30  سنة من الغربة الكندية ..

  • article

علي ابراهيم طالب ـ وندسور

 قصتي تتمثل وباختصار شديد عندما كنت في الوطن الحبيب شاءت الظروف العديدة ان أحضر الى هذه الغربة البعيدة جداً ، التي اسأل الله تعالى صبحاً وعشية أن لا ابقى فيها وأعود للعيش في ذلك الوطن الحبيب والغريب في آن معاً .

حكاية غربتي الكندية هذه أصبح منذ 30 عاماً بالتمام والكمال. حضرت من ذلك الوطن المُعذّب الذي عانيت فيه كمعظم سكانه من عذاب الحياة والعيش. وعندما حضرت الى هنا بدأت معي رحلة عذاب من نوع آخر، هي العذاب في الغربة المريرة من اجل ذلك الوطن. فأصبحت تلك الرحلة من العذاب مزدوجة داخل الوطن وخارجه. وهنا يتضاعف الألم والعذاب على كافة مستويات هذه الحياة.

أواجه في حياتي اليومية في غربتنا هذه بعض الاشخاص الذين وصلوا الى مرحلة بات فيها الوطن وأرض المولد والأهل والأصدقاء وكأنه شيئ من الماضي . وان كان الوطن الام مؤلما للبعض فهذا لا يبرر البتة هذا الجحود وعدم الحب والتقدير لأرض الأجداد، مهما كانت الظروف الخاصة والمختلفة بين شخص وآخر والتي دفعت المرء لترك الوطن والسير في طريق الغربة الأليم من أجل مستقبل أفضل او حياة اخرى عما عهده المرء في وطنه الأم.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي يوماً:

وطني لو شُغلت بالخلد عنه

لنازعتني إليه بالخلد نفسي

لا أستطيع ما حييت نسيان تلك القصة التي رويت أمامي منذ سنوات طويلة وتقول: أن احد المواطنين من احدى الدول العربية، مقيم منذ سنوات طويلة في احدى بلاد الإغتراب التي تعطي الجنسية لكل مقيم على أراضيها بشكل شرعي بعد مرور وقت مُعين، حيث يتم ذلك في حفل خاص تُسّلم فيه الجنسية لمن يستحقها. ولما جاء دور ذلك الشخص العربي لاستلام جنسيته الجديدة سألته القاضية : الآن انت حصلت على جنسية هذا البلد فماذا ستفعل بجواز سفرك من وطنك الام ) ؟؟

 فما كان من ذلك الشخص العربي إلا ورفع جواز السفر امام القاضية وقام بتمزيقه وسط ذهول القاضية والحضور. فما كان من القاضية إلا ان قامت بطرده من قاعة الاحتفال وحرمته من الحصول على تلك الجنسية مدى الحياة ووجهت حديثها الى ذلك الشخص بقولها ( اذا كنت لا تحترم بلدك الام وموطنك ومسقط رأسك وجواز السفر منه ، كيف تريدني أن أثق بك وأعطيك جنسية هذه  البلاد. ان طلبك للحصول على الجنسية  مرفوض والى الابد  وأدعوك الان للخروج من هذه  القاعة فورا . واذا لم تفعل فأني  سأستعين برجال الشرطة ليفعلوا ذلك).

انها قصة حقيقية حصلت وللأسف في احدى بلاد الاغتراب ومن رواها لي لا يزال حيا يرزق .

الوطن: ما هو الوطن ؟ فندق نعيش فيه لفترة ومن ثم نغادر؟ ، ام جواز سفر ، ام هو حقيبة سفر ندور بها مطارات وبلدان العالم قاطبة ؟

وطني الحبيب الغالي : اذا كتبّ عليّ وعلى غيري من الناس أن نتعذب فيك ، فها نحن لا زلنا نتعّذب لأجلك. وهنا لعمري تكون الآلام والعذابات مضاعفة تصيب القلب والعقل والضمير في آن معاً . فلك كل الحب والمودة أيها الوطن الحبيب فلم ولن تستطيع المسافات البعيدة أن تمحو من قلبي كل الحب والوفاء لأرضك الطاهرة الحبيبة.

لا يعرف معنى الغربة الحقيقية الا من تلظى  بسياطها على كافة الصعد ولكل شخص حكاياته وقصصه مع تلك الغربة  نفسها  ..

على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ، ولقاؤنا معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع الاعلامي جريدة صدى المشرق .

 للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني

                                           : visionmag64 @Gmail.com

الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك

                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB