كندا: ناس بسمنة وناس بزيت

  • article

 د. علي ضاهر - مونتريال

 

حاولت الإتصال بوزاة الصحة. طلبت رقم الهاتف التابع للوزارة. ردّت علي آلة وطلبت مني إنتقاء الخيار المناسب. اخترت ما يناسب حالتي فطلبت مني الآلة الإنتظار حتى يأتي دوري. انتظرت أكثر من نصف ساعة، دون نتيجة. حاولت التشاطر، فقلت في نفسي لماذا لا أحاول غش الآلة فأقوم بإنتقاء خيار آخر! طلبت الرقم مجدّدا، فعرضت علي الآلة إختيارات، كان بينها واحد يقول: اذا كنت أوكرانيا فعليك الاتصال برقم خاص. طلبته، فردّت علي موظفة مباشرة ودون تأخير. لكن، وعندما استفسرت عن حالتي "قمعتني" قائلة: هذا الرقم مخصّص للأوكرانيين فقط، وأغلقت الخط بوجهي!

 كظمت غيظي. ثم حاولت إيجاد تعليل لهذه المعاملة الخاصّة تجاه الأوكرانيين. فخطر على بالي عدة اسباب اذكر منها سببين. الأول يقول ان كندا أصبحت في المدة الأخيرة، فيما يخصّ قضايا متعددة بينها قضية فلسطين وإسرائيل والصين وروسيا وإيران، تلتزم بشكل فاضح بسياسات الولايات المتحدة وانكلترا واستراليا، يعني مجرورة وراء سياسات الدول الانكلوساكسونية. امّا السبب الثاني فيتعلق بكريستا فريلند، الأوكرانية الأصل، وزيرة المالية ونائبة رئيس الوزراء جوستان ترودو – الذي بالمناسبة يبدو وكانه قد تعب من السياسة فتخلى لها عن مهامه او انه وقع تحت تأثيرها سحرها، ليس لجمالها بل لقربها من قوى ضغط محددة ومعروفة، فسرحت ومرحت وانحازت!

 اكثر ما يدل على تأثير كريستا فريلند في السياسة الكندية فيتمظهر اولا من خلال مختلف انواع المساعدات الهائلة المقدمة الى زيلنسكي واعوانه، وثانية من خلال معاملة الاوكرانيين الواصلين الى كندا، الذين يعاملون معاملة تليق بالملوك لدرجة انه ومنذ 13 نوفمبر 2022، تقدم 689854 شخصًا منهم للحصول على تأشيرة وتسلمها 420196. إذ يكفي ان يكون لدى الشخص جواز سفر أوكراني لتشرع امامه أبواب كندا على مصراعيها وليحصل على:

 - تأشيرة لمدة ثلاث سنوات دون الاهتمام بتقييم وضعه

- إقامة مباشرة مصحوبة بتصريح عمل فوري  

- تقديمات للمساعدة على الاستقرار والحصول على مسكن

- بطاقة تأمين صحي

-  تعليم ابتدائي وثانوي مجاني

- منح امتياز ومساعدات اجتماعية

- مساعدة مالية بقيمة 3000 دولار للبالغ و 1500 للطفل بمجرد ان تطأ قدمه الميمونة التراب الكندي لتباركه.

- اعطاء الحق للأوكرانيين الذين لديهم تأشيرة كندية في جيبهم أن يقرروا القدوم إلى البلاد في أي وقت خلال السنوات الثلاث المقبلة.

 هذا هو تأثير كريستا فريلاند. فهي تعامل الاوكرانيين معاملة خاصة لم يعامل بها أحد. حتى اللاجئون الافغان الذين ساعدوا الجيش الكندي وجابهوا النبذ والموت بعد تركهم لمصيرهم، لم تلتفت اليهم كندا ولم تهتم بهم كريستا فريلند. إذ كيف لكريستا فريلند ان تهتم بهم وهم لا يشبهونها: فهي اوروبية شقراء زرقاء وهم آسيويون سمر غبر! اضف الى ذلك انها منشغلة جدا بأبناء جلدتها. قكيف لها ان تهتم بغيرهم!

 وبعد ذلك لا يكفون عن تلاوة مزامير العدل في المعاملة والمساواة في التقديمات والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، متناسين ان على الانسان ان يبذل جهدا مضنيا لعدم تصنيف الاخرين بين السمنة والزيت!.

* الصورة من صفحة الفيسبك التابعة للوزيرة فريلاند