ميشيل هارتمن لموقع "صدى المشرق" : كندا متورطة في الصراع مع الاحتلال وحركات مقاطعة اسرائيل في أميركا الشمالية توسعت كثيراً

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

قيل الكثير عن مقاطعة اسرائيل، هذا النضال الحاضر دائمًا لاسيما في الحرب المستمرة على قطاع غزة، والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها أهالي القطاع. موقع صدى المشرق تحدث مع الأستاذة الجامعية ميشيل هارتمن المختصّة في الأدب العربيّ وفي ترجمة روايات النساء من العربيّة إلى الإنكليزيّة، عن أهمية سلاح المقاطعة في منطقة أميركا الشمالية عموماً وفي كندا بشكل خاص، وعن علاقتها بالقضية الفلسطينية.

قالت هارتمن أنها عندما أصبحت أستاذة جامعية فكّرت أكثر وأكثر كيف يمكنها أن تساند القضايا المتعلقة بالعدالة الاجتماعية ليس فقط كأستاذة في مجال التدريس بل كإنسانة أيضاً.  وكما أنَّ فلسطين  قضية مهمة جداً في العالم، عملت مع حركات المقاطعة BDS واجتهدت في التعليم ضد الاستعمار، وعملت على إظهار الروابطبين قضايا نضال ذوي البشرة السوداء في أميركا وكندا وأيضاً الناس الأصليين في كندا وغيرها...

وقالت لموقعنا "اليوم كلَّنا نرى أن النضال والتضامن مع فلسطين بات في كل أنحاء العالم، وأن الشباب هم قادة هذه الحركة، وهذه مسألة مهمة جدًا، لأنَّ قوة الشباب تعتبر رافعة لهذه القضية. ونحن لا نتحدث فقط عن الشباب في مونتريال بل أيضا في تورنتو في إدمنتون في فانكوفر في لوس انجلوس في نيويورك، في تكساس في كل العالم. والمميز أن الشباب يعرفون بعضهم ويتحدثون سويًا، والتنظيم مهم جدًا خاصة أنَّه لا ينحصر في منطقة معينة بل ينسقون مع بعضهم البعض في كافة المناطق.  "

وحول أهمية المقاطعة في كندا قالت هارتمن "اذا سألنا أنفسنا في كندا ما الذي يمكن أن نقوم به من أجل فلسطين؟ الإجابة تكون أنَّ كل شخص في العالم يجب أن يكافح من مكان وجوده، ونحن يجب أن نستخدم الأسلحة التي نمتلكها، وأحدها هو المقاطعة التي تشكل عامل ضغط على الحكومة التي تدعم اسرائيل. لذلك نحن نستطيع أن نضغط على مصنّعي الأسلحة مثل كندا وأميركا اللتان ترسلان جزءا  كبيرا من الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدمها بدورها في الحرب.

 

نتعرف على ميشيل هارتمن الأستاذة في الأدب العربيّ والمتخصّصة في ترجمة روايات النساء من العربيّة إلى الإنكليزيّة، وعلاقتك بالقضية الفلسطينية؟

 أنا أستاذة جامعية في ماكغيل لطالما كنت مهتمة بقضايا العدالة الاجتماعية، ومن أجل ذلك بدأت في الانخراط والعمل على قضية فلسطينوشاركت في الأنشطة التضامنية في الولايات المتحدة الأميركية وبعدها في إنجلترا. وعندما أصبحت أستاذة جامعية فكّرت أكثر وأكثر كيف يمكنني أن أساند القضايا المتعلقة بالعدالة الاجتماعية ليس فقط كأستاذة في مجال التدريس بل كإنسانة أيضاً،  وكما أنَّ فلسطين  قضية مهمة جداً في العالم، عملت مع حركات المقاطعة BDS واجتهدت في التعليم ضد الاستعمار، وعملت على إظهار الروابطبين قضايا نضال ذوي البشرة السوداء في أميركا وكندا وأيضاً الناس الأصليين في كندا وغيرها...  بالتالي أنا أعمل على ربط حركات التحرر النضالية حول العالم بعضها ببعض.

عندما كنت طالبة بدأت في المشاركة بالتحركات والأنشطة النضالية ولكن ليس بالوتيرة التي أنا عليها اليوم. كطالبة شاركت في الحركات النضالية هنا في أميركا الشمالية حيث كان التضامن مع فلسطين بوتيرة منخفضة جداً.أمّا اليوم فما يجري كبير جدًا، خاصة كيف يعمل الشباب للتضامن مع فلسطين. ولكن عملي كأستاذة جامعية خولني دراسة الحركات النضالية بشكل  أكاديمي ومكثف ورأيت من خلال عملي كيف أربط بين نضالي كإنسانة ونضالي كأساتذة جامعية.  

 

نحن اليوم أمام هبّة تشهدها مونتريال وتورنتو، أبطالها طلّاب جامعيون يخوضون معركة القضية الفلسطينية. نبدأ برؤيتكم لهذا النضال ومدى فعالية التحركات التي يخوضونها وانعكاسها على القرار الرسمي الكندي؟
سبق وكتبت مقالة حول هذا الموضوع . فبعد عملي وبحثي رصدت تطور حركة النضال الطلابي الجامعي. اليوم كلَّنا نرى أن النضال والتضامن مع فلسطين بات في كل أنحاء العالم، وأن الشباب هم قادة هذه الحركة، وهذه مسألةمهمة جدًا، لأنَّ قوة الشباب تعتبر رافعة لهذه القضية. ونحن لا نتحدث فقط عن الشباب في مونتريال بل أيضا في تورنتو، في إدمنتون ، في فانكوفر ، في لوس انجلوس ، في نيويورك، في تكساس وفي كل العالم. والمميز أن الشباب يعرفون بعضهم ويتحدثون سويًا، والتنظيم مهم جدًا خاصة أنَّه لا ينحصر في منطقة معينة بل ينسقون مع بعضهم البعض في كافة المناطق. 

أيضا من المهم الحديث عن قدرات الشباب ورؤيتهم الاستراتيجية للقضية. لماذا؟ وكيف يناضلون؟ وأهمية أنهم يمتلكون الهدف والوعي، لأنهم يعرفون أنهم يقاومون من أجل الحرية والعدالة والحق، وكيفية تركيزهم على هذه النقاط. لذلك أعتقد أن كل هذه العوامل التي تحدثنا عنها قد تجبر الحكومة الكنديةوالكيبكية على الاستماع إليهم. ففي حياتنا كلها لم نشهد تحرك بهذا الحجم من الشباب والشعب مثلما نشاهده اليوم، خاصة أن الحركة ليس فلسطينية فقط أو عربية بل نرى أنَّ كل الشباب يتحدثون عن هذه الأفكار.في التظاهرات تستطيعين أن تشاهدي العرب، اليهود والسود والكيبكيين والناس الأصليين، كل الفئات موجودة وهذا مهم جدا بالنسبة لي.

 

البرلمان الكندي تبنى مذكرة تدين المقاطعة .. هل هناك تبعات قانونية للاشخاص الذين يستخدمون المقاطعة؟

أطن أنَّ المقاطعة لها جانبان، شخصي واجتماعي. هنا في كندا على المستوى الشخصي لدينا الحق في شراء ما نريد والمنتج الذي نريد، وبالتالي لا يمكن لأحد إجبارنا لأي سبب من الأسباب على شراء ما لا نريد من أي شركة،سواء شركة كبيرة أو صغيرة أو محل صغير في أحد الشوارع.

وعلى المستوى الشخصي أيضا، إذا سألتني عن عملي مثلا، فأنا لا أشارك مع زملاء يعملون في جامعات إسرائيلية، وبينما هناك ناس يظنون أنَّ هذا التصرف غير صحيح وأنَّه تمييز ضدهم، أنا أرى أنَّ الأمر لم ولن يكن يوماً شخصياً أو ضد الاسرائيلي أو اليهودي، إنه مبدأ. وأيضاً على مستوى المؤسسات التي تقبل التمويل من الدولة الاسرائيلية أنا لا أعمل معهم أوأشارك في أنشطتهم. نحن المهم لدينا هو أن  نشارك في الأنشطة المتعلّقة بالمقاطعة وهذا من أهم الأعمال الاجتماعية التضامنية مع فلسطين.

وسلاح المقاطعة يستخدم في القوانين الدولية، والناس الذين نظموا هذه الحملات يدركون جيداً قواعد المقاطعة في القانون الدولي.

 

حكومة كندا تقدّم الدعم المادّي والعسكري للحرب على فلسطين، كيف يمكن أن يساهم سلاح المقاطعة في مواجهة هذا الدعم؟

اذا سألنا أنفسنا في كندا ما الذي يمكن أن نقوم به من أجل فلسطين؟ الإجابة تكون أنَّ كل شخص في العالم يجب أن يكافح من مكان وجوده، ونحن يجب أن نستخدم الأسلحة التي نمتلكها، وأحدها هي المقاطعة التي تشكل عامل ضغط على الحكومة التي تدعم اسرائيل. لذلك نحن نستطيع أن نضغط على مصنّعي الأسلحة مثل كندا وأميركا اللتان ترسلان جزءا  كبيرا من الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدمها بدورها في الحرب.

فمثلاًنستطيع الضغط  على سكوتشا بنك الذي يستثمر 500 مليون دولار في ألبت سيستمزElbit Systems وهي أهم شركة  أجنبية في كندا غير اسرائيلية تصنّع أسلحة للجيش الاسرائيلي . هنا يجب أن نفكر كيف نضغط على إدارة البنك لتسحب استثمارها وتضعه في أماكن أخرى بعيداً عن الحروب.

وأيضا يمكننا أن نذكر مقاطعة  متاجر ستاربكس كما يحدث اليوم في عدد من المقاطعات، هنا أقول إنَّه بالإضافة إلى هذه الخطوة يجب أن نتحدُّث عنها مع كل معارفنا كخطوة رمزية لزيادة الوعي، وطبعّا الحديث عن المقاطعة وكيف تدعم متاجر ستاربكس الجيش الاسرائيلي والصهيونية، كما يجب نشر الوعي ومحاربة الجهل الاقتصادي من خلال التعليم. هذه النماذج المطلوبة للنضال والمقاطعة ولمواجهة دعم اسرائيل.

 

لأي مدى الأرضية اليوم في كندا خصبة لتفعيل سلاح المقاطعة، وهل تملكين أي بيانات حول الموضوع؟

لا أملك بيانات ولكن أدرك الواقع جيداً لأني عملت على هذا الموضوع منذ حوالي 15 أو 20 عاما، ورأيت انتصارات صغيرة، ورأيت في العالم أنَّ هناك انتصارات تكبر.

يجب أن نفكر أن هذه الأشياء الصغيرة والخطوات المتواضعة ستصبح أكبر بمشاركة ناس أكثر، وأتحدث عن منطقة أميركا الشمالية لا أقصد فقط عددا من المقاطعات. أنا مثلا شاهدت حركات واحتجاجات كبيرةضد سكوتشا بنك في تورنتو وأيضا في مونتريال ورأيت أنَّ الضغط يزداد شيئًا فشيئًا.  فالمقاطعة عملية تراكمية ونتائجها ليست سريعة. فمثلا من يرى المستوى الذي وصلت إليه المقاطعة في  جنوب أفريقيا ويرى نجاحها يجب أن يعرف أنَّها نتاج نضال وعمل طويلين. المقاطعة لا تقتصر فقط على الامتناع عن شراء المنتجات، بل هي أيضاً أن نشارك وأن نتحدث مع محيطنا عن المقاطعة وأن نضغط على الحكومة وعلى الناس الذين يعملون في مجالات الرياضية والموسيقى والافلام  والمؤثرين، هكذا نجحت المقاطعة في جنوب أفريقيا ، بفضل كافة العوامل مرة واحدة. يجب أن نضغط على الحكومة للقيام بسحب عقوباتها على الحكومات التي واجهت اسرائيل، ووقف دعمها.

 

نرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسئلة للعديد من الكنديين حول الشركات التي تدعم اسرائيل، هل هذا يعني أن هناك مشكلة في وضع استراتيجية متعلقة بالمقاطعة، وأين دور الـ BDS ؟

أنا أعتقد أن السؤال عن هذه الشركات جيد بحد ذاته،لأنَّه يثبت أنَّ هناك نشاطا وتوجّها يبنى عليه. يجب علينا جميعا أن نقوم بما نستطيع، وعندمايبدأ الناس بالتفكير بمبدأ الشراء حينها سيتعرفون على قوتهم ودورهم الاقتصادي في المجتمع. واذا أردنا أن نستخدم المقاطعة كسلاح لانهاء الاحتلال يجب التركيز على التحركات التي تشبه الضغط على  سكوتشا بنك، الذي يتعامل بشكل واضح وعلني مع اسرائيل. وقد يكون هناك شركات لها علاقات مع اسرائيل غير واضحة يجب البحث فيها أيضاً. أنا أعتقد أنَّ من يهمه الأمر يستطيع المشاركة في الحديث عن مجالات أحرى وليس فقط اقتصار الحديث عن الشراء من هذه الشركة أو المتجر أو تلك.

يجب أن يفكروا في النقابات  التي ينتمون إليها و في الاستثمار الشخصي، مثلا اذا كنا نمتلك أموال تقاعد يجب أن نذهب إلى  البنك لنعرف أين يتم استثمارها. أنا فعلت ذلك سألتهمإن كانوا يستثمرون أموالي في اسرائيل؟ قالواإن هذه أوّل مرة يطرح علينا هذا السؤال . يجب علينا جميعا أن نقوم بهذه الخطوة .وهذا جزء من الـBDS.

هناك الكثير من الخطوات التي يمكننا القيام بها، ستبدأ صغيرة وستكبر شيئا فشيئا. ووسائل التواصل الاجتماعي واحد من أهم هذه الخطوات الفعالة جداً في الضغط على المؤثرين.

 

هناك من يقول إن مقاطعة الشركات التي تتعامل مع اسرائيل غير ممكنة في ظل وجود عدد كبير منها... ما هي افضل طريقة للمقاطعة؟

بالاضافة الى ما ذكرته سابقاً، فلنفكر أنَّنا كأشخاص نعيش سويًا يجب أن نجمع أهدافنا، ونركّز عليها. وهذا شيء مهم. لا يمكننا أن نتابع كل شي لكن يجب أن نبدأ بخطوات معينة. أين نشتري؟ أين نستثمر؟ مع من نعمل ؟مع من نشارك؟ الوعي مهم جدا في المجتمع.  يوجد كثيرون مثلنا من الناس الذين يتحدثون عن المقاطعة،  لكن في المقابل هناك أشخاص لم يسمعوا بها أبدا. عملنا هو أن نصل إليهم وأن نتحدث عن الصراع مع اسرائيل وهو مهم جداً. خاصة أنَّه في مونتريال وكيبك الناس منقسمة بين مع وضد اسرائيل.
“هناك أيضًا قائمة بالأهداف التي وضعتها لجنة المقاطعة في فلسطين (حركة المقاطعة الإسرائيلية)، للشركات التي يجب التركيز عليها عبر هذا الرابط:  وربما إرشادات للمقاطعة الأكاديمية والثقافية أيضًا عبر هذا الرابط


من لا يمكنه المقاطعة بماذا تنصحينه وما هي الخطوات التي يجب اتباعها ليكون هذا السلاح فعالا؟

لا وجود لشخص لا يمكنه أن يقاطع، جميعنا باستطاعتنا ذلك بدءاً بحلقتنا الضيقة كما ذكرت سابقاً. واذا شعر المرء أن العالم من حوله بعيد عن المقاطعة نستطيع أن نبدأ بهذا الحديث مع محيطنا القريب، وبوجود الانترنت بات اختصار المسافات والوصول إلى مساحات المقاطعة الافتراضية سهل جداً، كما أيضا نستطيع تعليم أولادنا الذين سيكبرون ويقاطعون بدورهم. في كندا هناك فئة كبيرة لا تعرف شيئا عن القضية وهنا يأتي دورنا.

المهم في كندا هو زيادة الوعي حول الصراع مع اسرائيل، والاستعمار والاحتلال وأن يعرف الكنديون والكيبكيون أن كندا ليست بعيدة عن هذا الصراع وأنها متورطة في الاحتلال.