المنشد والموسيقي مهدي كلاّس : " في هذه الجالية اصوات جميلة ومواهب علينا احتضانها وتنميتها وتطويرها"

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

مهدي كلاس منشد وموسيقي و مدرّب صوت لبناني بارز متخصص بالفن الملتزم .. اعطاه الله موهبة الصوت الجميل والاذن الموسيقية . قدم الى كندا بدعوة من الجالية للمشاركة في احياء ذكرى ولادة الامام المهدي ( ع) حيث كانت له مشاركة في اكثر من احتفال في مدينتي اوتاوا ومونتريال ومشاركة في تدريب بعض الطاقات و الاصوات الجميلة ، لا سيما في "فرقة النور" و "فرقة ملك"  . خلال زيارته التي استمرت قرابة الاسبوعين التقينا به واجرينا معه حوارا شيّقا حول الفن الاسلامي الملتزم بشكل عام وعن سيرته الذاتية ومشاريعه المستقبلية وعن زيارته الى كندا.

المنشد والموسيقي كلاس تم اكتشاف موهبته عندما كان عمره تسع سنوات من قبل اهله الذين بادروا الى الاهتمام به في المنزل ليلتحق بعدها بعدة معاهد للموسيقى . بدأت مسيرته الفنية بشكل رسمي عندما كان عمره 15 سنة حين التحق بفرق لبنانية محلية تتعاطى الفن الاسلامي الملتزم. ولاحقا افتتح استوديو للانتاج الموسيقي الذي تطور مع الوقت. وهو الآن يدير Kallas Music Production للإنتاج الصوتي و الموسيقي و VOCAPHONE ACADEMY  للتدريب والتطوير والتربية الصوتية .

درس الموسيقى في "الكونسرڤاتوار" اللبناني ومعاهد اخرى مثل معهد "اطوار" و معهد "THE MUSIC HOME".

يطمح كلاّس الى "الارتقاء بالانتاج والتصميم الفني والموسيقي والانشائي والادائي الى كل ما يخدم البيئة الاسلامية كي تعبر عن نفسها كبيئة محبة وسلام ووئام وارتباط بالله سبحانه وتعالى فالله هو الحب والسلام" . ويعتبر ان " الارتقاء والتوجه نحو الاختصاص بالموسيقى والاداء الصوتي يساهم بالارتقاء بكل الميادين". والسعي ان " يرى جميع الناس صورة الاسلام الحقيقي كدين للمحبة والسلام والتعاون ومساعدة المحتاجين عبر الكلمات والالحان والموسيقى و عبر احتفالاتنا وعبر التقريب بين المذاهب والاديان" . ويشدد كلاس على ان " هذا كله يحتاج الى ارتقاء وتخصص وان يكون خطابنا واحدا يتم تعميمه اجتماعيا وثقافيا ودينيا وعائليا وعلى كل الاصعدة". 

في اللقاء اكّد كلاّس ان " في هذه الجالية اصوات جميلة واشخاص يحبون الموسيقى لكنهم يحتاجون الى الدعم وتبني هذه المواهب". واشار الى انه "علينا احتضان هذه المواهب وان ننميها ونطورها لكي نرتقي نحن والمجتمع وثقافته مع المحافظة والتمسك بثقافتنا الاسلامية وان ندل عليها من خلال الفن المتخصص الملتزم والهادف والسامي" .  

كلاّس لاحظ ايضا في اللقاء ان " هذا المجتمع هو مجتمعكم وانتم جزء اساسي منه وتتعاطون معه بكل محبة . ترفضون الشر وتقدمون الخير وتنشدون الامن والسلام لهذا البلد واهله" .  

 

- استاذ مهدي كلاس ما هي اسباب اختيارك لمجال الفن ؟

الموهبة التي اعطاني اياه الله هي الدافع الاول . فعندما يعطي الله الانسان موهبة و ما فيها الجمال يشعر بجذبة خاصة تدفعه الى خوض هذا الغمار ويكون هذا المجال ميدانه . السبب الثاني انه شعرت ان هناك مسؤولية تجاه هذا الاختصاص ولا نتكل فقط على الموهبة بل على التخصص . حيث بات عندي اطلاع واسع في هذا المجال لا سيما على الاشخاص المحترفين بعالم الاداء الفني والانشادي والغنائي والموسيقي .

انا درست الترتيل البيزنطي والترتيل السرياني والغناء الشرقي ودرست آلة الناي كآلة عربية احبها ودرست الپيانو. عندي دپلوم في تكنولوجيا الموسيقى وصناعة الموسيقى الذي لم يكتمل كاختصاص رسمي في الجامعات وهو اختصاص واسع جدا وصار موجودا في عالم الذكاء الاصطناعي . نحن على متابعة دائمة لاي تطور في عالم الموسيقى لنلبي احتياجاتنا في الانتاج الموسيقي والفني والانشادي .

والسبب الاخير والدائم ان هذا المجال يتيح لي ان اعبر عن نفسي بطريقة راقية وانسيابية وانسانية وبمحبة وان اختار دائما المشهد الثقافي الوحيد الذي يخاطب القلب والعقل مباشرة دون استئذان . وهذا شيء جميل جدا واحبه واشكر الله انه اعطاني هذه الموهبة من الصوت الجميل والاذن الموسيقية لايصال رسالتي من خلال هذه الموهبة الربانية.  

 

- كيف نميز بين الفن الاسلامي او الموسيقى والانشودة الاسلامية والفنون الاخرى من موسيقى وغناء سيما ان كلامهما يتضمن الموسيقى والصوت الجميل الخ..؟

التمييز اولا يكون من خلال تحقيق الهدف باحياء الطقوس الاسلامية والدلالات الاسلامية والادائية . الصوت له طريقته والصوت له اداؤه . هو يرتبط مباشرة بالتجلي الالهي وبالمناجاة وبالرجاء وبالدعاء . فالقران له موسيقى خاصة تجويدا وترتيلا على مقامات شرق – عربية. والدعاء الذي ندعو به له مقامات شرقية عربية وكذلك في الأناشيد وفي كل شيء.

رسالتنا تتميز كأي رسالة دينية وخصوصا الرسالة الاسلامية بحيث يكون لها هدف وهدف سامي جدا، منها اغاثة الملهوف ،الارتقاء بالمجتمع ، ممارسة القانون بشكل صحيح ، تنظيم امور الحياة ،النظافة ، حب الاهل ، التعاون مع الاخوة ، احترام الكبير ، رحمة الصغير وكل المفاهيم الدينية الحقّة التي تدل على السلام والمحبة هي التي تميز الانتاج الفني الاسلامي الموسيقي والانشودة الاسلامية عن غيرها . وتتميز ايضا بتخليد ذكرى النبي محمد (ص) والائمة الاطهار والدين الاسلامي الاصيل لكي نحافظ على ارثنا وثقافتنا .

 

- ما هو تقييمكم للفن الاسلامي هل يحاكي تطور العصر والاجيال الصاعدة التي تشدها كثيرا الموسيقى ؟

الفن الاسلامي و يحاكي العصر والاجيال الصاعدة وكل فن اسلامي ملتزم تطور ومحترف يتم التعاطي معه بطريقة محترفة وتخطيط جيد واختيار الافكار المناسبة لكل بيئة وباللغة الصحيحة من خلال المحافظة على اللغة العربية الام ولكن مع الالفتات الى مخاطبة الاجيال باللغة التي يتحدثون بها . علينا ان نتفنن بصناعة الانشودة باكثر من لغة سيما ان هناك جبهة مقابلة حاضرة بقوة ولديها الموسيقى. لذا لا ينبغي انتاج الفن الا من خلال المحترفين والمتخصصين ومن لديه موهبة عليه ان يتعاون مع اهل الاختصاص لكي يكون الانتاج بطريقة محترفة . ما ينقصنا هو التخصص لكي يكون هذا الموضوع متكاملا. يشكل المتخصصون بالفن الاسلامي ما نسبته 40 بالمئة من الذين بهذا الفن، ولكن هذا الامر لا يكفي. يجب ان نرتقي بهذا الفن الى مصاف الاختصاصات الاخرى . فكما نهتم بالهندسة والمعلوماتية والالكترونيك وغيرها علينا ان نهتم بالمجال الثقافي التي يُعد الفن والصوتيات والموسيقى والالحان والاداء الصوتي جزء منها .

   

- ما هي اهم العقبات التي تواجه تطور الفن الاسلامي على صعيد الموسيقى والانشاد؟ وهل هناك معوقات دينية تحول دون تطوير هذا الفن ؟

لا يوجد هناك اية معوقات .. الدين يقول لنا انه بحال كان هذا الفن يهدف للوصول الى هدف سامي ويدل على الاسلام الحق والمحبة والسلام ومساعدة المحتاجين وعدم التعدي على الآخرين والتكاتف في المجتمعات واحترام الاهل وغيرها من القيم الانسانية والمجتمعية فلن يكون هناك اية عقبات ابدا . ما يعيق بالفعل هي عقبة التمويل لهذا الفن وعقبة عدم وجود الايمان بضرورة دعم هذا الفن. فالمطلوب ان لا يقتصر على تجارب فردية ، بل يجب ان يكون هناك ام واب لهذه الانتاجات . يجب ان يكون هناك شركة في كل بلد تتولى انتاج هذا الفن ورعايته وتبنيه والتخطيط له واختيار المواضيع الجيدة والملائمة لكل بيئة ولكل مجتمع لكي يرتقي ويصبح من الاشياء الاساسية في حياة الناس..

عندما نسال عن الثقافات يتجلى مباشرة نوع الفن الذي هو موجود والكلام الذي يكتبونه ونوع المسرحيات والروايات التي تدل على هوية البلد وعلى الحضارة . لذا يجب ان يكون للحضارة الاسلامية فنّاً يدلّ عليها والحجر الاساس هو التخصص ثم التخصص ثم التخصص لكي يكون هناك استثمار ناجح وراقي يدل على الانسانية والمحبة والتقريب بين الاديان والمذاهب.  

 

- كان لكم تجربة انشادية في اكثر من كنيسة في لبنان واوروبا هل يمكن ان تحدثنا عن هذه التجربة من بدايتها وما بعدها  وهل هناك مشاريع مماثلة قريبة؟

المشاركة اتت في اجواء الاحتفال بولادة الرسول الاكرم محمد(ص) وولادة نبي الله عيسى المسيح (ع) في لبنان . قمت بتاليف وتلحين اكثر من نشيد تلائم المجتمعات المسلمة والمسيحية وكان مشاركة في اكثر من منطقة في لبنان منها في الشمال في اميون وكنيسة سيدة المشرق في صيدا وفي احدى كنائس مرجعيون. وكانت لي مشاركة في كاتدرائية نيداروس التي تقع في مدينة تروندهام، وهي اكبر كاتدرائية في النرويج ولعله في اوروبا. المهرجان الكبير في كاتدرائية نيداروس ضم ممثلين عن المدارس الفنية الاسلامية والمسيحية والبيزنطية والسريانية ، وكنتُ ممثلا فيه للبنان وتحديدا للفن الاسلامي . في هذا المهرجان نلت جائزة في تلحين مقطوعة تتكلم عن الاندلس. كانت الاجواء جميلة جدا والتعاون مميزا حيث كان الاخوة المسيحيون يتوقون للاستماع الى الحاننا ونحن نتوق للاستماع لالحانهم.. للرسالة السماوية.. للمحبة للتعاون للكلام عن المسيح (ع) وعن الرسول (ص). اكتشفوا واكتشفنا مدى تشابه هاتين الرسالتين وقربهما من بعضهما من حيث المسالة الانسانية والقيم المجتمعية والمحبة والسلام .

نقوم الان باالتحضير لكونسرت في السويد وآخر في النرويج يضم اخوة من الديانة المسيحية والاسلامية نؤكد من خلالها ان الثقافة الاسلامية مبنية على السلام والمحبة والتي نحرص عليها بطريقة مميزة ودائما من خلال التخصص والاحتراف .

 

- سمعنا انكم تلقيتم عرضا فنيا خلال وجودكم في كندا ؟

الكونسرت في السويد والنرويج عندما شاهدوا مشاركتي في اوتاوا ومونتريال وجمالية ما تم تقديمه قاموا بتوجيه دعوة للمشاركة عندهم . وقريبا سيكون لنا مشاركة معهم باذن الله وسننشرها على صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي  

 

- بعد زيارتكم الى كندا كيف تقيمون النشاط الفني هنا ؟ وماذا تقترحون في هذا المجال ؟

في هذ البلد جالية تحافظ على قيمها الانسانية قيم المحبة والسلام مع الجميع وفيها طاقات جميلة جدا. هناك اصوات جميلة واشخاص يحبون الموسيقى لكنهم يحتاجون الى الدعم وتبني هذه المواهب . هناك حاجة الى اقامة مسابقات وتاسيس اكاديميات متعددة اللغات  لتطوير هذه المواهب . يجب ان يتم صناعة الاناشيد الخاصة بهم وتعبر عن نفسها وعن بيئتها بلغتهم الفرنسية والانكليزية والعربية . لا ينقصهم شيء فهناك مواهب كثيرة تحتاج الى من يوفر لها الظروف لكي تتدرب وتتطور وتصبح منتجة. وهي تحتاج الى عناية لكي تستطيع الارتقاء وتصل الى مرحلة التخصص والاحتراف حتى نتشارك نحن وسكان البلد الذين نحبهم ويحبوننا ونقيم معا نشاطات موسيقية وانشادية مشتركة سواء مع الكنيسة اواي طرف يحمل قيم المحبة والسلام والحياة الراقية . علينا احتضان هذه المواهب وننميها ونطورها لكي نرتقي نحن والمجتمع وثقافته من خلال المحافظة والتمسك بثقافتنا الاسلامية وندل عليها من خلال الفن المتخصص الملتزم والهادف والسامي . حين يكون المشهد عظيما جدا ، خاصة في هذه البلاد التي تحتضن الجميع والتي تنساب انسيابية مطلقة مع الجميع .

   

-هل لديكم كلمة اخيرة ؟

هذه الجالية تكبّر القلب وشكرا لكل ما تقدمونه ولحبكم لهذا البلد الذي تنتمون اليه وتحافظون عليه وتحفظون فيه اولادكم وتربونهم على القيم الاسلامية الصحيحة . هذا المجتمع هو مجتمعكم وانتم جزء اساسي منه  وتتعاطون معه بكل محبة . ترفضون الشر وتقدمون الخير وتنشدون الامن والسلام لهذا البلد واهله . اتمنى ان نلتقى مرة جديدة ويكون هناك مشروع لتطوير الحالة الفنية وحالة التخصص في عالم الموسيقى .