امتلاك منزل في كندا يبدأ بالتخطيط الصحيح!
فاطمة بعلبكي-مونتريال
يتصدر شراء المنزل قائمة الأهداف والأحلام في حياة العديد من الأشخاص، خصوصاّ في دول الإغتراب بهدف تعزيز الشعور بالإستقرار من جهة، وإستثمار الأموال وعدم هدر سنوات الغربة عبثاً من جهة أخرى. ولكن قد تقف الدفعة الأولى من السعر الإجمالي للمنزل أو العقار عقبة أمام البعض، خصوصاً الوافدين الجدد!
ولمعرفة المزيد من المعلومات حول السوق العقارية في كندا والآلية المعتمدة في منح القروض السكنية، قابلنا مستشار الرهن العقاري (Mortgage Advisor)في Scotiabank نعمة خليل، الذي قدم شرحا دقيقاَ ومفصًلا حول الآلية والشروط المتبعة للقروض السكنية والرهن العقاري.
- كيف هو الإقبال على القروض السكنية في كندا عموما وفي كيبيك على وجه الخصوص؟
الإقبال على القروض السكنية في كندا للعام 2020 بحسب الإحصاءات – نظراً لعدم انتهاء العام 2021 بعد – يعتبر إقبالاَ كثيفاً على الرغم من جائحة كورونا، وسجّل مستويات تاريخية غير مسبوقة، فالإحصاءات أفادت أن البنوك الكندية قدّمت قروضاً سكنية بقيمة 108 مليار دولار.
وشهد سوق العقارات نشاطاً ملحوظاً في كبريات المدن الكندية، ومنها: تورونتو وضواحيها (لندن، ميساساغا، فان، هاميلتون...)، فضلاً عن العاصمة أوتاوا ومحيطها الجغرافي، بالإضافة الى فانكوفر، التي شهدت ارتفاعاً قياسياً في أسعار العقارات.
أمّا بالنسبة لمقاطعة كيبيك، فأيضاً شهدت ارتفاعا في نسبة القروض السكنية خلال العام 2020، خصوصا في مناطق مونتريال ولافال. وقد ساهمت عوامل عدّة في الأمر، ومنها:
- انخفاض أسعار العقارات في مقاطعة كيبيك، مقارنة مع متوسط أسعار العقارات في المدن الكبرى الآنفة الذكر في المقاطعات الأخرى، الأمر الذي شجّع المستثمرين في هذا القطاع على القدوم الى كيبيك لشراء المنازل، ما أدّى الى ارتفاع الطلب بشكل غير مسبوق، خصوصاً في مونتريال.
- القيود الصحية التي فرضها كوفيد-19 وألزم بموجبها الموظفين في مختلف القطاعات والتلاميذ على البقاء في منازلهم للعمل والدراسة، ما حفّز الكثيرين الى شراء منازل ذات مساحات أكبر لتخصيص غرف كمكاتب للعمل والدراسة حفاظاً على الخصوصية والمهنية.
- العامل الثالث الذّي شجع المستثمرين للقدوم الى كيبيك هو انخفاض نسبة الفوائد على القروض السكنية بشكل استثنائي وتاريخي، لذا، ارتفع الطلب على شراء المنازل، أو رهن المنازل مقابل قروض سكنية ذات فوائد متدنية جدا لاستثمارها. ارتفاع بدلات الإيجار أيضا في مدينة مونتريال الحضرية دفع الكثيرين أيضاً الى شراء المنازل وتسديد أقساطها عوضاَ عن الإنفاق على الإيجارات.
العوامل السابقة مجتمعة أدّت الى ارتفاع الطلب، وبالتالي ساهمت في رفع أسعار المنازل، وفي المقابل فإن العرض انخفض (نسبة المنازل المعروضة للبيع خلال عامي 2020 و 2021 أقل من السنوات السابقة)، وهو ما يفسر الإرتفاع الكبير المستمر في أسعار العقارات، والذي بدوره خلق أزمة حقيقية في مونتريال الكبرى والمدن الكبيرة في كندا.
هذا الواقع الجديد أجبر البنوك والمشترين على التأقلم مع الأسعار الخياليةالتي فرضها السوق.وقد أبدت البنوك تخوّفها من حصول أزمة اقتصادية في بداية الجائحة، ففرضت بعض القيود على المشترين (لجهة تثمين القيمة الحقيقية للعقار)، ولكن مع إعادة تقييم الوضع العام، وأخذ الأموال والمساعدات التي ضخّتها الحكومة الفيدرالية بعين الإعتبار تبيّن أن نتائج الأزمة الإقتصادية ليست بحجم التوقّعات، ولحسن الحظ لم تأتي على غرار الأزمة المالية التي حصلت في العام 2008، وبالتالي تأقلمت البنوك مع التطورات والمستجدات الراهنة.
- سوق العقارات نشط في مونتريال الكبرى وهو لصالح البائعين؛ كيف ينعكس الأمر على القروض السكنية؟
مما لا شكّ فيه أن سوق العقارات اليوم لصالح البائعين بإمتياز، وتعقيباً على هذه المسألة، يتضح من خلال مراقبة مجريات الأمور عبر التاريخ وجود دورة (cycle) منتظمة، فتارةً يكون السوق لصالح البائعين، فيما يصبح لصالح المشترين بعد فترة.
في الوقت الراهن جميع الإحصاءات والتوقّعات تشير الى أن أسعار العقارات ستستمر بالصعود، وان خفّت الوتيرة تدريجياً، وعلى أحسن تقدير، فإنّها ستحافظ على مستوياتها الحالية (stability).
أما بخصوص القسم الثاني من السؤال، فكما ذكرت ارتفاع الأسعار بهذا الشكل والوتيرة خلق أزمة في بداية الجائحة، فالمنازل المعروضة للبيع تمّ شراؤها بأسعار تتعدّى قيمتها الحقيقية بأضعاف، كما تخطّت التقييم الموضوع من قبل البلدية بأشواط (تعدّت القيمة الإضافية الـ 200 ألف دولار في بعض الحالات!!) ما خلق مشكلة للبنوك لجهة إعطاء الناس قروضاً بأسعار مرتفعة جداً تفوق قدرتهم الشرائية، خصوصاً وأن مستقبل ومصير الوباء غير معروفين. كما لجأت البنوك الى التشدّد في دراسة الطلبات على القروض السكنية، وقامت برفض العديد منها خشية تبدّل أحوال السوق في المستقبل، وقد حدث معي شخصياً حالة مماثلة، حيث رفض البنك أن يعطي قرضاً بنسبة 90% من سعر منزل تريبلاكس (ثلاث طوابق) لأحد العملاء، لأنّه قيّم السعر الحقيقي للمنزل، ووجد أنّه أقل من السعر المعروض، لذا، طلب من المشتري أنيتحمل فرق السعر، وذلك بأن يرفع قيمة الدفعة الأولى من سعر المنزل لتتعدى ال 10% كي يقوم بالموافقة على القرض.
- ما هي الشروط التي يجب أن يستوفيها المتقدمين للحصول على قرض سكني؟
يطول شرح الشروط إذ أن هناك حالات مختلفة للأشخاص الراغبين بالحصول على القروض السكنية، ولكن بشكل عام هناك نموذجين من الأشخاص أكثر شيوعاً من غيرهم، وهما: الموظّف والفرد الذي يكون لديه عملاً حرّاً يديره.
النوع الأوّل، عادة يكون لديه دخل شهري ثابت، وهنا يقوم البنك بالإطلاع على مكان عمله، وطبيعة وظيفته، فضلاَ عن معرفة دخله السنوي لتحديد قيمة القرض الذي سيمنحه له. كما يأخذ البنك بعين الإعتبار أجر الموظف بدل ساعة العمل. وليس بالضرورة أن يكون الموظّف يعمل في نفس الشركة لمدة زمنية طويلة كي يتم قبوله، فمن الممكن أن يكون لديه الخبرة الكافية في مجال عمله، لكنّه حصل على وظيفة في شركة جديدة، لذا، من المهم أن يكون قد تعدّى فترة الثلاثة أشهر التجريبية في وظيفته الجديدة.
أما النوع الثاني، فسواء أكان الشخص يملك مطعماً أو كاراجاً لتصليح السيارات أو أي مصلحة أخرى يديرها بنفسه، هنا تكون الشروط والإجراءات أكثر تعقيداً. وفي الغالب يراقب البنك استمرارية العمل وديمومته من خلال الإطلاع على ورقة الضرائب المصرّح بها للحكومة الكندية (Avis de cotisations) لآخر سنتين، وعلى هذا الأساس يحتسب البنك قيمة الدخل السنوي، وبناءً عليه يحدّد قيمة القرض الذّي سيمنحه لصاحب العمل الحر. وعلى سبيل المثال اذا كانت قيمة الضرائب المصرح بها لشركة ما 20 الف دولاراً في السنة الأخيرة و10 آلاف دولاراً في السنة التي سبقتها، فهنا يعتبر البنك أن معدل الدخل السنوي للشركة هو 15 ألف دولاراَ ويحدّد قيمة القرض على هذا الأساس. وبهذه الطريقة يحمي البنك نفسه من إمكانية تلاعب صاحب العمل بالأرقام. يمكن للبنوك أيضاً أخذ أرباح الشركات بعين الإعتبار لتحديد قيمة القروض، وذلك عبر الإطلاع على الـ (Financial statement).
المعايير والشروط السابقة تتعلق بالدخل السنوي (Income)، هناك شروط أخرى لها علاقة بالدفعة الأولى من قيمة القرض، والتي يجب أن تكون متوفّرة في حساب الدائن بشكل ثابت لثلاثة أشهر على الأقل، إلاّ في بعض الحالات الإستثنائية. وتجدر الإشارة الى أن البنوك تعترف بالهبات المالية التي يتلقّاها الأفراد من عائلاتهم وذويهم كدفعة أولى، ولا يوجد أي مشكلة في ذلك.
الشروط الآنفة الذكر هي شروط عامة، ولكن كما ذكرنا هناك حالات خاصة ومختلفة، وبالتالي فقد تختلف الشروط بين شخص وآخر، لذا، من المفيد قبل أن يُقدم أي شخص على شراء منزل أو عقار أو إستثمار جديد أن يناقش ملفه ووضعه المالي مع البنك الذي يتعامل معه، كي لا يُصاب بخيبة أمل في حال لم يوافق البنك على منحة القيمة الكاملة للقرض الذي يرغب بالحصول عليه، أو في حال رفضه.
- هل أزمة كورونا سهلت الإجراءات أم زادتها صعوبة؟
نلاحظ أنّه في بدايات أزمة كورونا، وكنوع من الخطوات الإستباقية انتهجت البنوك سياسات وردود أفعال يمكن وصفها بـ "القاسية" ولكنّها محقّة في آن، حيث تضرّرت العديد من القطاعات بالجائحة، وتوقّف عمل قطاعات أخرى بشكل كامل. ومن المهن التّي تضرّرت بشدّة - منذ بدايات الأزمة- النقل العام وأصحاب سيارات التاكسي الذّين توقّفت أعمالهم، الأمر نفسه ينسحب على أصحاب ومالكي صالات الأعراس، وكذلك الأشخاص العاملين في المجال التّرفيهي (Entertainment Industry) كمنظمي حفلات الأعراس (Wedding planers) وغيرهم... بعض العمّال أيضاً خسروا وظائفهم جرّاء إجراءات العزل والقيود الصحيّة، وأصحاب العمل أيضاَ تكبّدوا خسائر مالية جمّة.
وبناءً على ما سلف فرضت البنوك إجراءات مشدّدة أكثر تتعلّق بالأوراق والمستندات المطلوبة، بالإضافة الى التدقيق أكثر في صحة المعلومات التي يقدّمها الأشخاص الراغبين بالحصول على القروض، لجهة التأكّد من إستمراريتهم ومداومتهم في العمل وثباتهم في وظائفهم.
ونظراً للإرتفاع القياسي في أسعار العقارات، تشدّدت البنوك في عمليات التدقيق والمراجعة لتحديد القيمة الحقيقية للمنازل المعروضة للبيع، كي يتم منح القروض بما يتلاءم مع الأسعار الصحيحة. هذا الأمر أدّى الى ارتفاع نسبة الطلبات على تقييم المنازل المعروضة للبيع، وهو ما لم تستطع الشركات المنوطة بهذه المهمة مجاراته، نظرا لعدم حيازتها على العدد الكافي من الموظفين المتخصصين بهذه المهمة، ما ساهم في خلق حالة من القلق العام لدى الشركات والمشترين والبائعين على حدّ سواء، نتيجة تأخر البنوك في البت في بعض الحالات واستغراقها فترات زمنية طويلة قد تمتد الى ثلاثة أسابيع، فيما كانت لا تتعدّى مهلة الرد وإعلان القرار النهائي بالقبول أو الرفض على القروض بضعة أيام في الحالات الطبيعية قبل الجائحة.
ومع استمرار الجائحة ودخولها العام الثاني، فقد فرضت الدولة الكندية على جميع البنوك سياسة جديدة، دخلت حيز التنفيذ منذ حوالى الشهر، للحد من القيمة التي تمنحها البنوك للزبائن.
ومع بلوغ نسبة الفوائد (Interest Rate) على القروض السكنية أدنى مستوياتها في تاريخ كندا، ومع استمرار ارتفاع الطلب على المنازل، فرضت الدولة شروطاً أكثرصعوبة لتحديد سقف القروض التي يجب منحها، فعلى سبيل المثال، إذا طلب الشخص قرضاً سكنياً بقيمة 100 ألف دولار، على البنك منحة 80 ألف دولار فقط، وهو يقوم بتأمين باقي المبلغ بنفسه.
هذا التعديل الذي فرضته الدولة، يهدف الى الحد من نسبة الدين المرتفعة جدّا في كندا، خصوصا ديون القروض السكنية. وللحد أيضاَ من المنافسة في سوق العقارات والمزايدة المستمرة في الأسعار.
لا بدّ من الإشارة الى أن الإجراءات المتشدّدة من قبل البنوك والدولة خلال أزمة كورونا "منطقية وموضوعية وضرورية" لضبط القروض والحد من الديون والمضاربة والإفراط في رفع الأسعار(Over bidding or bidding war) .
- ما هي قيمة الدفعة الأولى لشراء منزل؛ هل مازالت 20% من سعر المنزل أم طرأ تعديل على هذه النسبة تماشيا مع ارتفاع الأسعار؟
ليس ضرورياَ أن تبلغ قيمة الدفعة الأولى 20% لشراء منزل في كندا، فيكفي أن يدفع المشتري 5% من سعر المنزل،على أن لا يتعدى إجمالي سعره الـ 500 ألف دولار. وفي هذه الحال قد يوافق البنك على 5% كدفعة أولى، ثم تقوم تقوم شركة التأمين بإلزام المشتري بدفع مبلغاً مالياً (تحدده وفقاً لسعر المنزل) وذلك كضمانة بديلة عن نسبة الـ 15% المتبقية، هذه النسبة (Insurance Premium) يستطيع أن يدفعها المشتري على شكل أقساط مضافة الى القسط الشهري لتسديد القرض.
أمّا في حال تعدّى السعر الإجمالي للمنزل الـ 500 ألف دولار، فإنّ قيمة الدفعة الأولى ترتفع لتصل الى 10%، أي إذا كان سعر المنزل المعروض للبيع 600 ألف دولار على سبيل المثال، فيجب على المشتري أن يسدد 5% من قيمة الدفعة الأولى على مبلغ 500 ألف دولار، ثمّ 10% على باقي المبلغ (100 ألف دولار المتبقية، وهو ما يعادل 10 آلاف دولار)، لذا فإنّ قيمة الدفعة الأولى (Total down payment required ) لشراء منزل سكني بقيمة 600 ألف دولار هي 35 ألف دولار. هذه النسبة في حال كان المشتري يرغب بالسكن في المنزل، أمّا في حال كان يود إستثماره، فإنّ البنك سيطلب منه أن يدفع 20% من ثمنه كدفعة أولى.
وفي حال كان الدخل السنوي للمشتري لا يؤهله لدفع أكثر من 5% من قيمته كدفعة أولى، ورغب بشراء منزل يفوق سعره الإجمالي الـ 500 ألف دولار، فعليه أن يدفع أكثر من 5% كدفعة أولى للحصول عليه.
موضوع الدفعة الأولى أيضاً موضوع شائك وتفاصيله كثيرة نظراً لإختلاف كل حالة عن الأخرى.
لا بدّ من الإشارة الى معلومة في غاية الأهمية يجهلها معظم الناس، وهي أنّ النسب السابقة للمنازل السكنية من نوع دوبلكس وما دون، أما من يرغب بشراء منزل تريبلاكس وما فوق، فتلقائياً ترتفع نسبة الدفعة الأولى الى 10% من السعر الإجمالي للمنزل.
- كم تبلغ قيمة الفوائد على القروض السكنية اليوم؟
بصورة عامة فإن سعر الفائدة في كندا متدني جدّا مقارنة بأي مكان آخر في العالم، وقد سجّل أدنى مستويات خلال الجائحة، كما أنّ النظام المعتمد في عمليات الشراء والبيع والتمويل العقاري، نظام رصين ومدروس بعناية ودقة كي يضمن حقوق جميع الأطراف.
ومن المهم جدّاً أن يقوم المشتري بوضع خطة مستقبلية لأكثر من خمس سنوات عند إختياره الفائدة بما يتلاءم مع وضعه المهني والمالي، فليس شرطاً أن يأخذ الفائدة لمدة خمس سنوات (كما هو شائع)، بل قد يكون برنامج الفائدة لمدة ثلاث أو أربع سنوات أفضل له! وعليه أيضاً أن يقارن بين الفائدة المتغيّرة (variable rate) والفائدة الثابتة (fixed rate) لتحديد أي خيار يعتمد.
وفي الوقت الراهن تتراوح قيمة الفائدة الثابتة لمدة خمس سنوات بين 2,09 الى 2,2%. أمّا معدّل الفائدة المتغيّرة فيتراوح بين 1,22 و 1,4%.
هناك نقطة في غاية الأهمية على المشتري أن يضعها في الحسبان، وهي عدم إعتماد الفائدة الأرخص سعراً، بل عليه أن يدقق في الخيارات المتاحة مع برنامج الفائدة، لذا، علية إستشارة الـ Mortgage Advisor للإستفسار عن إمكانية بيع الممتلكات أو كسر العقد أو نقل الملكية الى منزل جديد بدون الحاجة الى دفع ضريبة جزائية (penalty)، وللحيلولة دون وقوعه في أيةمشاكل أوعراقيل في المستقبل.
- هل هناك برامج ومساعدات حكومية للراغبين بشراء منازل؟
نعم، هناك برامج ومساعدات حكومية للراغبين بشراء منازل في كندا، ومنها برنامج حكومي تمّ الشروع بتطبيقة في شهر أيلول/سبتمبر من العام 2019، لمساعدة الأشخاص الراغبين بشراء منزل للمرة الأولى، وذلك من خلال منحهم 5% إضافية على الدفعة الأولى، فعلى سبيل المثال إذا بلغت قيمة الدفعة الأولى للمنزل 10%، فإن الحكومة الفيدرالية تدفع 5% منها. وهدف البرنامج تحفيز الأشخاص على شراء منازل جديدة وتوسيع مروحة خياراتهم، كونهم لم يعودوا ملزمين بدفع 5% فقط كدفعة أولى من جهة، وكلّما ارتفعت قيمة الدفعة الأولى فإنّ قيمة الأقساط الشهرية ستنخفض من جهة أخرى. ولكن هذا البرنامج لم يلقى رواجاً كبيراً بسبب الشروط التي رافقته، نظراً لأن الأشخاص لا يحبذون فكرة أن تشاركهم الدولة في ممتلكاتهم، فمن يتلقى الدعم الحكومي بقيمة 5 آلاف دولار على سبيل المثال، ويرغب في بيع المنزل لاحقا بعد بضع سنوات أو عقب سداد ثمنه، عليه أن يعيد هذه القيمة بالإضافة الى الأرباح للدولة.
البرنامج لم ينجح كما كان متوقعا في المدن الكبرى والحضرية، كتورونتو ومونتريال وفانكوفر، فيما عمل بشكل أفضل في المجتمعات الصغيرة كنيو برنزويك، نظرا لإنخفاض أسعار العقارات.
- أخيرا، ما هي نصيحتكم لأبناء الجالية الذين يرغبون باستثمار أموالهم عن طريق العقارات؟
نصيحتي لأبناء الجالية، خصوصاً في بدايتهم المهنية، أن لا يقعوا في فخ الديون، فغالباَ ما يسارع الناس فور توظيفهم الى شراء سيارات فارهة وتقسيطها بمبالغ عالية، وفي حال عجزوا عن سداد الأقساط لسبب أو لآخر فإنّ ذلك سيؤثر على الـ (credit) الخاص بهم. لذا، أنصحهم بأن يكون لديهم قراءة مستقبلية، فالمنزل أهم من السيارة، فأي دفعة أو قسط شهري، سيؤثر على قيمة القرض السكني الذي سيعطيه البنك في المستقبل. وفي حال الاقتراض من البنوك أن يقوموا بتسديد الدفعات والمستحقات في وقتها، لأنّ ذلك يؤخذ بعين الإعتبار لاحقاً.
نصيحتي الثانية، في حال قرّر الشخص شراء منزل، أن يقوم بتخطيط مسبق لعملية الشراء (process)، أي قبل سنة أو 6 أشهر من شراء المنزل، وأن يتشاور مع البنك الذي يتعامل معه، فقد يقترح عليه خطة لتسريع عملية الدفعة الأولى، ويمكن أن يقدّم له البنك نصائح عملية لتسهيل وإتمام عملية الشراء.كما ينبغي على الشخص الذي يرغب بشراء منزل وضع خطة مالية طويلة الأجل، والتأكد من قيمة القرض الذي يستطيع الحصول عليه قبل الشروع في البحث عن منازل وتقديم عروض عليها (Offers) بدون الرجوع الى البنك، وبعدها التنسيق مع سمسار العقارات وليس العكس!
النصيحة الأخيرة التي أود الإشارة إليها هي أن العقارات أفضل سبيل لاستثمار وادخار الأموال، فأسعار العقارات خلال السنوات الخمسة الأخيرة في كندا في إرتفاع مستمر (constant increase)، فبعض الأشخاص الذين اشتروا منازلهم قبل 3أو 4 سنوات ارتفعت قيمتها بمعدلات تتراوح بين 100 و 150 ألف دولار، وفي أحيان أخرى أكثر من ذلك.
ارتفاع أسعار العقارات أيضاَ ساعدت المالكين في الإستثمار في عقارات أخرى.
كما أن ارتفاع بدلات الإيجار في المدن الكبرى دفع الكثير من الأشخاص الى تفضيل شراء المنازل عوضاَ عن هدر أموالهم في دفع الإيجارات. وعلى أصحاب المنازل أن يكون لديهم فكرة مستقبلية، فصحيح أنهم يسددون أقساطا شهرية وفوائد مرتفعة للبنوك، ولكن في المقابل أثمان منازلهم بعدة فترة ستتضاعف، وبهذا يكونون قد استوفوا جميع الأموال التّي أنفقوها على منازلهم.
سوق العقارات في كندا استثمار بالغ الأهمية، لذا، الوقت ما زال متاحا أمام الجميع، ومن لا يمتلك دفعة أولى لشراء منزل، يمكنه اللجوء الى خيار آخر، وهو شراء شقة سكنية ليستثمرها في وقت لاحق، وأن يقتنص فرصة الإستثمارالثمينة في كندا.