المرشح "البلدي" عبد الحق ساري: حركة دؤوبة بين التدريس الجامعي والعمل الخيري والنشاط السياسي البلدي

  • article

  فاطمة بعلبكي- مونتريال

 

في أعقاب الإنتخابات الفيدرالية المبكرة التي شهدتها كندا الشهر الفائت، تستعد مقاطعة كيبيك لخوض غمار الإنتخابات البلدية في غضون شهر، وتحديداً في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث ستتم دعوة المواطنين في 1100 بلدية الى صناديق الإقتراع لإنتخاب ممثليهم. كما حثّ اتحاد البلديات في كيبيك (UMQ) المواطنين المؤهلين على الترشّح، خصوصاً النساء والشباب الذين تبلغ أعمارهم 35 عاماً أو أقل.

ولا شكّ أن المعركة في مونتريال - العاصمة الإقتصادية لكيبيك- ستكون محتدمة، في ظلّ الإعلان عن البرامج الإنتخابية للحزبيْن الرئيسييْن المشاركيْن، وهما: (Ensemble Montreal و Project Montreal).

ولتعريف الجمهور عن كثب على المرشحين للإنتخابات البلدية وبرامج أحزابهم، قابلنا في صدى المشرق مرشح حزب ( Ensemble Montreal) عبد الحق ساري، وسنقدّم بطاقة تعريف في القسم الأول من اللقاء معه:

 

  • بداية، كيف تعرّف عن نفسك؟

 اسمي عبد الحق ساري، وأنا من مواليد مدينة الرباط في المغرب، حيث نشأت وتلقّيت علومي الأكاديمية وأنهيت المرحلة الجامعيّة في قسم تكنولوجيا المعلومات وعلم الحاسوب، كما عملت في وزارة المالية (مديرية الميزانية) في المغرب.

التحقت بعد ذلك ببرنامج دراسي في فرنسا، ثمّ قرّرت السفر الى كندا للدراسة، حيث بدأت الماجستير في "المدرسة العليا للتكنولوجيا"  (Ecole de technologie superieure ETS)، وحصلت فيها على دبلوم في الدراسات العليا. وبعدها درست الـ MBA  في جامعة UQAM، وبعدها أتممت المنحة الدراسية التّي تخوّلني الحصول على شهادة الدكتوراه في الإدارة في جامعة مونتريال (Universite de Montreal).

أمّا على الصعيد المعني، فقد بدأت التّدريس الجامعي في كندا في كلية علوم التدبير في جامعة UQAM منذ العام 2007، وما زلت أزاول التدريس الى الآن. عملت أيضاَ في ميادين كثيرة في ما يخص تكنولوجيا المعلومات، حيث عملت في شركة خاصة تعنى بتوزيع البترول، كما عملت في أقسام الصحة والأمان في أماكن العمل (CNESST)، وعملت في مصلحة الشرطة في مدينة مونتريال لمدة أربع سنوات ونصف، وبعد ذلك توجّهت الى السياسة، وخصوصاً في ما يتعلّق بالشأن البلدي.

على صعيد موازٍ، أنا من مؤسسي الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا، وعملت أيضاً مع جمعية "شمس الأيتام"، حيث كنت رئيساً للجمعية منذ العام 2014 ولغاية العام 2019، وحالياً أشغل منصب نائب الرئيس، وهي جمعية خيرية، أرسلت خلال العام 2020 حوالى 800 ألف دولاراً الى كلّ من المغرب وتونس.

 

  • لماذا أنت مهتم بالشأن العام المحلّي في كندا؟ وما مدى قربك من الجمهور وإحتياجاته؟

 بطبيعة الحال بصفتي مواطن كندي أعيش أنا وعائلتي وأولادي في هذا البلد، فالاهتمام بالميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية هومن صلب اهتماماتي، وبالطبع لا أنسى القضايا العربية في المغرب وتونس وسوريا ولبنان، وكذلك دول شمال أفريقيا، ولكنّي حريص أيضاً على الجيل الصاعد في كندا وبمستقبل أولادي ودراستهم وبقضايا حقوق المرأة في كندا، وكذلك حقوق الطفل. فكندا بلد منفتح ويرحّب بالمهاجرين، ومع ذلك يجب مراعاة خصوصية المهاجرين وثقافتهم وانتماءاتهم الدينية، واحترام وجهة نظرهم ومساعدتهم على التطور والتقدّم والنجاح في المجتمع الكندي.

 

  • ما سبب اهتمامك بالانتخابات البلدية أكثر من الفيدرالية؟

 برأيي تعتبر البلدية بمثابة حكومة قرب من الجمهور، كونها معنية باحتياجات الناس اليومية وهمومهم المعيشية، فعلى سبيل المثال ما يهم المواطنون الكنديون هي مسائل النظافة، وإزالة الثلج (شتاءَ) للتوجّه الى العمل، والأمن، والمواصلات، والحدائق، والمسابح العامة، والمكتبات، ودور العجزة الخ... أكثر من اهتمامهم بالشؤون السياسية العامة. وجميع الأمور السابقة هي من اختصاص العمل البلدي، الذي يؤمن الراحة النفسية والبدنية للمواطنين. وأعطي مثلاً حول أهمية الأمن،  فالبلدية هي التي تنظم عمل الشرطة المحلية لضمان الإستقرار واستتباب الأمن، فبدون أمن لا يستطيع المواطن العيش بسلام وراحة ولا يستطيع أن يتتطوّر في ظلّ ظروف أمنية ونفسية غير مستقرّة.

لذا، أرى أن الاستحقاق الانتخابي البلدي في غاية الأهمية لتنظيم أمورنا الحياتية اليومية.

 

  • ما رأيكم بنتائج الإنتخابات الفيدرالية؟ وكيف تقيّمون أداء الجالية على مستوى المشاركة؟

 الغاية من الإنتخابات الفيدرالية المبكرة التي دعا  إليها رئيس الوزراء جاستن ترودو هي حصوله على الأغلبية في الحكومة، لتعزيز قوّته وصلاحياته، ولم تحقق النتائج هذه الغاية بالرغم من فوز الليبراليين.

الأمر الجيّد هو المشاركة الكثيفة في الإقتراع من قبل الجالية العربية، في منطقة  Montreal Nord  و Saint Leonard، وهذا أمر في غاية الأهميّة، ويصّب في مصلحة الوزن الإنتخابي للجالية العربية ومدى قوة وحضور الجالية على الصعيد السياسي. فمن لا يمتلك الحضور السياسي، والإقتصادي والإجتماعي في المجتمع الموجود فيه يصبح محط ضعف ولا يؤخذ على محمل الجدية.

وبرأيي على الجالية بذل المزيد من الجهود للوصول الى مستوى أفضل.

 

  • هل أداء الجالية على المستوى التمثيل السياسي كافي اليوم؟

 لا أظنّ ذلك، ويجب الإستثمار أكثر بفئة الشباب، واغتنام مؤهلاتهم وكفاءاتهم، وتسليط الضوء على انجازاتهم. فعلى سبيل المثال لم يوجد مرشح من الجالية المسلمة عن منطقة (لافال) لا على المستوى البلدي، ولا الإقليمي كذلك!

وفي مونتريال هناك أقليّة لها مكانة إجتماعية، بالرغم من أنّ لدينا قوة ضاربة وحضور جيّدان، ولكن التمثيل غير كافي ولا يرتقي الى المستوى المطلوب.

 

  • ما رسالتكم؟

 أدعو الناس، خصوصاً أبناء الجالية العربية، الى المشاركة بكثافة في العمل السياسي والحضور السياسي، وبأن يكونوا فعّالين في المجتمع الذي ينتمون إليه، وبأن يشاركوا في التصويت وممارسة حقّهم في الإقتراع وإبداء الرأي كي يصبحوا قوة ضاربة ومؤثرة، وكي لا يخذلوا المرشحين الذي يسعون الى خدمتهم وإيصال مطالبهم وأصواتهم.

  

ختاماً، تجدر الإشارة الى أنّه لن يكون هناك تصويت بريدي في مونتريال على غرار ما حدث خلال الإنتخابات الفيدرلية، وذلك بعد رفض إدارة فاليري بلانت - العمدة الحالية للمدينة- طلب الإذن من حكومة كيبيك لتقديم هذه الخدمة لكبار السن في مونتريال، وذلك لاستحالة تنظيمها بحلول الخريف، وفق بلانت. لذا، نحث المواطنين على المشاركة في الإنتخابات البلدية، التي لا تقلّ أهمية عن الأنتخابات الفيدرالية.

 

ملاحظة: سنتطرق في القسم الثاني من المقابلة الى الحديث بالتفصيل عن البرنامج الانتخابي للمرشح عبد الحق ساري.