
بقلم: محمد شريف كامل*
بصفتي مصري وعربي ومسلم، وبصفتي إنسان أولاً، أُدين بشدة وبلا هوادة موقف النظام المصري ورأس النظام عميل الحركة الصهيونية وحكومته وكل المتعاونين معه ومؤيديه، لموقفهم المخزي من مشروع إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيتنا.
منذ بداية حرب التدميرعلى غزة في 8 اكتوبر لم أكتب أي كلمة باللغة العربية، فكما قالت أبواق العدو "العرب لا يقرؤون وإذا قرؤوا لا يفهمون".على الأقل فان الغالبية المُغَيبة منا ينطبق ذلك عليهم، والأقلية المدركة للحقيقة لا تحتاج لكتاباتي. لقدأصبحت الغالبية منا ترفض دراسة التاريخ وترفض فهم الواقع ولا تتطلع إلا لرفاهية مؤقتة في مستقبل قريب، كأنها تدرك أنه ليس لنا من مستقبل بعيد أو أستسلمت لذلك الإدعاء.
وداومت طوال ذلك الشهر العظيم، العظيم في إنجازاته، على الكتابة والنشر وتداول الأعمال على صفحات التواصل الإجتماعي بغير اللغه العربيه لمخاطبة من قد يكون لديهم ضمير يؤرق الأنظمة الإمبريالية والصهيونية العالمية.
ولكني الأن قررت أن أكتب بالعربية مخاطبا أهلنا في الداخل والخارج، لأنه يحزني أن أرى مصر وكل أمتنا التي التي خرجت من هزائم عدة مرفوعة الرأس، والتي قادت العالم الثالث للتحرر، مصر التي لم تنحن إلا عندما إستبدلت دماء أبنائها في حرب 1973 بإتفاقية العار "كامب دافيد"، حين بدأت عملية تقزيم مصر حتى أصبحت اليوم تابعا بشكل كلي للاستعمار الغربي وبوقا له هو وتابعه المدلل الصهيونية العالمية والكيان المزروع، والتي كان من حسنات 7 أكتوبر إنها كشفت تبعية هذا النظام وأبواقه ثبوتا لا شك به.
لقد شاركت أنظمة "كامب دافيد" ومن جاء بعدها، ورأس نظام مصر الحالي في تحويل مصرالوطنية الى شريك أساسي في الحصار الصهيوني على غزة، مصر التي كانت شعلة تضيء طريق العرب والمسلمين وشعلة تحرر المنطقة بل كل العالم الثالث. العار كل العارعلى من ساهم بقصد أو غير قصد في اسقاط مصر الوطنية واستبدالها بمصر الخيانة والتآمر، والتي أكتمل سقوطها في أيدي الإميريالية بإنقلاب 2013 على التجربة الديمقراطية والذي مثل المرحلة الثانية لإستكمال مسيرة "كامب دافيد".
ومن العار أن يجلس على عرش مصر من يعتبر تصفية المقاومة "عمل نبيل" وأن الدولة الفلسطينية الموعودة "يجب أن يكون أهم أدوارها هو تأمين الكيان الصهيوني". فقد أصبح نظامها يأتمر بأمر الصهيونية ولا يستطيع أن يُدخل رشفة ماء أو أن يغطي أهل غزة بشبكة إتصال أو ينقل جريح لإسعافه إلا بأمر من الصهيونية العالمية.
وإلى أهلنا في الغرب، لا تقلقوا ولا تيأسوا ولا تتابعوا صور الدمار والقتل والأطفال الأبرياء، هذه الصور والأفلام لها دور إيجابي لايقاظ الضمائر النائمة، ولكن كثرة مشاهدتها لأصحاب الضمائر تؤلم وتصيب بالإحباط فلا تتابعوها، رغم كمية الألم التي تحمله هذه المشاهد فهي مشاهد فخر لإناس رفضوا الإستسلام حتى لو كانت حياتهم هي الثمن.
علينا أن نوجه خطابنا للمجتمع الغربي لمساعدة الشعوب للتخلص من العقلية الإستعماري. نحن لسنا مطالبين بتبرير المقاومة ولا الرد على إدعاءات الإرهاب، ولكن يجب أن نُذكر العالم أن الشعب الفلسطيني هو المعتدى عليه وأن مأساته لم تبدأ في 7 اكتوبر، ولن تنتهي بنهاية هذه المرحلة، مأساة الشعب الفلسطيني بدأت منذ 75 عاما بمشاركة كل الغرب الاستعماري، ولن تنتهي إلا بجلاء الإستعمار.
نحن لا يجب أن نطالب ولا أن نقبل بمفاوضات لإنشاء دولة فلسطينية مستسلمة، ولكننا يجب أن نصر على تنفيذ جميع.. جميع... جميع القرارات الدولية ومحاكمة الكيان الصهيوني وكل من شارك في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني من دير ياسين، مرورا بقانا وبحر البقر..... حتى يوم إنعقاد المحكمة.
نعم سيستشهد عشرات الآلاف وسيُشَرد الملايين، ولكن هل سمع أحدكم من قبل عن مستعمر يمنح الحرية بدون مقاومة وإصرار من الشعب! الحرية لا تُمنح، الحريه تُكتسب بدماء ومعاناة الشعوب ولا يجب أن ننسى ثورة الجزائر بلد المليون شهيد ولا ثورة جنوب افريقيا بلد ما يقرب من المليون شهيد.
الصورة اليوم في كل شوارع العالم تشابه تماما آخر لحظات الحرب الأمريكية الغاشمة ضد فيتنام وما قبل سقوط الفصل العنصري في جنوب افريقيا، ألم ينتصر شعب فيتنام على آلة الحرب الأمريكية، وألم ينتصر شعب الجزائر على آلة الحرب الفرنسية، وألم ينتصر شعب جنوب أفريقيا على آلة الحرب الإمبريالية المؤيدة بكل دول الغرب الإستعماري.
لقد انتصرشعب فيتنام والجزائر وجنوب افريقيا وكل أحرار العالم. انتصروا ولم يتحقق لهم تفوق عسكري ولكنهم انتصروا بالصمود ورفض التفريط والإستسلام، هُزمت قوى الإستعمار والإمبريالية بالرغم من تفوقهم عسكرياُ بإفتقادهم للقيم الإنسانية الحقيقية وفقدان الضمير.
نصر شعب فلسطين قادم ولا شك، فلا بد أن يحق الحق، ولكن علينا الإستمرار في تأييد موقفهم البطولي وصمودهم، وإستمرار العمل ضد كل أصناف الإستعمار والإمبريالية والصهيونية في كل العالمة فالشعب الفلسطيني لن يموت وقضيته لن تُصفى وسينتصر رغم الخيانة والعمالة والمهادنة من كل الأنظمة العربية المتشبهة بالنظام المصري.
* محمد شريف كامل مدون وكاتب مستقل، عضو المجلس الإستشاري لشبكة الوعي العربي، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة وأحد المؤسسين للتحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".
يمكن التواصل مع محمد شريف كامل عبر:
1-514-863-9202, e-mail: [email protected], twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/ https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ
*الصورة من صدى المشرق