أزمة حلال؟!

  • article

معن سمحات - مونتريال

ما نلبث ان نجتاز ازمة حتى نصطدم بأخرى. فهذه سُنّة الحياة الى يوم الدين .والازمات مثلها مثل اي عقد اجتماعية ، منها العابر و منها ما يترك الاثر الكبير على حياة الانسان سواء سياسيا او اجتماعيا . و لعلّ ابسط الازمات تلك التي تمر دون ان تمس العقيدة، الديانة أو حياة المرء.

في خضم هذه الازمات، تلوح في الافق ازمة ربما البعض يعتبرها جانبية او سابقة لاوانها ،امّا المطلعين على الامر بشكل عام يرون الناحية الايجابية فقط لان سلبياتها بعيدة المدى و تأثيرها روحاني و عقائدي اكثر مما هو مادي.

اللحوم الحلال بدأت تغزو المتاجر الكبيرة بأسعار مغرية في ظل سيطرة كبرى الشركات على المسالخ و الذبح الحلال . تتفاوت هذه الظاهرة بين مقاطعة و اخرى و لكن حسب المعلومات الواردة فإن مقاطعة اونتاريو سبقتنا في كيبيك بأشواط في عرض منتجات حلال مصدرها شركات اخرى غير متعارف عليها . و سوف اتجنب ذكر الاسماء لاسباب قانونية و منعاً للترويج . بدأت هذه الشركات و منذ عدة سنوات في عرض منتجات عربية و لكن صناعة محلية كندية و قد لاقت استحسانا كبيرا لدى المستهلك الشرقي وخاصة ان المنتج حافظ على نفس المذاق و نكهات متعددة و لكن بحلّة جديدة. و قد استمر الامر لسنوات محصوراً بين المعلبات مثل الحمص وبعض انواع الجبن ال ان وصل الامر الى طرح الدجاج الحلال و يجري الآن العمل على طرح اللحم الحلال و بالطبع السعر لا يقارن بالملاحم و متاجر الحلال الصغيرة موثوقة المصدر.

على صعيد كيبيك، يتم تهيئة الارضية بما لا يقبل الشك لحصر الذبح الحلال بحجة الامن الغذائي. ولا استبعد إن فشلوا في تنفيذ هذا المخطط ان تسن حكومة كيبيك قانون مشروع على غرار قانون 101 من اجل فرنسة المقاطعة الفرنسية و حمايتها مع العلم ان مدينة مونتريال على سبيل المثال هي ثاني اكبر مدينة في العالم تتحدث الفرنسية بعد باريس.

كيف تعمل كيبيك على هذا المشروع؟

طبعا نحن و بالرغم من كل ما يحدث نبقى في دولة قانون ، و إن كان هذا القانون احياناً يصبح مثل (قانون حسني البورظان) لذلك هناك جمعية كيبيكية تلجأ الى الترغيب بعرض مبالغ كبيرة لشراء المسالخ و حصرها بيد كيبكيين فقط. اضف الى ذلك عدم اعطاء تراخيص جديدة لمسالخ جديدة. اما ذبح الحلال فيكون على بإشراف مسلمين من غير ان يكونوا مالكين للمسالخ، أي اننا لا يحق لنا او ليغيرنا ان نتملك مسلخ نشرف عليه.

لعلّ هذا الامر ايضا له ايجابيات فربما يفرمل قليلا اسعار اللحم الحلال التي تزيد على المسلم غربة فوق غربته و كأنه عليه دفع ثمن ما امره الخالق جلّ جلاله ان ياكله بالحلال، التجارة حلال و البيع و الشراء حلال و لكن ايضا لا بد من مراعاة المواطن المسلم الذي اصبح ذات وزن في السوق الكندية لذلك تتجه هذه لاسترضائه و تأمين ما يحتاجه في متاجرها و بأسعار تناسبه.

هذا المقال لا يطرح الحل و إنما يسلط الضوء على معضلة حقيقية قادمة لا مُحال و إن اختلفت ازماتنا وتشابهت مأساتنا، حتى تقع الكارثة، سواء سياسية اجتماعية او دينية.

نحتاج الى ترتيب الاوليات و "ما يحتاجه البيت يُحرم على الجامع" و "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة".

* الصورة : Raysonho @ Open Grid Scheduler / Scalable Grid Engine