مآزق... تصرّفات... فنتائج

  • article

ابو تراب كرار العاملي – مونتريال


في عالم الكرة الجميلة، كرة القدم، قد ينتكس الفريق في ميدان المواجهة، يتراجع أداء العناصر، ويخفت مستوى التّنسيق، يترهّل العمل الجماعي الّذي يشكّل عنصراً أساسيّاً وعاملاً مفصليّاً للفوز في هذه المنافسة المشهورة. تشتّت كلّي فَاضطّراب أو تشتّت جزئي فَمساهمة بالاضّطراب.
ما العمل مع إلزاميّة إكمال المباراة وغياب خيار الانسحاب؟ على المدرّب (المدير) أن يجد حلّاً وَلَوْ بالحدّ الأدنى وتفادياً للمزيد من عدم التّماسك وانفراط الخيط الجامع. وعليه، الذّهاب إلى خطّة طارئة ومسار مؤقّت وتموضع بديل لإمرار ما تبقّى من الوقت وبأقلّ الخسائر الممكنة. مأزق... تصرّفات... فنتائج.
إلى قطاع التّعليم، وأحوال الطّلاب ومسالكهم المدرسيّة: دوامات، واجبات ومواد مختلفة، قد يرغبها المتعلّم أو قد لا يستسيغها، اختبارات، امتحانات فنتائج، فصليّة وبينيّة، وقد تُشْهَد تقلّبات في مزاجات التّلاميذ، تالياً مستويات متفاوتة من النّتائج. فعندما تكون الأخيرة في حالات مرتفعة: فهذا المطلوب. إنّما المشكلة تكمن عند انخفاضها وهبوطها إلى حالات متردّية، هنا السّؤال: ما العمل؟ فتظهر الإجابة بأنّ على القَيِّمين في المدرسة والمعنيِّين في البيت أن يُحّسِنوا التّشارك لانتشال المُتَلقّي من وضعه المنحدر والذّهاب به إلى حيث العلامات المأمولة والاستقرار المعرفي المنشود. مأزق... تصرّفات... فنتائج.
وصولاً إلى لقمة العيش، أو إلى السّبيل الموصِل إليها، يسعى القوم باختلاف الطّرق للظّفر بما تيسّر من مردود مالي يشبعون به حاجاتهم ويطعمون أهاليهم، وهنيئاً لِمَنْ استطرد ووسّع "البيكار" وساعد المحتاجين من خلق اللّه وقدّم المعونة لأهل العوز وذوي الإمكانات المحدودة. والطّرق مشرّعة على احتمالات مفتوحة: إنشاء مصانع، فتح مدارس، استثمارات عقاريّة وما شِئْتَ فَأَضِف من أساليب الاسترزاق وطلب الحلال الطّيّب. إلّا أنّ الدّخول في هكذا مشاريع وتوظيف ما أُتيح من موظّفين وفتح فرص العمل لما يتوفّر من عمّال دونه صعوبات قد تطرأ، في بداية المشوار أو لاحقاً، تراجع في السّوق، شحّ في الموادّ الأوّليّة وتلاعب في سعر العملة الوطنيّة. وعليه، وعند ضيق الحال في هذا المصداق أو ذاك، على صاحب الشّأن أن يُحسِن التّصرّف، وأن يُظهِر حنكةً في الإدارة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويقلّل الخسائر مع عدم إمكانيّة منعها. مأزق... تصرّفات... فنتائج.
أمّا إذا انتقلنا إلى نطاق أوسع، نطاق وطن يرزح تحت وطأة مشاكل لا تجد إلى الحلول يداً تمسك بها وترشدها إلى الطّريق، ونطاق شعبٍ تائهٍ في رحم معاناة معيشيّة تزداد مع الأيّام تصلّباً وتشتدّ مع توالي الشّهور تعقيداً واستعصاءً على الحلّ وبُعْداً عن الفرج. هنا، وفي هكذا مورد، من الطّبيعي أن تجد الأمثلة المشار إليها أعلاه مجتمعةً، فجغرافيّة المكان واسعة والاختصاصات متفرّعة والقوم يتوزّعون على اختلاف القطاعات ويتموضعون على ضفاف شتّى الفرص المتاحة.
وهنا تحديداً، قد ينقسم القوم إلى صنفَيْن، بئس أحدهما ونِعْمَ الآخر.
أمّا المذموم، فهو الّذي يستغلّ معاناة النّاس واشتداد الأزمة عليهم لتحقيق أرباح فانية، ويرتكز على تردّي أوضاع القوم المعيشيّة والحياتيّة ليبني له تراكمات من أطماع، ويتّخذ من انحدار الوضع الاقتصادي قاعدة لتوسيع ثروته. فبئس هذا الصّنف وبئس خياراته السّاقطة وتوجّهاته الرّذيلة.
بينما الممدوح، فهو مَنْ يراعي أوضاع النّاس، ويتّخذ من معاناتهم مدخلاً لخدمتهم، ويستغلّ الأزمات لكي يقدّم ما تيسّر له من المعونة إلى المحتاجين، ويجابه تردّي أوضاع القوم المعيشيّة والحياتيّة بالسّعي لخدمتهم والوقوف عند حاجاتهم لتلبيتها، ويقف حاجزاً بين انحدار الوضع الاقتصادي وتأثيراته السّيئة على الخلق من خلال العمل على تقديم المنفعة للخلق وتقديم الدّعم لهم والاجتهاد دون وقوعهم في أتون معركة اقتصاديّة شرسة قد يتعاون عنصرا الفساد الدّاخلي والتّآمر الخارجي على إشعالها وتأمين وقودها.
هنيئاً لِمَن يحرص على عدم التّواجد ضمن الزّمرة المشوومة، وطوبى لِمَنْ سعى لحجز مكان له في المجموعة الممدوحة.
اِستغلّوا فرصة الأزمة للتّعاون، التّكافل الاجتماعي والتّقرّب إلى اللّه تعالى. وابتعدوا عن المسلك الآخر، لا تقربوه وادعوا اللّه لنسفه وهلاكه.
مأزق... تصرّفات... فنتائج.
وللحكاية تَتِمَّة

[وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ]