رمضان في زمن كورونا: عطاءٌ يتحدّى القيود!

  • article

 فاطمة بعلبكي- مونتريال

لطالما شكّل شهر رمضان المبارك محطّة سنويّة للتفكّر والتعبّد من جهة، وفرصة استثنائيّة لإعادة ترتيب الأولويّات في حياة الفرد المسلم، وتجسيد القيم والمبادىء الإسلامية السمحة، المتمثلّة بالجود والعطاء واستشعار معاناة الآخرين من جهة أخرى. فالفرائض والعبادات خلال هذا الشهر الفضيل، لا بدّ لها أن تقترن بالأفعال الملموسة والسعي الحثيث لمد يد العون  الى الحلقات الأضعف في المجتمع!

وإنطلاقاً ممّا تقدّم كان لسوبرماركت ومطعم "الهلال" - لبيع اللحوم والمنتجات الغذائيّة الحلال في مونتريال-  لفتة كريمة ويد بيضاء خلال شهر الرّحمة...

 

"الهلال": حبّة عطاء... بشهر الكرم!

أطلقت إدارة "الهلال" مبادرتها الخيرية الثانيّة بمناسبة حلول الشهر الفضيل، حيث أطلقت المبادرة الأولى الخاصة بشهر رمضان العام الماضي، وهي مبادة عفويّة يمكننا أن نطلق عليها عنوان "حبة عطاء... بشهر الكرم". وبموجب هذه المبادرة يحصل الأشخاص الذّين يشترون بقيمة 50 $ وما فوق، على بطاقة تحمل رقماً، تخوّله المشاركة في السحب الأسبوعي، الذّي يُقام كل يوم ثلاثاء حوالى الساعة 12 ظهراً، ويتم بثّه مباشرةً عبر موقع الفايسبوك، للإعلان عن أرقام البطاقات الرابحة. أمّا الجوائز الأسبوعيّة، فهي عبارة عن  أربع قسائم شرائية بقيمة 50$، وقسيمة شرائية بقيمة 100$ من كافة السلع والمنتجات الموجودة في المحل.

ولا تقتصر الجوائز على الشهر الفضيل وحسب، بل ستستمر أيضاً حتّى أوّل أيّام "عيد الفطر المبارك"، حيث سيتم السحب على جائزة كبرى (قسيمة شرائية بقيمة 300$ من الهلال)، وسيشمل السحب جميع البطاقات منذ بداية الشهر الكريم.

كما تبحث إدارة الهلال في توسيع مروحة الفائزين، من خلال الإعلان عن جوائز أخرى لاحقاً...

 هدف المبادرة خيري بحت...

أكّدت إدارة الهلال أنّ هدف هذه المبادرة خيري بحت، كما أعلنت عن أمنيتها بتأسيس حالة عامّة، إنطلاقاَ من الإمكانيّات "المتواضعة" في الهلال.

ويمكن تقسيم الأهداف الى ثلاثة أقسام:

الأوّل، نشر ثقافة الفرح ومحاولة تعزيز الإرتباط بهذه المناسبة العظيمة، خصوصاً وأنّ الجيل الجديد من المغتربين، الذين ولدوا، ونشأوا وترعرعوا في كندا، لم يعرفوا المظاهر والأجواء الرمضانيّة التّي ألفها الجيل الأكبر سنّا، كالزينة والفوانيس في الشوارع، ورائحة الحلويات العربيّة وعربات الجلّاب والعصائر، ناهيك عن صوت الآذان وقت الغروب! كل هذه العادات غير مألوفة للجيل الجديد مع الأسف! لذا، تسعى  الإدارة -عبر المبادرة-  كي يعرفها الجيل المعاصر من أبناء الجالية المسلمة، وكي يكوّن هذا الجيل ذكريات جميلة عن شهر الرّحمة. وأيضاَ تحاول تعريف الجاليات الأخرى على العادات الإسلاميّة، والقيم النبيلة.

والهدف الثّاني، تحدّي الظّروف القاهرة التي فرضها كورونا للعام الثّاني على التّوالي، من خلال القيود الصحيّة الصّارمة، والتّي أجبرت الناس على العزل القسري، وهو ما يتعارض تماماً مع قيم الشهر الفضيل من التواصل وصلة الأرحام.

أمّا الهدف الثّالث والأهم، فهو تجسيد المبادىء الإسلامية والقيم الرمضانيّة، كالعطاء، والتواصل،  والرّحمة... وشد عضد أبناء الجالية وتآزرهم مع بعضهم البعض، "حتى نبقى فخورين بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا"، كما أكّدت إدارة الهلال.



 ردود فعل رسميّة وشعبيّة واعدة!

 أشارت إدارة الهلال الى أن المبادرة لاقت ردود فعل مبشّرة وواعدة على الصعيدين الرسمي والشعبّي، حيث أوجدت نوعاً من الفضول والحشرية في اوساط الزبائن غير المسلمين، ودفعتهم للسؤال أكثر عن شهر رمضان والتعرّف الى الثقافة الإسلامية، وهنا مربط الفرس.

أما على الصّعيد الرسمي، فمن المعروف أنّ المجتمع الكندي يشجعّ الأعمال التطوعيّة والمبادرات الخيرية التّي من شأنها غرس مشاعر التعاضد والألفة بين المواطنين الكنديين على إختلاف انتماءاتهم الثقافية والدينية والعرقية، لذا فإن المبادرة لاقت استحساناً من قبل بلدية مونتريال، التّي وجّهت رسالة تهنئة إلى الهلال، فضلاّ عن إشادة النائب Paule Robitaille بالمبادرة، وتغطيتها إعلامياَ من خلال إرسال مصوّر فوتوغرافي الى المحل، وإستضافتها لأعضاء من الإدارة في بث مباشرة عبر صفحتها على موقع فايسبوك للحديث عن المبادرة والثناء على هذه الخطوة المميزة.

وأعربت إدارة الهلال عن سعادتها بردود الفعل الإيجابيّة،  خصوصاً وأنّ التواصل مع الهيئات الرسميّة كان شبه معدوماً، وهذا الأمر حفّزها على المضي قدماً والحرص على الإستمرارية من أجل الاندماج مع المجتمع الكندي!

وبدورنا في "صدى المشرق" ننوّه بهذا المبادرة القيّمة، وندعو الجميع الى العمل كلّ من موقعه للتعريف بالثقافة الإسلامية، وعدم ترك المهمة على الجمعيات والمراكز الإسلامية فقط، خصوصاَ وأن الحضور الإسلامي في مونتريال يعتبر خجولاً حتى الآن، بالرغم من وجود أبناء الجالية منذ أكثر من 40 عاماً في هذا المجتمع، فالمناسبات الإسلاميّة لا يتم الاحتفال بها، وتقتصر الأجواء الإحتفالية على المبادرات الفردية، والجهد الشخصي للأفراد. لذا، ندعو الجالية المسلمة كي تبذل المزيد من الجهود، وأن تتحدّى العوائق بصلابة وانفتاح، كي تكون أكثر تأثيراً وايجابيّة في كندا، خصوصاً وأنّ لدينا الكفاءات والمهارات الفردية لذلك، فقط علينا أن نسلّط الضوء عليهم!