح مجدداً إلى أراضي شعب "وتْسُوِتن".

ووفقاً لبيان "مِعبر غِدمْتِن" (Gidimt’en Checkpoint) –حسابٌ يمثل شعب "وتسُوِتِن" على منصة "تويتر"، فهذا "هو الإجتياح الرابع المنفَّذ في السنوات الأربع الأخيرة لتسهيلِ إنشاءِ أنبوب "Coastal GasLink" [لِنقل الغاز الطبيعي] ولسرقة أراضينا غير المتنازَل عنها بتهديدِ السلاح. إنما نحن ما زلنا متمسكين بالموقع الذي تنوي الشركة المعنية التنقيب فيه، تحت منابع مياهنا النقية المقدَّسة".    

كما دعَا القيِّمون على حساب "مِعبر غِدمْتِن" إلى التضامن معهم: "نحتاجُ إلى تواجُد المناصرين على الأرض وإلى توجيهِ كلِّ الأنظارِ إلى ما يجري في أراضي "وتسُوِتن" بينما نُكمِل دفاعنا عن أراضينا، ومياهنا وأجيالنا المستقبلية! إن لم تتمكنوا من التواجد معنا هنا، فاحتجّوا حيث تستطيعون، أكان ذلك أمام مكاتب المستثمرين، أو فروع "مصرف كندا الملكي" (RBC)، أو شُعَب الشرطة المحلية".

وكانت مجموعة من المدافعين عن الأرض (land defenders) [مصطلحٌ يستخدمه أبناء الشعوب الأصلية] ضمَّت عدداً من الصحافيين وكبار السن قد اعتُقِلَت لاعتراضها الطريق المؤدي إلى موقع التنقيب في الثامن عشر والتاسع عشر من تشرين الثاني من عام 2021.

القيِّمون على صفحة "مِعبَر غِدِمتن" أكدوا في بيانٍ بتاريخِ الخامس من كانون الثاني الجاري أن الشرطة الملكية (RCMP) حشدت قواتها في الرابع من الشهر لاجتياحِ أراضي "وتسُوِتن" غير المتنازَل عنها، وأشار القيِّمون إلى أن "الشرطة الملكية أساءَت إلى نسائنا كلَّما أرسلت وحدتها العسكرية (C-IRG) [العاملة على حماية الشركات الصناعية الخاصة] لتفعيلِ الإنذار القضائي الذي حصَّلَته الشركة المعنية بإنشاءِ الأنبوب [لمنعِ أهل المنطقة من اعتراض طريقها]. لقد سجنوا نساءَنا الأصليات ومحارِبينا. لن نسمح أن يُجعَل أهلنا سجناء سياسيين"...

كما يؤكد البيان أن شعب "وتسُوِتِن" المتواجِد في المنطقة منذ آلاف السنين "أبداً لم يتنازَل ولم يقدِّم أراضيه المعهودة التي مساحتها 22,000 كيلومتر مربع إلى برِتِش كولومبيا أو كندا، وقد أثبت في محكمة كندا العُليا أن ملكية هذه الأراضي ما تزال بِيَد شعب "وتسُوِتِن"."

بالرغم من ذلك، فقد "صوَّبت الشرطة الملكية قنَّاصاتها وبنادقها على أبناء الشعوب الأصلية غير المسلحين، واستخدمَت تقنيات التعذيب الجسدي والنفسي في تعاملها مع حُماة المياه الذين نفذوا عصياناً مدنياً غيرَ عنيف. حتى تاريخ البيان، أوقفت الشرطة 79 شخصاً، بينهم أربعة من زعماء "وَتْسُوِتِن" المالكين (Hereditary Chiefs)"، وفقاً للبيان.

هنا يشير الناشط حسن الحسيني إلى أن "حزبَي الأحرار والمحافظين يتحدثان عن القيَم المشتَرَكة بين إسرائيل وكندا، ونرى هذه القيَم تتجسد بمهاجمة الإستعماريةِ الإستيطانيةِ الإسرائيليةِ الشعبَ الفلسطينيَّ وتدميرها منازله، وبتطهيرها الشعب عِرقياً من مناطق مثل الشيخ جرّاح وسِلوان وغيرهما في فلسطين المحتلة.

نشاهد الدولة الكندية الإستعمارية الإستيطانية تقوم بالمِثل عبر مهاجمة الشعوب الأصلية التي وقفت لتكافح الشركات الكبرى والسياسات المدمِّرة التي تتَّبِعها شركات الطاقة لاستخراج الوقود الأحفوري وتمرير أنبوب "Coastal GasLink" في برِتِش كولومبيا، وها هي الدولة الآن تحاصر شعب "وَتْسُوِتِن"."

"لهذا، فنحن – كَوننا نشكِّل حركة عمّاليّة لأجل فلسطين وكَوننا ناشطين – متضامنون تضامناً تاماً مع كفاح الشعوب الأصلية في كندا وفلسطين. فهاتان الفئتان تكافحان أنظمةً تعسفية متشابهة، ولهذا بِتنا نجِد أن المزيد من الشعوب الأصلية في كندا تدعم الشعب الفلسطيني"، والكلام للناشط.

لكنه ينبِّه إلى "سعيِ الصهاينة للظهور بمَظهرِ المتضامنين مع كفاح السكان الأصليين في كندا عبر إصدار البيانات التي تدعمُ كفاحهم الشرعي". ويرى الحسيني أن الصهاينة "ينافقون، فإمعانُ دولة استعمارية استيطانية مثل إسرائيل في إبادة السكان الفلسطينيين الأصليين وتطهيرهم عِرقياً لا يسمح لها بأن تكون متضامنةً حقاً مع كفاحات الشعوب الأصلية في كندا. إنما واضحٌ أن ولاء إسرائيل الكبير هو للدولة الإستعمارية الإستيطانية في كندا ولِطبقتها الحاكمة".  

 

واحدٌ فقط من الأحزاب الحاكمة في المقاطعات أدانَ العنفَ الإستعماري

من أصل الأحزاب الحاكمة في المقاطعات، وحده الحزب الديمقراطي الجديد في نْيوفاوندلاند ولابْرادُور (Newfoundland and Labrador) قد أدانَ ممارسات حكومة الحزب الديمقراطي الجديد بحق السكان الأصليين في برِتِش كولومبيا.

ففي رسالة تضامنية أصدرها الحزبُ الحاكم في نيوفاوندلاند ولابرادور في الثلاثين من تشرين الثاني من عام 2021، وردَ أنَّ "كل العيون من الساحل إلى الآخر تراقب ما يتعرض له شعب "وتسُوِتِن" والعنفَ الإستعماري الذي نزلَ بِحُماة الأرض وكبار السن والصحافيين من السكان الأصليين... إن  الحزب الديمقراطي الجديد في نْيوفاوندلاند ولابْرادُور قد أغضبَته رؤيةُ الغارات العنيفة المتجددة التي نفذتها الشرطة الملكية في منطقة حُماة الأرض الأصليين ومؤيديهم وحلفائهم.

لقد تعاملَت شركة "Coastal GasLink" بعنفٍ شديدٍ مع شعب "وتسُوِتن"، ودعمتها في ذلك القواتُ العسكريةُ في الشرطة الملكية وحكومةُ الحزب الديمقراطي الجديد الحاكمةُ في برِتِش كولومبيا. غَزَوا أراضٍ غير متنازَلٍ عنها لأجلِ تمريرِ الأنبوب من غير تحصيلِ الإذنِ السابق المبني على الدراية والإرتياح... اعتقلوا الصحافيين، معتِّمينَ الأجواء بتهديد السلاح بُغيةَ إخفاءِ أفعالهم العنيفة"...

وخلص أصحاب البيان إلى التالي: "نتضامن مع حق شعب "وتسوِتِن" في تأكيد سيادته وندعم مَهمَّته لحماية البيئة من المزيد من التدمير".

 

"نطاق الإستعلائية (الإمبريالية) الأوسع"  

صحيحٌ أن الحركة العمّاليّة لأجل فلسطين تركّز على بناء التضامن مع كفاح الشعب الفلسطيني، لكن "لا يمكننا ذِكرُ التضامن مع الشعب الفلسطيني من غير وضعِه في النطاق الأوسع للإستعمارية والإستعلائية، ومن غير فضْحِ دور الإستعلائية في كندا وفي كل مكان"، والرأي للحسيني.

إنطلاقاً من هذه الرؤية، يوضِح المفاوض الإتحادي أن "الحركة العمّاليّة لأجل فلسطين وناشطيها يعملون مع منظمات مماثلة، تتحرك للتضامن مع شعوب أخرى في مواجهة الإستعلائية (الإمبريالية) والإستعمارية الإستيطانية في كندا وغيرها من البلاد".

ويرى الحسيني أن الحرب الجارية في اليمن "تشكِّل مثلاً واضحاً على التواطُؤ بين الإستعلائية الأميركية والجهة المعتدية مباشرةً على اليمن، المتمثلة بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".

يضيف الحسيني: "في حين أن الولايات المتحدة وكندا لم تنشُرا قواتهما على الأرض (بشكلٍ رسميٍّ على الأقل)، فنحن نعلم أنهما مسؤولتان أيضاً عن المجازر اللاحقة بالشعب اليمني، وهذا لأنهما تزوِّدان السعودية والإمارات بالأسلحة وتوفِّران الغطاء سياسياً واقتصادياً وعبر الإرتباطات السياسية (الدبلوماسية) لهذه الفظائع. بناءً على هذا دعمنا الدعوةَ إلى حظرِ بيع الأسلحة إلى السعودية".

"بينما تحاول كندا إظهارَ نفسها بمظهر الدولة التقدمية، تشير أفعالُها إلى واقع مختلف، فدور كندا في أميركا اللاتينية سلبي جداً، فهي تدعم الإنقلاباتِ على الحكومات اليسارية والإشتراكية المنتَخَبة بنزاهة (بديمقراطية) ومحاصرَتها والعقوباتِ المفروضة عليها، كما يحدث في هايتي وفنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا، مثلاً"، والكلام للحسيني.

"من هذا المنطَلَق، فالعمل مع المنظمات الكندية المناهضة للإستعلائية الكندية والإستعمارية الإستيطانية أمرٌ طبيعيٌّ جداً، وهو يعني العملَ على إنماءِ التضامن بين العمّال الكنديين والعمال في دول عالم الجنوب وعلى التوعية بشأنه، ففي تلك الدول يتواجد الناس والعمال على الخطوط الأمامية لمواجهة استغلال الرأسمالية والتدخل الغربي"، والخلاصة للحسيني.

 

"تطورات واعدة"  

يشير الإشتراكي الناشط في حملة مقاطعة إسرائيل (BDS) إلى "تطورات واعدة مع مرور السنين بالنسبة إلى تعميق التضامن مع الفلسطينيين وإبرازه إعلامياً في كندا والولايات المتحدة".

ويقول "إن هذا ما يجري بالضبط في صفوف الحركة العمّاليّة، وإنما أيضاً يمكن رؤيته من خلال القضية المشترَكة التي يعملُ لأجلها الناشطون المتضامنون مع الفلسطينيين ونظراؤُهم في الفئات الأصلية والسوداء والعِرقية الأخرى. فلم يعُد مفاجئاً أن تُرَى الأعلام الفلسطينية في التجمعات المنددة بالعنصرية أو المطالِبة بحقوق الشعوب الأصلية والعِرق الأسود (مظاهرات " Black Lives Matter")، كما في التحركات المطالِبة بالعدالة الإجتماعية والإقتصادية".

لكن يقول الناشط محذِّراً: "في المقابل نرى العلمَ الإسرائيلي يرفرف دائماً في التجمعات والمظاهرات اليمينية المتشددة والمتعصبة، وطبعاً في أروقةِ السُّلطة".  

ومع هذا، فهو يعتبر نفسه "متفائلاً جداً"، مضيفاً: "لقد تابعت المسارَ الزمني بالنسبة لتضامن الكنديين مع الفلسطينيين في السنوات الثلاثين الماضية، وقد تغير عددٌ من الأمور عما كان عليه في الأساس، متخِّذاً اتجاهاً أفضل".

كما يذكِّر الحسيني ببعض الدراسات الإستقصائية التي قامت بها منظَّمتا "الكنديين العاملين للعدالة والسلام في الشرق الأوسط" (CJPME) و"الأصوات اليهودية المستقلة" (IJV) لاستطلاع آراء الكنديين ومواقفهم بالنسبة للصراع بين فلسطين وإسرائيل.

ويشير إلى أن "البيانات المحصَّلة تشير إلى تغيُّر الأمور، فأغلب الكنديين يدعمون فرض العقوبات على إسرائيل حتى تلتزم بالقانون الدولي، وهم لا يعتبرون انتقادَ الدولة الصهيونية مناهَضةً للسّاميّة". (يمكن الإطلاع على الدراسات المذكورة عبر الرابط:  https://www.cjpme.org/surveys).

" برأيي هذه علاماتٌ مشجعة جداً بالنسبة إلى مواقف الكنديين ووِجهةِ مسارِنا التضامني مع فلسطين في كندا"، وخلاصة القول للناشط.

 

تفضلوا بمتابعة المزيد من النقاش مع الحسيني لاحقاً.

 

تقول اللافتتان: "أرضُ تَجمُّع "كاس يِه" [الدب الأشيَب] التابع إلى [عشيرة] غِدِمْتِن"، و"لا دخولَ بغيرِ الموافقة".