بايدن، نتانياهو، فريلاند وثقلاء الدم

  • article

د. علي ضاهر

 ثقيل الدم موجود من سالف الأيام وغابر الأزمان. انه مكروه لا مفر منه. قلة من الناس حباهم الله بقدرة التعايش مع ثقلاء الدم. امّا الكثرة فلم يرزقها الرحيم موهبة تحمل ثقلاء الدم وحرمها نعمة القدرة على مساكنتهم او مجاورتهم. ثقل الدم فطري، يأتي بالولادة ثم يُغذّى ويُطوّر ويُصقل ليصبح صلب العود، عصيّا على القهر. فثقل الدم لا يُقهر، لا يُغلب ولا يُستأصل. لا إنسان ولا أمّة نجحت في القضاء عليه، وما من إنسان، مهما علا كعبه، وتوسعت قدراته، وما من أمة، مهما بلغ تقدمها، استطاعت إيجاد وسيلة او تعويذة او تميمة او حتى حجاب يدفع أذى ثقيل الدم. ما من طريقة يمكن فيها كفّ شره، لا الدعاء ينفع ولا الضرب ولا الشتم ولا البهدلة ولا الحجر يفيد. الموت وحده كفيل بإسكاته. لكن موت ثقيل دم لا يعني خلاصك منه! فسرعان ما يأخذ مكانه ثقيل دم ألعن وأفك رقبة. فإختفاء ثقيل دم وانقشاع همه حالة مؤقته ولا "تصل الفرحة للقرعة"، كما يقال بالعامية، حتى يطل عليك ثقيل دم أخر.

 الإنسانية عرفت العديد من ثقلاء الدم عبر تاريخها. الصبر وحده هو الأمل الوحيد المتاح لتحملهم. جلال الدين السيوطي الف كتاب "إتحاف النبلاء بأخبار الثقلاء"، جمع فيه أخبار ثقلاء الدم، ولخص فيه استسلام الإنسانية امام ظاهرة ثقل الدم بطُرفة على لسان الأعمش، عالم القرأن والفرائض والقراءات، الذي حين قيل له: ما عوَّضك الله من ذهاب بصرك؟ أجاب: أن لا أرى به ثقيلا!

 من لم يجالس او يلتق بثقيل دم، فليتقدّم ويرميني بحجر! فحتى ان ارتحت من ثقيل دم لفترة، فلن تتخلّص من غيره فستتحفك الاقدار بألعن. وهذا مثل من كندا: ستيفين هاربر رئيس الوزراء الكندي الأسبق وزعيم حزب المحافظين كان يمتاز، بإعتراف الكثيرين، بثقل دمه، ليس من الناحية السياسية فقط، بل ومن الناحية الإجتماعية والشخصية ايضا، فعندما رحل ارتاح الناس من ثقل دمه ولزاجته، فهل الذي حلّ محلّه دمه أخف؟ إرين أوتول، خلف ستيفين هاربر وشغل منصب زعيم حزب المحافظين لفترة. فهل استمعت يوما الى إرين أوتول يتكلم؟ وهل تمعنت فيه؟ الله اكبر! المصيبة ان الكنديين على وعد بخليفة لجيستان ترودو على درجة عالية من ثقل الدم: او كريستيا فريلاند الليبرالية المتأمركة-المتأكرنة او بيير بواليفر المحافظ. الإثنان من ذوي الدم الثقيل اللزج!

 نتنياهو مشهور بثقل دمه. وقفته المجبولة بالتكبّر زادت ثقل دمه درجات. اندحر نتنياهو لفترة وإذا بالثنائي "بينيت –لبيد" يَبرُكان محله، فهل استطعت يوما النظر اليهما او استمعت الى منطقهما! فيا لطيف الطف بنا في قضائك وقدرك والذي اعاد الينا نتنياهو بنسخة مجددة مجبولة بثقل دم اكثف!

  بايدن حل محل ترامب فهل دمه اخف؟ لا والله! المصيبة تتمثل بمحاولة ثقيل الدم اظهار خفة دمه، "هضمنته" كما يقال بالعامية، كما يفعل بيدن. فهو عندما يحاول ان "يتغندر" يتعثر ببحصة، فيقع؛ وعندما يسعى لإلقاء طرفة يخلط عبّاس بدبّاس، فتتحول الطرفة الى مأساة؛ وعندما يركب دراجة لإظهار حيويته، يسقط ارضا؛ وعندما يصعد سلم يَكبُو عدة مرات!  والله ترامب، على علاته، "ينغسل عنه 100 زوم". فسقا الله أيام ترامب! فالناظر الى بايدن لا يسعه ألا قول: "الله يرحم خفة دمك يا ترامب".

 *الصورة من موقع الحكومة الكندية