المدينة الفاضلة ومفهوم الطوباوية في كربلاء

  • article
د. سارة الطائي 

إن الجمال الذي نراه على طريق الأربعين هو يوتيوبيا بحد ذاته ... هو الهيكلية الحقيقية للمدينة الفاضلة التي كانت حلم الانبياء والصالحين ، والخيال الذي بناه الكثير من الفلاسفة والكتاب عن حقيقة المدينة الفاضلة حلم الانسانية... 
مفهوم المدينة التي يقوم فيها الناس بالتكاتف والتعاون فيما بينهم 
بدوافع داخلية بحتة....بدون أي دعوة مسبقة من جهة خارجية...
يقوم الناس في هذه المدينة حسب تصور الفلاسفة باتباع ضمائرهم والعيش بانضباط حتى في غياب القانون...
لا يحتاجون الى مؤسسات تديرهم او توجه جهودهم ...
الجميع يقوم بتوزيع الطعام والعلاج والتنظيف والترميم في مكانه وعلى حسابه الشخصي..
يدخل أشخاص غرباء الى مدينتك وتعرض عليهم السكن في بيتك وانت لا تعرفهم، وهم لا يعرفونك.... فيدخلون وينامون هانئين! 
تسمح لأشخاص غرباء تماماً بالنوم على فراشك والأكل من طعامك واستخدام حمامك الشخصي بدون مقابل. وكذلك هم لا يشعرون بخطر التواجد في بيت غريب! 
يسمح فيها الاهالي بخروج أبنائهم وبناتهم ونسائهم ولا أحد يخشى عليهم من شيء ...
ينام الناس فيها في الشوارع والساحات آمنين ، ويسعى الجميع للحصول على اكبر جزء من المشقة في سبيل راحة غرباء لا يعرفونهم...
دفىء غريب يجتاح كل مكان لا يخاف فيه احد من احد ويشعر انه يعيش في كرنفال ..
الناس لا تحتاج إلى امان ،او وقاية من حر او برد لكي تسير ..   فالظروف المحيطة لا تشكل أي اهمية بل قد تعتبر صعوبتها تحدياً
هنالك فلم سينمائي يجسد فكرة الفوضى والنفس الانسانية حينما تكون بلا قيود، في عالم بلا جرائم ولكن ليوم واحد في السنة تكون كل انواع الجرائم مباحة وكل القوانين معطلة فتظهر اسوء ما في النفس البشرية.... ولكن في كربلاء يوتوبيا العصر 
انت تتمتع ب ١٤ يوم يفتح فيه سوق يمتد من البصرة لكربلاء يقدم فيه كل الناس اغلى بضاعاتهم مجاناً وبدون اي حساب او قيود ...
ومن لا يملك ما يقدمه قد يعرض خبراته ، مثل الخدمات الطبية ،او قراءة كتب او خياطة ملابسك مجاناً..... حتى اني سمعت ان رجلاً فقيراً جدا في طريق أحدى القرى ،كانت خدمته هي الوقوف لتشكيل ظل فوق من يجلس امامه للراحة ...
النفس الانسانية بكل اخطائها ، ونقوصها وتقصيراتها تُكبح لمدة ١٤ يوم فقط لاجل تشكيل مد بشري مليوني هدفه لفت نظر العالم بما يكفي لايصال صوت ذلك الشيخ العظيم ذي الجراحات والتضحيات 
حينما قال " الا من ناصر ينصرنا"
نعم يا سادة شئنا ام ابينا مدينة مساحتها لا تزيد عن  53 كم مربع ستحمل ما يزيد عن ٢٥ مليون انسان حتى يوم الاربعين ...
هذا كفيل بإدخال الفرحة لقلوب ملايين المؤمنين ومحبي الفضيلة في جميع العالم ، واثارة غيض وحنق ارباب الرذيلة وسعيهم لمحاولة اخماد هذا الصوت ...

*الصورة من ليلى الحاج محمود
*نشرت هذه المقالة العام الفائت