غسان عجروش - مونتريال
انتقدت الصحف الهندية والعالمية، رئيس وزراء كندا جاستن ترودو بشدة، خلال الزيارة التي قام بها الى الهند ، من أجل توقيع معاهدات إقتصادية وزراعية وتكنولوجية . الزيارة باءت بالفشل الذريع من كل الجوانب للأسف . الحكومة الهندية اعلنت تجميد هذه المفاوضات وذلك بسبب سماح الحكومة الكندية للانفاصاليين الكنديين من أصل هندي بالتظاهر ضد حكومة رئيس وزراء الهند "نيراندا مودي"، وهؤلاء ينادون بدولة إنفصالية واقعة في إقليم البنجاب الهندي وبالتالي قيام دولة خاصة بهم. يطلقون عليها إسم "خالستان".
الصحف الهندية أظهرت صورة لرئيس وزراء الهند "مودي" يشير بها نحو "ترودو" الى الخروج ، تحت عنوان ( way out - واي اوت) ، في مشهد لا يليق برئيس وزراء دولة كبرى مثل كندا. كي يزيد من الطين بلة تعطلت الطائرة الرئاسية الكندية ، ولم يستطع العودة الا بعد اصلاحها في اليوم التالي .
"ترودو " الغاضب جدا من الاهانة الهندية أتى ليعاقب الهند من خلال فتح ملف إغتيال زعيم طائفة السيخ في بريتش كولومبيا "هارديب سينغ نيجار" الذي أغتيل في شهر حزيران الماضي من هذا العام وإتهم حكومة " مودي" بهذا الاغتيال، الذي خلق توترا دبلوماسيا بين الحكومتين الهندية والكندية .
لماذا يفتح "ترودو" ملف تحقيق ( محق) بمقتل مواطن كندي بعد ٤ أشهر من إغتياله، وما هي مصلحة كندا في خلق مشكلة مع دولة إقتصادية كبرى مثل الهند في هذا الظرف بالذات؟ وهل من الحكمة بمكان تفضيل مصلحة شخص أو مجموعة على مصلحة الدولة؟
في المقلب الآخر ، ليست المرة الاولى التي تتعطل فيها الطائرة الرئاسية الكندية ، الأمر محرج بالنسبة لرأس الدولة وسمعتها وصورتها ومع ذلك يتكرر .
القصة لم تقف عند هذا الحد ، بل ان الصحف الهندية أرادت إهانة كندا أكثر ونشرت جرائدها تقريرا حول الوضع في كندا بشكل عام، لدرجة إنتقاد "جاستن ترودو " أو الدولة الكندية التي لا تملك مقر إقامة يليق باسمها وشعبها وسمعتها . بالفعل، المنزل التاريخي الرسمي لرئيس الوزراء والذي ولد فيه جاستن إبان حكم والده " بيار اليوت ترودو" الواقع على 24 sussex driv ، هذا المنزل بات مقرا للاهمال والخراب ووكرا للفئران بعد رفض رئيس الوزراء الحالي اصلاحه وترميمه بحجة عدم صرف أموال دافعي الضرائب .
عرف العالم البيت الابيض والكرملين والشانزليزيه و داوننغ ستريت وغيرها من القصور العربية والاوروببة والآسيوية والافريقية الفاخرة وباتت أماكن سياحية يتوق السياح لزيارتها والتعرف عليها وهي أيضا تعبر عن صورة وجه الدولة في حين منزل رئيس وزراء كندا الواقع على 1 sussex drive في العاصمة أوتاوا أقل بكثير من عادي وليس على مستوى إستقبال الرؤساء والملوك والامراء الخ . فهل كندا الدولة قاصرة عن إمتلاك أفضل الطائرات وأفخم القصور، او على الاقل تحديث المنزل الحالي؟
إذا طائرة رئاسية تتعطل للمرة الثالثة خلال زيارات رسمية ومنزل بسيط لا يقارن بباقي منازل رؤساء العالم ووضع صحي متعثر بالبلاد ينتظر فيه المريض سنوات من أجل إجراء عملية جراحية معينة بسبب نقص في الاطباء و الممرضات والممرضين . وماذا بعد ؟
دفاعيا، الجيش الكندي بسيط العدة والعتاد.ويقول الخبراء أنه ان تعرضت كندا لهجوم روسي من ناحية القطب الشمالي فإنها لن تصمد طويلا . تربويا، نقص في الكادر التعليمي في المدارس والجامعات .
أمام هذه النكسات التي نواجهها نجد رئيس حزب الليبرال الفدرالي ، رئيس وزراء كندا يهتم بأمور على غير ذي أهمية مثل الحرص على حقوق المثليين المفرطة ، اما من حيث دعم أوكرانيا العسكري والمادي فالامر أصبح مبالغا فيه ، بل ويصرف أموال طائلة ( من جيب دافعي الضرائب طبعا) على مساعدة أوكرانيا التي بلغت حتى اليوم 905 بليون دولار . أوكرانيا بلد معروفة بتفشي الفساد فيها وبالفعل فإن رئيس أوكرنيا فلاديمير زيلينسكي أعلن عن إقالة عدد كبير من المسؤولين العسكريين بتهمة الفساد وقبض الرشاوي وبيع الاسلحة .ومع ذلك يغدق " ترودو" الاموال دون حسيب أو رقيب في حرب أميركية روسية ليس لنا مكان فيها .
عرفت كندا بتوجهها السلمي وسياساته الخارجية الداعمة للسلام وحفظ الامن وبرزت على الصعيد العالمي كذلك. كما حرص رؤساء وزراء كنديون سابقون على فصل السياسة الكندية عن الاميركية وعدم التبعية. إنما الوضع ليس كذلك مع حكومة جاستن ترودو وباتت كندا جزءا لا يتجزأ من السياسة الاميركية مما يحملها تبعات سلبية مع بعض الدول ومشكلتها مع الهند المستحدثة ليست النهاية .
جاستن ترودو المتهالك شعبيا واستطلاعيا عليه أن يحسن أدائه قبل ان يحول الحزب الليبرالي الى الاندثار .
*تم استخدام صورة غلاف هذه المقالة من Freepik