عينٌ على مخلوقات لبنانية غريبة

  • article

د.علي ضاهر - مونتريال

 أهلا بكم في برلمان لبنان بنوابه العِتاق والجدد، المحافظين والتغيريين، السياديين و"التابعين"! إن دخلت اليه تصادفك مخلوقات عجيبة غريبة لا مثيل لها لا في السند ولا في الهند. نظرةُ بسيطة الى مخلوق واحد منها تذكر بالقول الشهير "اعطونا واحدا منها وخذوا ما يدهش العالم"! أما أكثر ما يدهش، فهم النواب السياديون. فكل واحد منهم وحيد عصره بتفكيره وفريد زمانه بمنهجه. خذ مثلا النائب الواقف هناك الذي يدردش مع زميلته. إن نظرت اليه فلن تجد ما يفرّقه عن غيره من ناحية الشكل. لكن، من ناحية المحتوى، يختلف كليا. مكنوناته وتركيبته الفكرية تتحدى قوانين الطبيعة وطروحاته تضرب بالمنطق عرض الحائط. يعتبر نفسه من السياديين. لكن سيادته عبقرية ومبتكرة وفريدة من نوعها لكنها تنضح بالشطارة اللبنانية، ويمكن تسميتها "السيادة التابعة" او "السيادة الملحقة". وهذا الإبتكار الفذّ ليس ببعيد عن ابتكارات لبنانية اخرى، "فذة" وكلها شطارة، كإبتكار "الديمقراطية التوافقية" او"الديمقراطية التحاصصية" او "قوة لبنان في ضعفه" وهو إبتكار مشؤوم كلف خسائر فادحة.  

 قد يقول البعض بوجود تناقض في مفهوم "السيادة التابعة" او "الملحقة". إذ كيف تستقيم السيادة مع الإستتباع والإلتحاق! لا غرابة في طرح كهذا في لبنان حيث يمكن الوقوع على سيادي لا يتكنس من مضارب السفراء وخيمهم، وسيادي متمسك بفستان السفيرة، وسيادي مطالب بإعادة الإنتداب الفرنسي، وسيادي مناضل لإدراج لبنان تحت بند الفصل السابع، وسيادي مطالب بفرض عقوبات جديدة على لبنان وتجويع شعبه. اما اغرب انواع السياديين فهو السيادي الذي يطالب بالتخلي عن قوة لبنان التي تهدف الى تأمين سيادته! يعني سيادي دون قوة تضمن السيادة، وذلك تمشيا مع مفهوم غريب، مَلِيء بالتناقضات والذي يقول أن "قوة لبنان بضعفه" إذ كيف للقوة ان تكمن في الضعف! إلا اذا كان جهابذة السيادة يعتقدون ان تقبيل اليد والتزلف (يعني الضعف) يحمي (يعني يقوي). لقد غاب عنهم ان الذي يقبلون يده ويتزلفون اليه لا يرى فيهم الا أتباع ومدافعين عن مصالحه. وهنا تحضر حكمة لحسني مبارك تقول: "المتغطي بالامريكان عريان".

 على كل حال، هؤلاء السياديون يذكرون بالْحَمْل الكذاب. فالْحَمْلُ الكاذب ويعرف باسم الْحَمْل الوهمي، أو الهستيري حيث تظهر خلاله أعراض وعلامات مرتبطة بالْحَمْل في حين أن المرأة لا تكون حاملًا في الواقع ولكنها تظن انها حامل بسبب إضطرابات نفسية وإجتماعية كبلوغ سن اليأس او التعرّض للإجهاض المتكرر او الإغتصاب او لوجود مشاكل في العلاقات الزوجية او غيرها من الأسباب. فكما هناك ْحَمْل كاذب هناك سيادي كاذب. فالسيادي الكاذب والذي يمكن تعريفه أيضا بإسم السيادي الوهمي، أو السيادي الهستيري الذي يشعر بأعراض وعلامات مرتبطة بالسيادة في حين أنه لا يكون سياديا في الواقع لكنه يتوهم ذلك بسبب تعرضه لأزمات نفسية وإجتماعية تدفعه للإرتهان والعمالة والذيلية والإغتراب النفسي فيشعر بأنّه مسلوب الذات ومستهلكا فيدير ظهره لمحيطه ويتجه إلى الخارج.

*الصورة عن النهار