أيتام بلا هوية

  • article


حسين السعيد - مونتريال


 قبل أكثر من أسبوعين كنت أتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ومررت بموضوع كان كاتبه يشير الى ان إحدى العوائل العربية فقدت الاب والام على التوالي بعد تعرضهم لأمراض ألمت بهم، وكانوا قد تركوا صبياناً بلا معيل ولا يعرفون أحدا في كندا.

انتابني الحزن على هؤلاء الصبية بعد أن تيتموا وأصبحوا بلا معيل يعينهم، يأخذ بأيديهم لأكمال مشوار حياتهم وبدلاً من أن يحلموا مثل الصبية الاخرين وينعموا بدفء مشاعر الاب والام ويناموا تحت سقف البيت الأمن والدافئ فتبدد سعدهم وتفرقت آمالهم وأصبحوا الان في المجهول.

هنا في هذه النقطة توقفت قليلاً وسألت نفسي سؤلاً قد سألتم أنفسكم كذلك عنه؟ لمَ لم تقم الجالية العربية وهم بهذا الحجم من احتواء أيتامها ومحتاجيها في دور تنشئها وبأشرافها، تأويهم وتحتويهم وتعلمهم وتنشئهم وفق العادات والتقاليد العربية الاصيلة، يتعلمون ثقافة أبائهم وأجدادهم ويتعلمون لغتهم الام اللغة العربية الاصيلة أضافة للغات الحية الأخرى.

بالعادة سينتقل هؤلاء الأطفال والصبية الى دور رعاية ستسلمهم الى عائلات تتبناهم وقد ينفصلون عن بعضهم البعض ويتشتتون وينشؤون على عادات وتقاليد لا تمت الى أصولهم العربية بصلة وقد لا يتعلمون العربية اصلاً وسيذوبون ذوبان الملح في الماء بدلاً من الاندماج والاحتفاظ بأرثهم اللغوي والاجتماعي.

التقيت بالعديد من العرب ممن نشؤوا في كندا وكانوا مع الأسف لا يتقنون أو لا يتحدثون اللغة العربية مع العلم أنهم من ابوين عربيين ولكنهم استسهلوا الذوبان في المجتمع بدلاً من الاندماج ففقدوا هويتهم الثقافية وفقدوا القيم والتقاليد الخاصة بمجتمعهم العربي وتكيفوا مع القيم والعادات الغربية.

هؤلاء الايتام يحتاجون لرعاية واهتمام خاصين بهدف تعويض حالة الحرمان والنقص التي يشعرون بها، فهم بحاجة للرعاية العاطفية والدعم النفسي، ويجب على المجتمع أن يتعامل مع الطفل اليتيم بلطف وحنان، وأن يعمل على بناء ثقتهم بأنفسهم وتعزيز شعورهم بالمقبولية والانتماء، بالإضافة الى تلبية احتياجاتهم المادية الأساسية، مثل الطعام والشراب والملابس والسكن.

هي دعوة لاحتضان أبناء الجالية من الايتام وأنشاء دار لرعايتهم واحتوائهم وتنشئتهم وفق بيئة حانية ودافئة ينهلون العلم والمعرفة وينشؤون ويتعلمون لغتهم العربية الاصيلة ويتواصلون مع مجتمعهم العربي الأصيل.

*تم استخدام صورة غلاف هذه المقالة لأغراض توضيحية فقط.