لا سياسة وقت الطعام : براون يطرق ابوابنا وهو يعلم ايضا ان اسلافه قد نسفوا الجسور بيننا

  • article

معن سمحات - مونتريال

پاترِك براون، رجل كندي انخرط في العمل السياسي و هو احد كوادر حزب المحافظين و قد يلمع نجمه على المستوى الوطني في حال فوزه في السباق الانتخابي على زعامة حزبه.

لم يكلفني سوى بضع دقائق من البحث على غوغل لأتعرف عليه وعلى سيرته الذاتية قبل الذهاب ولقائه خلال افطار رمضاني قدّم فيه نفسه للجالية الاسلامية بكل اطيافها و ليس فقط اللبنانية. فهو يرغب بفتح جسور جديدة بين حزب المحافظين والكنديين المسلمين ،على حد قوله. و بناءً على ذلك تمت الدعوة لابناء الجاليات المسلمة و كان اللقاء.

قد كان فعلاً حفل افطار اكثر مما هو لقاء سياسي ومع انشغال اغلبية الحضور باطباق قصر الكباب الشهية، تحدث السيد براون و عمل جاهداً على ايصال افكاره و ليس مشروعه الانتخابي الى الحضور. إلا انه اختلط عليه بعض الامور فنسي انه مرشح لزعامة حزب المحافظين و ليس لرئاسة كندا فبدلا من التركيز في كلمته على منافسيه "شاريه" و " پوالييڤر" ركّز هجومه على رئيس الوزراء الكندي ترودو و وصفه بالحقير والمتاجر بقضايا الجالية الاسلامية . ثم عرض نفسه كمدافع عن المسلمين ضد القانون 21 دون ان يشرح كيف سيواجه هذا القانون. بل اقتصر فقط على الكلام و الحضور يعلم ان لا احد من الاحزاب الكندية يمكنه ان يُزايد على الحزب الليبرالي في مسألة مواجهة القانون 21 و انه من شبه المستحيل إلغاء هذا القانون الا من خلال حكومة كيبيكية وليس من اوتاوا.

عندما تحدث السيد براون حول رؤيته عن وحدة الصف الكندي في ظل حكومة محافظة، هل يملك القدرة على تحقيق ذلك و ضمان ولاء حزبه ام انه مستعد الى تقديم التنازلات و التضحيات و اهمها تمزيق حزبه الذي نرى من خلال ايدلوجيته انه سيرفض هذه الرؤية و قد ينتهي به الامر مطرودا كما حصل مع زعيمة حزب الخضر؟. ام انه يسعى فقط من اجل الحصول على اصوات منتسبين جدد لضمان فوزه و تزعم الحزب؟

ربما هي خطوة جبارة ان يأتي بنفسه كمرشح لزعامة حزب المحافظين و يطرق ابواب الجاليات الاسلامية و لكن هو يعلم ايضا ان اسلافه قد نسفوا جميع الجسور بيننا و بينهم، لذلك امامه الكثير من العمل الصعب لكسب الثقة اولا و تحقيق المطالب و تقريب وجهات النظر ثانياً . ففي عالم السياسة أُقدم لك في اليد اليمين و تعطيني بالمقابل بيدك اليسرى.

اما ما صدر عنه من ناحية السياسة الخارجية فقد كان اشبه ببرنامج "البرنامج" لباسم يوسف فإن سألني احدهم كيف تشك بذلك ؟ أُجيب: من كبرها.

ثم قفز الى اليمن و ابدى التعجب بشأن تمويل صفقات سلاح للسعودية وطبعا نحن كمسلمين نفكر بعواطفنا فعند سماعنا فلسطين و اليمن صفقنا له بحرارة كما لو انه باترك الدين الايوبي.

اعتب كثيرا على القصور و ضعف الجالية الاسلامية سياسياً و انها ما زالت تتحكم بها المشاعر عند اتخاذ قررات حاسمة او اقلها عتبي علينا جميعا من حضرنا هذا الافطار. فالتعميم لا يجوز، و الاهم من ذلك اتمنى ان نضع حداً لكل السياسيين ان يتوقفوا عن معاملتنا كاطفال حضانة سياسياً و ان لا نسمح لهم بالتأثير علينا عاطفياً.

يجب اخذ الامور اكثر جدية و التفكر بها و حسبان سيائتها و حسناتها. انا مع الانفتاح على حزب المحافظين و لكن ضد الانفتاح المجاني. لا بد من الجلوس و التحدث و التفاوض و مناقشة ما يدور من احداث لتذليل العقبات و بناء جسور قد لا تنفعنا اليوم و لكن من اجل المستقبل، مستقبل جيل مسلم وُلد في كندا. فلنبني لهذا الجيل ارضية صالحة ليترحم علينا بدل ان يلعننا كلما وقع في مأزق.