تعويض الاميركيين من اصول افريقية

  • article

حسين الهاشمي ـ مونتريال

ما دامت الجرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم والقوانين تؤكد على تعويض ضحايا التمييز العرقي والعنصري واذا لم يكن ازدواج في المعايير وانه ليس هناك ( ناس بزيت وناس بسمنه) كما يقول المثل اللبناني ، فلماذا لاتقوم الادارة الاميركية بتعويض المواطنين من الاصول الافريقية عن الجرائم العنصرية التي ارتكبت بحق اجدادهم بعد ان جيء بهم عنوة وبالقوة وعن طريق الاختطاف من افريقيا الى الاراضي الاميركية حيث تم استعبادهم بكل وحشية وهمجية وقسوة منذ عام 1619 وحتى عام 1866 حيث تم الغاء العبودية والرق .

فكل الشواهد التاريخية والوقائع تشير الى ان اي مواطن افريقي لم يهاجر الى اميركا في تلك الفترة وان اول ظهور لهم كان عبر القراصنة والتجار الذين اختطفوهم من اراضيهم وبلدانهم الاصلية ونقلوهم بابشع الصور واقسى الظروف عبر السفن ومن خلال حبسهم في قاع السفن وربطهم بالسلاسل، ومن يموت منهم يلقى بالبحر او يتم بيعهم في الاسواق عبر مزادات علنية بشعة يندى لها جبين اي شخص يشعر بانسانيته. ثم كان تشغيلهم باعمال السخرة وامتهان كراماتهم وتفريق العوائل واغتصاب النساء وقتل الرجال لابسط الاسباب، بل وحتى قطع اصابع يدهم حتى لا يتعلموا القراءة والكتابة وانتهاك حقوق الاطفال والتعامل معهم باقسى ما يمكن وبوحشية لامتناهية، وصل الى احراقهم احياء لاتفه الاسباب. ومن هنا يكون حقيقة وواقعا انهم جيء بهم دون رغبتهم ورغما عنهم وعانوا اشد المعاناة بسب جشع وقسوة وعدم انسانية مجاميع من البشر سعوا الى  تحقيق مكاسب مادية وسطوة اجتماعية، وان حكومات الولايات والمقاطعات قد ساهمت مساهمة كبيرة في تاصيل وشرعنة بل وسن القوانين لحمايتها واستمراريتها وتنفيذ اقسى العقوبات بحق من كان يهرب او يرفض ان يباع ويرق. وعليه تتحمل الحكومات والافراد تبعات هذه الجرائم البشعة وواجب عليها الان منح التعويض لاحفادهم واحفاد احفادهم عما لاقاه اجدادهم من ظلم وقسوة ووحشية وتعذيب وامتهان .

ان نظام الرق و الاستعباد وما نتج عنه من معاناة وألم وازهاق ارواح الآلاف هو جريمة ضد الانسانية بكل ما تعني من كلمة. وان اقرار الحكومات انذاك لهذه الجريمة واعتبارها قانونية لا يعفي الحكومات الحالية من تحملها للمسؤولية بالعنوان الرسمي، كونها امتداد لتلك الحكومات والعمل على تعويض احفادهم. رغم ان التعويض مهما كان لا يعوض عن الالم النفسي و الجسدي الذي عاناه اجدادهم .

ان حكومة الولايات المتحدة الاميريكة التي تطالب اليوم بتعويضات لبعض مواطنيها من حكومات او مؤسسات اجنبية نتيجة تعرضهم لمخاطر او غيرها حري بها ان تعوّض مواطنيها الذين هم من اصول افريقية عما حدث لاجدادهم بتغطية وحماية رسمية وقانونية وقضائية.

وحيث ان مبدأ تعويض من تعرض للظلم والاضطهاد لا تختص بقومية او دين او مذهب او فئة او جماعة معينة وانه ان جاز التعويض لفئة او مجموعة نتيجة تعرضها لظلم كانت فيه غير قادرة للدفاع عن نفسها او ان حكومة معينة استغلت قوتها الرسمية لانتهاك حقوق اناس معينين فان تعويض من تم اختطافهم بقوة السلاح من بلدان اخرى واستخدام ابشع الاساليب في نقلهم الى بلدان اخرى لا علاقة لهم بها واستخدامهم كرقيق وبيعهم وشرائهم (خصوصا وان كل تلك الجرائم والاحداث موثقة ومؤرخة في كتب رسمية و بحوث وكتب تاريخ وافلام سينمائية) لهم الحق بالتعويض المادي وان لم يكونوا احياء فان لاولادهم او احفادهم الحق في التعويض لان الجرائم ضد الانسانية لا تسقط لا بالتقادم ولا بموت الضحية ولا بالاعتذار كلاميا وانشائيا. وعليه فان المواطنين الاميركيين الحاليين من اصول افريقية يستحقون التعويض عما لاقاه اجدادهم الذين لم ياتوا بارادتهم الى هذه الاراضي. سيما ان تقدم العلوم بشتى مجالاتها يمكنها من تحديد الانساب وممن ينتمي الى الئك الاوائل ام ممن جاء مهاجرا بعد ذلك وبملء ارادته .

قد يكون هذا الموضوع غريبا نوعا ما ولكن يجب بقاء فكرة ان الجرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم وان قضية تعويض ضحايا هذه الجرائم يجب ان تتم مهما طال الزمن ليكون رادعا لكل من تسوّل له نفسه انتهاك حقوق الاخرين والتمييز ضدهم لاسباب عرقية او قومية او دينية، الا اذا كان المبدأ هو المعايير المزدوجة وان هناك "ناس بسمنة وناس بزيت".

مصدر الصورة عبر ويكيميديا كومنز:  https://www.ocf.berkeley.edu/~arihuang/academic/abg/slavery/history.html