بلدية اوتاوا وشارع جمال خاشقجي

  • article

بقلم هاشم البحراني

بالحد الادنى يعرف العالم كله ان هناك صحفي سعودي اسمه جمال خاشقجي قد راجع سفارة بلده السعودية في تركيا وانه لم يخرج منها لا حيا ولا حتى جثة حيث تم خنقه وتقطيع جسده وحرقه، وان ذلك ليس اكذوبة ولا اتهاما بل حقيقة واقعة ودليلها الذي لا يحتمل التكذيب هو ان القضاء السعودي وبعد ان ضج العالم بهذه الجريمة البشعة قد حاكم مجموعة مسؤولين حكوميين متهما اياهم بقتل الصحفي السعودي وحكم عليهم بمدد زمنية بعد اعترافهم وثبوت التهمة عليهم  .

كما ان الكل يعرف ان هذا الصحفي السعودي كان يعمل في صحيفة الواشنطن بوست الاميركية وانه كان مقيما في الولايات المتحدة الاميركية وانه اراد الزواج من فتاة تركية الجنسية وقوانين بلده السعودية  تمنعه من الزواج الا بعد حصوله على موافقة من الحكومة السعودية نفسها ، وانه تقدم بطلب الى سفارة بلده في الولايات المتحدة الا ان السفارة اخبرته بضرورة الذهاب الى تركيا وتقديم طلب الى السفارة السعودية هناك للحصول على الموافقة الرسمية للزواج، باعتبار ان التي يريد الزواج منها هي تركية الجنسية. بينما السبب المخفي هنا هو ان الحكومة السعودية وجدت ان افضل طريقه للتخلص منه وقتله (لانها تعتبره معارضا لسياستها) هي سفارتها في تركيا، كونها لا تستطيع قتله وتقطيع جسده في السفارة السعودية في اميركا لاعتبارات عدة ، ولذلك وبعد ان تيقنت بانه سافر الى تركيا ارسلت فريق الاختطاف والقتل والتقطيع الرسمي الى تركيا للاجهاز عليه.

ولما كان الاعلام والمعلومات قد ذكرت بان فريق الاغتيال والتقطيع المكوّن من مسؤولين حكوميين كبار قد دخلوا بجوازات دبلوماسية ليتمتعوا بالحصانة الدبلوماسية التي اقرها مؤتمر فيينا عام 1961 للعلاقات الدبلوماسية (التي تمنع محاكمة حملة الجوازات الدبلوماسية اذا خالفوا قوانين البلد الذي يرسلوا اليه او ارتكبوا اي جرم الا اذا وافقت حكومتهم الاصيلة برفع الحصانة عنهم )، فان هذا يعني بان الحكومة السعودية بعد ان بيّتت النية في قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي وانها امنت لفريق القتل  الحصانة الرسمية الكاملة بعدم القبض عليهم في تركيا وعودتهم دون مسائلة الى السعودية وهو ما حدث فعلا.

وحيث ان العالم كله قد علم  بتفاصيل الجريمة الوحشية وكتب ونقل عنها الاعلام العالمي وشجبتها المنظمات و المؤسسات الحقوقية والمدنية والدولية واستنكرتها لقساوتها ووحشيتها ودمويتها ، ورغم ان المتعارف عليه بان السفارات تمثل ملاذا آمنا لمواطنيها يلجؤون اليها اذا داهمهم خطر معين او حلت بهم مشكلة فان هذه الجريمة قد هزت العالم كله حيث تحول المكان المفترض به ان يكون آمنا الى مسلخ بشري يقتل فيه المواطن وتقطع اوصاله بالمناشير ويحرق ، فان حماية المواطنين السعوديين على الاراضي الكندية وبالاخص من يعتبرهم الحكم السعودي معارضين هي ابسط الحقوق التي يجب ان يتمتعوا بها ، وبما ان حكومتنا الكندية التي ترفع شعار حقوق الانسان شرقا وغربا وبمناسبة وبدون مناسبة قد اغمضت عينيها عن هذه الجريمة البشعة لاسباب سياسية تربطها بالحكومة السعودية ومصالح معينة تغلفها بالمصالح الاقتصادية فاننا لا نفقد الامل ببعض المؤسسات المدنية الخدمية التي لا تحكمها السياسة ولا المصالح الضيقة مثل بلدية اوتاوا والتي من مهامها تسمية الشوارع و المتنزهات وغيرها ان تنتصر لحقوق الانسان وتقوم باطلاق اسم جمال خاشقجي على الشارع الذي يقع فيه مقر السفارة السعودية في العاصمة اوتاوا لكي يبقى المسؤولون السعوديون الحاليون والذين سياتون لاحقا كممثلين لحكومتهم يتذكرون ما ارتكبته حكومتهم بحق احد مواطنيها وان لا يفكروا يوما بايذاء اي مواطن سعودي باي طريقة كانت. خصوصا وان هناك محاولة سعودية فشلت في ادخال فريق امني (لم يعرف سبب واهداف مجيئه الى كندا) حاول الدخول الى الاراضي الكندية بطريق رسمي ولكن بمعلومات مغلوطة وغير صحيحة  كشفتها الاجهزة الامنية الكندية واعادته دون الاعلان عنه. وهذا يعني ان الحكومة السعودية لن تتوانى في ارتكاب جرائمها في اي بقعة في العالم. ولذلك ستكون تسمية الشارع باسم شارع جما خاشقجي تذكيرا دائميا للحكومة السعودية بضرورة احترام حقوق مواطنيها اينما كانوا لان هذا الاسم سيبقى مقابلا للبعثة السعودية على الدوام .
ترى هل تستجيب بلدية اوتاوا لهذا النداء وتنتصر لحق انسان تعرض لابشع انتهاك لحقوقه ام ان حقوق الانسان لا تعني كل انسان كما تفسره الحكومة ؟

   

*مصدر الصورة: SimonP    https://commons.wikimedia.org/wiki/File:Saudi_Arabia,_Ottawa.JPG