بشرى وعمر والعنصرية

  • article

د. علي ضاهر

خلال الفترة القصيرة الماضية شهدت كندا حدثين مهمين، تمثّل الاول بقيام رئيس وزراء كندا بتعيين السيد عمر الغبرا وزيرا للنقل والمواصلات، وتمثّل الثاني بإختيار الدكتورة بُشرى مناعي كأوّل مفوّضة لمكافحة العنصرية في بلدية مونتريال، وذلك بهدف تسريع تحوّيلها الى مدينة أكثر عدلاً وتمثيلاً لتنوعها.  لكن وبمجرد ان تمّ تعيين هاتين الشخصيتين المسلمتين العربيتين في مناصب حسّاسة حتى صدرت أصوات معارضة أظهرت عنصرية مقيتة تجاه المسلمين العرب كامنة في نفوس بعض السياسيين والصحفيين الكنديين.


لن أتكلم عن الصحفيين والإعلاميين الذين عارضوا تلك التعيينات والتي فاحت من كتاباتهم وأقوالهم روائح كره عنصرية بغيضة ضد المسلمين العرب، فأقوال هؤلاء وكتاباتهم، وان كان لها بعض التأثير، الا انها ليست كتلك التي تخطّها أقلام وتصدر من أفواه الحكام ورجال السياسة والتي لها مفاعيل قوية ومؤذية، قادرة على تحريك فئات من الجماهير ودفعها للتحرّك، كما أظهرت  ذلك بوضوح غزوة البيت الأبيض الأخيرة والتي نفخها غير المأسوف على رحيله، ترامب.



فرانسوا ليغو رئيس وزراء كيبيك أعلن إن ترشيح بشرى مناعي مشكوك فيه لمواقفها وحملتها ضد قانون العلمانية، وان اختيارها خاطئ.  فهو كما قال، لا يقبل أن يشغل هذا المنصب من كانت المتحدثة باسم المجلس الوطني للمسلمين الكنديين، لتجرأها على رفع دعوى للطعن في مشروع القانون 21. وكأن ليغو يريد ان يقول ان الدفاع عن حقوق المسلمين خطيئة وعلى المدافع عنها ان ينال جَزاءَه ويعاقب بينما من يدافع عن باقي المؤمنين كالمسيحيين واليهود او عن العلمانيين يجب إكرامه.

و بدوره، مسيو بلانشيت، زعيم كتلة كيبيك (بلوك كيبيكوا) شنّ هو الاخر هجوما على وزير النقل والمواصلات عمر الغبرا متهما إياه بإرتباطه بالاسلام السياسي ومتسائلا عن دوره كرئيس سابق "للإتحاد العربي الكندي". وكأن بلانشيت يريد بذلك القول ان الإرتباط بالعروبة والاسلام يمثل خطرا على كندا بينما باقي أنواع الإرتباطات كالإرتباط بإسرائيل والعمل لها وتجنيد الشباب الكندي في جيشها او الإرتباط ببولونيا او غيرها والترويج لها كله خير وقوة وإشعاع لكندا.

لكن هذه التعيينات أظهرت: 1) ان بين المسلمين والعرب الكثير من المواهب والمعارف تسمح لهم بشقّ الطريق الى المناصب المهمة بالرغم من الحواجز الكبيرة التي تضعها أمامهم قوى دينية وسياسية معينة؛ 2) ان العنصرية تجاه الاخر ما زالت موجودة في كندا لكنها تتمظهر بدرجات قوة مختلفة أقواها العنصرية تجاه المسلم ولا سيما اذا كان مسلما عربيا؛ 3) ان الإعتراض على التعيينات التي صدرت هي محاولات لتثبيط عزيمة المسلم العربي وإحباطه وعرقلة عملية وصول من هم من هذه الأصول الى مراكز مهمة؛ 4) وأخيرا، وهذا هو المهم، فان الإعتراض على هذه التعيينات يهدف الى تخويف المؤسسات والشركات الكندية وصرف نظرها عن تعيين مسلم او عربي.