الرصيد العربي في كندا

  • article



حسين السعيد - مونتريال

جمعني حوار في الطريق لتلبية دعوة اجتماعية لعرب مونتريال مع أحدى شخصيات المجتمع المدني في المدينة حول الجالية العربية وتأثرها وتأثيرها بمحيطها .. لا أخفيكم سراً حين أقول اني اصبت بالاحباط بين حلم أرتسم بمخيلتي وبين واقع الشتات العربي في المهجر.

زهاء مائة واربعين عام ونيف انقضت بعد أن وطئت قدم  المهاجر ابراهيم أبو نادر من مدينة زحلة اللبنانية في عام 1882 لأرض كندا، ولكن بعد نحو قرابة القرن ونصف على بدء الهجرة العربية اليها لا يزال العرب مشتتين وليسوا ذي تأثير.

الرصيد العربي للجالية ثري بموارد بشرية ومادية متعددة منها سياسية وأقتصادية وأعلامية ورياضية وأكاديمية وفنية وأدبية وعلمية ويشغل كثيرون منهم مناصب هامة منهم اعضاء في مجلس العموم الكندي ومنهم رؤساء جامعات وأصحاب شركات ومناصب تنفيذية عديدة، وهو ما يدلل على اندماجهم التام في المجتمع الكندي، ولكن يبقى السياسيون العرب بكندا يعدون على رؤوس الأصابع وبعيدين عن دوائر صنع القرار، وهذا يدفع بسؤال ملح ما سبب ضعف الحضور العربي على مستوى صنع القرار السياسي والاقتصادي في كندا؟

وبالرغم من عظمة المشاركة الفردية والمساهمات التي يقدمها أبناء الجالية العربية داخل المجتمع الكندي وبالرغم من تزايد الهجرة إلى كندا فإن الثقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للجالية لا يزال ضعيفاً ولا يتناسب أبداً مع الوزن الديموغرافي له.

مثال على ذلك نجد ان عدد اللبنانيين الكنديين يبلغ مئتين وخمسين الف شخص ويبلغ عدد المسجلين في الانتخابات النيابية التي أجريت في العام 2018 سجل ما يقارب الاحد عشر الف شخص ولكن لم يصوت من هذا العدد غير ستة اللاف شخص من المسجلين.

هنا يظهر لنا أن العرب في المهجر غير متحمسين لفكرة المشاركة في الفعاليات أياً كانت مسمياتها بسبب مفاهيم مترسخة أن الفعاليات الثقافية او الانتخابية او الاجتماعية غير مجدية او ليست ذات أهمية. بالاضافة الى وجود علّة في التواصل مع الناخبين لحثّهم على الاقتراع أو للمشاركة في الفعاليات المجتمعية، وتعود أسبابه لغياب الثقافة السياسية للجالية العربية وغياب الإرادة وفقدان الثقة في العمل السياسي بشكل عام ناهيك عن أن الأحزاب الكندية  للأسف الشديد لا تهتم كثيرًا بالمشاركة السياسية للجالية العربية وإنما همها الأكبر استقطاب شخصيات معينة من الجاليات بهدف استثمارها في حملاتها لاستمالة الأصوات العربية.

وهنا أتساءل ما هو الموقف المستقبلي للمجتمع العربي بعد معرفة وزنه وحجمه؟

هل ستبقى الجالية مبعثرة ومنقسمة على محاور مختلفة؟

ألا يجب أن تفكر في مصيرها ومكانتها ودورها؟

المطلوب اليوم أن تعود الجالية العربية إلى ذاتها وثقافتها وقيمها التوحيدية والمشرقية وأن تستعيد التعاون والتكامل فيما بينها بتعزيز حضور هذه الطاقات والكفاءات وبما يتناسب وحجمهم وتشكيل لوبي فعّال وقادر على ممارسة الضغوط والتأثير والتحكم على مجريات مايحدث سياسياً واقتصادياً وأجتماعياً وثقافياً.

أفضل طريقة لتشجيع الجالية في كندا على الاهتمام بالفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية هي الانفتاح أكثر على بعضها وبناء جسور الثقة فيما بين ممثلي الجاليات وعمدائها ووجهاءها ومفكريها والفاعلين السياسيين للتعاضد والتأزر والتنسيق لتشكيل مجلس يمثل الجالية العربية يهندس سياسة مستقبلية لها ويهتم بشؤونها ويرعى مصالحها تنظوي تحته كل المنظمات العربية لتكون على قلب رجل واحد في جميع الفعاليات والمحافل الكندية.

ختاماً من المفترض أن تزايد عدد العرب في كندا خلال الاعوام القليلة الماضية يمثل فرصة ذهبية لمشاركة فعالة في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية واندماج أكبر في الأحزاب الكندية والفعاليات الاخرى خاصة وأن عدد العرب في كندا في تزايد ويقدر بمليون نسمة بالاضافة الى ارتفاع نسبة من يحق لهم التصويت كذلك.