طفل لا يملك ثمن لوح شوكولاتة حرّك مبادرة من بعد آلاف الكيلومترات مساعدة من الجالية في كندا للعوائل المحتاجة في لبنان

  • article

صدى المشرق

لا زال الخير موجوداً بين الناس الذين ولدوا وترعرعوا في هذه البلاد. ففي ظل الازمة الخانقة التي ضربت لبنان وارتفاع سعر الدولار، بدأت الاصوات تعلو من الكثير من العائلات في لبنان، تطلب المساعدة حتى في تأمين أبسط مقومات العيش. قصةٌ وصلت الى أسماع آل مطر في مدينة أوتاوا، دفعت إحدى بناتها الى المبادرة باطلاق حملة عبر الفيسبك لجمع مبلغ ألف دولار وإرساله إلى المحتاجين، فتفاعلت معها الجالية بشكل كبير، وجُمِعَت أضعاف مضاعفة عن المبلغ المتوقع. فما هي القصة؟

القصة التي سردتها فتاة من آل مطرعبر الفيسبوك تقول: في البداية أرسلت إحدى الاخوات من كندا مبلغاً من المال إلى أختها في لبنان لإنفاقه على العائلات المحتاجة. ولكي تُستَخدَم الاموال بالطريقة الصحيحة طلبت هذه الأخت من أختها إحضار هذه العائلات إلى الدكان حتى يتمكنوا من شراء الاحتياجات الأساسية فقط. عندما وصلوا إلى الصندوق لدفع الأموال، سألت إحدى السيدات الأخت بخجل: "أشعر بالخجل الكبير لسؤالك: أعلم أنك طلبتِ منا الاكتفاء بالاحتياجات الأساسية فقط، لكن ابني الصغير يطلب منذ شهر أن اشتري له لوح شوكولاتة "شوكوبرينس"، فهل لي أن أحضره له"؟ (بالنسبة للذين لا يعرفون ما هو "شوكوبرنس": إنه شوكولاتة بقيمة 25 سنتاً).

هذه الحادثة نقلتها الحاجة جميلة مطر إلى عائلتها، فكان ان سارعَت حدى بناتها إلى البحث عن سبيلٍ لمساعدة مثل هذه العائلات التي تئن من الفقر والعوز.. فأعلنت عبر صفحتها على الفايسبك ما مضمونه: "الآن، أريدك أن تفكر في نفسك في ما فعلت لجعل هذا العالم مكاناً أفضل لكل شخص يواجه وضعًا مشابهاً. في الوقت الحالي، لا يعرف مئات الأشخاص ما سيطعمونه لأطفالهم غداً. ينام المئات بمعِداتٍ فارغة. المئات من الناس يرغبون في أن يتمكنوا من شراء شوكولاتة بسعر 25 سنتاً. لذا من فضلك، إذا كنت تعرف شخصاً محتاجاً، تواصل معه. إذا كنت لا تعرف أي شخص، راسلني ولدي مصادر موثوقة تجمع صناديق المواد الغذائية الأساسية وتسلمها إلى باب هؤلاء الأشخاص الأقل حظاً. أيضاً، إذا كنت خائفاً من مغادرة منزلك بسبب الجائحة التاجية (COVID-19)، سأذهب إلى مكان إقامتك وأستلم مساهمتك"... إعلان كان كافياً لأن يبادر أهل الخير الى مدِّ يد العون، ورفدِ عشرات العائلات في العديد من القرى اللبنانية بالمساعدة التي خففت عن هذه العوائل الكثير.

عن آلية توزيع هذه المساعدات أكدت العائلة في حديثها إلى "صدى المشرق "أننا من خلال معارفنا في العديد من القرى في لبنان طلبنا منهم إبلاغنا بأمر العائلات التي تحتاج الى المساعدة، التي لم يسبق لها ان تلقَّت أي مساعدة من أحد. فجُهِّزَت قائمة بهذه العائلات في العديد من القرى، واتفقنا مع أحد اصحاب المؤسسات على تأمين حصة غذائية بقيمة 55.000 ليرة لكل عائلة. لكن مع هبوط سعر الليرة اللبنانية ارتفع السعر إلى 100.000 ليرة لبنانية، فأكملنا عملنا دون تردد لكي نؤمِّن لهؤلاء ما أمكننا من المواد الغذائية الضرورية". 

عدد الحصص الغذائية بلغ 269 حصة توزعت على عشرات العائلات في مدينتي بيروت والنبطية وقرى: عين قانا، سجد، عربصاليم، جرجوع، دير الزهراني، مليخ، عين بوسوار، حومين، كفرمان، ميفدون، ورب ثلاثين.

هذه المبادرة قد لا تكون الوحيدة، فقد تمت مبادرات فردية عديدة في اكثر من مقاطعة كندية، وهي تلقى صدًى كبيراً، ولكنها تتميز في أنها اتت من جيل يافع ولد هنا وتربى بعيداً عن لبنان، لا يزال يحمل في قلبه الحب لبلده الأم وأهله، ولا ينسى أهله الطيبين سيما في مثل هذه الظروف، وفي الوقت نفسه ينشط في الساحة التي ولد فيها او ما يُعرف بالوطن الثاني، كندا.

نشد على هذه الأيدي الخيرة والمباركة سيما في شهر الخير والبركة، وهي التي تعطينا الأمل بأن الخير موجود في الاجيال القادمة، كما الخير موجود في جالية لا تتوانى عن مساعدة أهلها حين يحتاجونها.   

 

 

معرض الصور