عينات من غرائب ونفاق رؤساء أمريكا

  • article

 

د. علي ضاهر

 عالم السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية عالم عجيب غريب. لا خرافات ليلى عبد اللطيف ولا خزعبلات ميشال حايك ولا تنجيمات ماجي تصلح لإستكشاف مساراته وسبر أغواره. فالواقع السياسي الأمريكي أخصب من التنجيم وأغنى من الخيال. فقد أتحف وما زال يتحف الحياة السياسية برؤوساء لا تخطر لا على بال العفاريت ولا على خيال الجن الأزرقِ. الأمثلة على ذلك أكثر من أن تُحصى. وهاكم بعضها:

 من يمكنه الظن ان الرئيس بنجامين هاريسون كان يرتعب من الكهرباء! فهو وزوجته، كانا يرفضان لمس مفاتيح الكهرباء. لقد أمضيا مدّة الرئاسة دون كهرباء في البيت الأبيض حيث كانت الإضاءة تتوفر عبر أضواء الغاز.

 هل لعاقل التصور ان ويليام هوارد تافت، المشهور ببدانته وليس بطوله كما هي حال معظم رؤساء الولايات المتحدة إذ ان الشعب الأمريكي يفضل إنتخاب طِوَال القامة لتَبَوُّؤ سدة الرئاسة، اما هو فقد كان بدينا. ولبدانته فقد كان يحشر نفسه في حوض الإستحمام حشرا لدرجة انه لا يعود يقوى على الخروج منه إلا بمساعدة أربعة رجال ونصف كيلوجرام من الزبدة.

 هل لإنسان القدرة على استيعاب إمكانية قتل وتشويه مئات الآلاف بضربة واحدة! هذا الامر قام به ترومان، رئيس امريكا، الذي قضى بضربة نووية على مدينتي هيروشيما ونجازاكي.

 من كان يتصوّر ان يقود الولايات المتحدة رونالد ريجان، المهووس بالتنجيم وقراءة الطالع والذي كان يعتمد على إشارات النجوم في حياته. تروي زوجته نانسي انها كانت تعتمد بشكل كامل على المنجم "كويجلي" لتسيير حياة زوجها!

 هل لمتخيّل، مهما كان واسع الخيال، التنبؤ بوصول شخص يدعى جورج بوش الإبن الى سدّة رئاسة الولايات المتحدة وهو المشهور بتخلّفه على جميع المستويات. حتى والده، والأهل عادة ما يصفون أولادهم القرود بالغزلان، لم يستطع أن يتهرّب من حماقات إبنه فقد اعترف بذلك في تصريح لكاتب سيرته الذاتية جون ميتشام! وحسب التقديرات والتصنيفات المؤسساتية الأمريكية المختلفة فقد لقّب بوش بأغبى رئيس أمريكي وحاز على شهادة "رائد في عالم الأخطاء" وقلّد ميدالية "ملك الحماقات". يكفي في هذا المجال ذكر خطابه الذي حاول فيه الدفاع عن سياسته في العراق، حيث اعتبر أن الرئيس الجنوب أفريقي السابق نيلسون مانديلا متوفى حين قال بوش: "سمعت شخصاً يقول أين مانديلا؟ مانديلا مات لأن صدّام قتل كل من هو على شاكلة مانديلا".

 من كان يتخيل وصول شخص مثل ترامب الى سدّة أعتى دولة في العالم، الولايات المتحدة الامريكية، وهو المشهور بأبشع الصفات الكريهة وأكثر الفضائح النسائية وملك المتهربين من الضرائب وزعيم الجاهلين، إذ يكفي إثبات جهله بقوله عن ضرورة حقن أجسام المصابين بفيروس كورونا بمواد مطهرة!

من كان يمكنه التنجيم بقدوم رئيس امريكي كجو بايدن. فسقطاته ولعثماته تخطّت حدود الحماقة ووصلت الى الخرف. يكفي ذكر انه يحتفظ بملفات حكومية سرّية في كاراج بيته بينما اقام الدنيا حين قام بمداهمة بيت ترامب للتهمة نفسها. كما ويمكن ايراد ما قاله سنة 2018 عن الابتزاز الذي مارسته الولايات المتحدة على الرئيس الأوكراني ورئيس وزرائه لجعلهم مطيعين، فقد قال حينها: "نظرت إليهم وقلت: سأرحل بعد ست ساعات. إذا لم يتم طرد محاميك ، فلن يكون لديك المال. وابن العاهرة .. طرد! ". لاحظ "أناقة" كلام بايدن عندما سناتور، وهو الذي يصف نفسه بالواعظ الكاثوليكي الاخلاقي!

أمّا عن نفاق رؤساء أمريكا فحدّث ولا حرج. الأمر لا يقتصر على كلنتون والذي قال جملته الشهيرة "لم أقم علاقات جنسية مع هذه المرأة"، ما ادى الى إجراء لإقالته بعد ان تبيّن انه كذب حول علاقته مع مونيكا لوينسكي. أما الرئيس الأول ومؤسس الأمة الأمريكية، جورج واشنطن، مدمّر وقاتل الكثير من السكان الأصليين، فقد كان رغم دعوته لتحرير العبيد، ينقل العبيد ذهاباً وإياباً بين ولايتين كي يتجنّب الأضطرار إلى تحريرهم. وكذلك نفاق توماس جيفرسون حين أرسل بعثة لمساعدة الغرب الأمريكي بينما هدفه كان إستكشافه للسيطرة عليه وشراء لويزيانا. وكذبة هاري ترومان الذي ادّعى ان هيروشيما قاعدة عسكرية، بينما هي مدينة مسالمةً. وكذبة أيزنهاور الذي أقسم بعدم وجود رحلات تجسّس فوق روسيا قبل أن يفضحه خروتشوف ويظهر الطيار الذي تمّ إسقاط طائرته وكان ايزنهاور قد قال بوفاته. وكذبة جونسون الذي ادّعى فيها ان هجوما قد شنّ على خليج "تونكين" الذي أعطاه حجّة للحرب على فيتنام والتي هي شبيهة بكذبة بوش عن وجود أسلحة نووية في العراق.

 هذا غيضٌ من فيض حماقات وجهل وكذب رؤساء الولايات المتحدة. لكن من المناسب إنهاء المقالة مع سارة بالين التي ترشّحت لرئاسة الولايات المتحدة والتي كادت ان تنجح في مسعاها بالرغم من جهلها في السياسة. فقد كانت تصف حروب الولايات المتحدة الأمريكية بحروب مقدسّة بأمر إلهي. وخلال حملتها الإنتخابية أثارت الضحك عندما أعلنت أن أفريقيا دولة وليست قارة، كما وإنها لم تكن تعلم من هو رئيس وزراء كندا!

 هذه عيّنة من الذين يتنطّحون لقيادة العالم. هم يتشدّقون بحقوق الإنسان ويتغنّون بالصدقية ويريدون فرض الوصاية الأخلاقية بإسم البشرية، بينما هم يدوسون يوميا على تلك المعايير التي يتكلمون عنها.  

 *الصورة من صفحة ترامب على الفيسبك