سامر المجذوب في ذكرى مجزرة كيبك : هناك عناصر سيئة، صوتها مرتفع لكنها لا تمثل المجتمع الكبيكي والكندي

  • article

صدى المشرق ـ ومونتريال

في الذكرى السادسة لمجزرة كيبك سيتي التي ارتكبت في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني والتي سقط فيها ستة شهداء فضلا عن عدد من الجرحى والتسبب بيُتم العديد من الأطفال وبقاء احد الاخوة في حالة اعاقة دائمة هو ايمن دربالي، التقت صدى المشرق رئيس المنتدى الاسلامي الكندي الاستاذ سامر المجذوب للحديث عن هذه المناسبة الاليمة حيث لفت المجذوب الى انه "صحيح اننا نحيي ذكرى مسجد كيبك، ولكن الذكرى تختصر ما يجري في كل المقاطعات الكندية المختلفة على الجالية المسلمة من اعتداءات ليس لشيء الا لانتمائهم الديني والثقافي". واذ اشار الى ازدياد حالات الاعتداء على المسلمين لفت الى انه "لا يكاد يمر يوم الا ونسمع بحالات تعدي او اعتداء اما لفظي او عبر وسائل التواصل الاجتماعي او حتى من خلال المواقع السياسية بدون اي تردد ، بحجة حرية التعبير . وكأن حرية التعبير لا تكون الا بالتعدي على خصوصيات الاخرين". ولفت الى انه "اتتنا شكاوى مرات ومرات انه عندما يتعرض احد للاعتداء وتقدم شكوى لدى دائرة الشرطة لا يتم التعاطي معها بالشكل المطلوب". واعتبر ان "التراخي في المواجهة توجه رسالة خاطئة".

وشدد على انه " كلما حافظنا على هويتنا وعلى انتمائنا واحترمنا الآخرين كلما فشلت الهجمات التي تتم على الجالية من اية جهة كانت وعبر اية وسيلة". كما اكد على ضرورة عدم التقوقع.

المجذوب لفت في حديثه الى ان " شركاؤنا في الوطن الكندي فيهم الخير الكثير ويحترمون الانسان وحقوقه ، لكن في بعض الاحيان نجد ان هناك من يقع في براثن ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي والاحقاد والاجندات السياسية و قوى الضغط من دون ان يدروا "، مؤكدا على ان "هناك احداث سلبية تحصل وهناك عناصر سيئة. هذه العناصر صوتها مرتفع لكنها لا تمثل المجتمع . فالمجتمع بعمومه مجتمع منفتح متواصل" . كما اكد ان "كيبك ليست عنصرية والبرتا واونتاريو ليستا كذلك . كندا ليست عنصرية كذلك ونحن لسنا في حالة حرب ".

ودعا شبابنا واخواتنا ان "كونوا فخورين بانتمائكم وبقناعاتكم ولا تقدموا اية تنازلات و ليس هو المطلوب في الأصل اذ ان كندا قائمة على تعدد الثقافات". وتمنى على الشباب المشاركة  في المجتمع والسعي  لخيره  الذي انتم جزء منه.

وكان حديث عن تعيين السيدة اميرة الغوابي في منصب مستشارة الحكومة بخصوص الاسلاموفوبيا.     

           

بداية في الذكرى السنوية السادسة لمجزرة المسجد الكبير في كيبك ماذا تقولون ؟

الذكرى السادسة لمجزرة كيبك سيتي التي ارتكبت في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني هي مناسبة للتعبير عن حالة الحزن والاسى الذي تسببت به المجزرة وما نتج عنها من سقوط شهداء وجرحى وضحايا وارامل وايتام، وان كانت هذه الذكرى لا تغيب عن بالنا في كل المراحل. صحيح اننا نحيي ذكرى مسجد كيبك ولكنها تختصر ما يجري في كل المقاطعات الكندية المختلفة على الجالية المسلمة من اعتداءات ليس لشيء الا لانتمائهم الديني والثقافي .

لا يكاد يمر يوم الا ونسمع بحالات تعدي او اعتداء اما لفظي او عبر وسائل التواصل الاجتماعي او حتى من خلال المواقع السياسية بدون اي تردد ، بحجة حرية التعبير . وكأن حرية التعبير لا تكون الا بالتعدي على خصوصيات الاخرين. هذا يتم استغلاله من قبل انصار العنصرية ومن يريدون نشر الاحقاد.

 

اليوم، هل قضية الاسلاموفوبيا في تراجع ام في ازدياد ؟

تاتي هذه الذكرى لتضعنا امام مسؤولياتنا بلحاظ ان حالة الاسلاموفوبيا لا زالت موجودة وفي ازدياد.فاحصاءات كندا تشير الى ارتفاع ما نسبته 71% في حالات الاسلاموفوبيا وهذا الامر مخيف ومقلق جدا ويضعنا امام مسؤوليات كبيرة لمواجهته بشكل جماعي عملي وفعال. وهذا هو المطلوب في المرحلة القادمة.

 

ما هي اسباب الكراهية التي يتعرض لها المسلمون ؟

لا ارى اي مبرر للحقد على المسلمين او غيرهم من اية خلفيات اتت . حالة الحقد قد تكون تخفي وراءها اجندات سياسية ولكن هناك اليمين اليمين المتطرف والشعوبية وغيرهم الذين قد يكون لديهم اجندات مختلفة ولكنهم للاسف متفقون على ان الاسلاموفوبيا مسالة طبيعية .

 

يقال ان هذه الماساة بدأ يطويها النسيان رغم ما يحدث من اعتداءات متواصلة ضد المسلمين في اكثر من مدينة.. ما هو رايكم؟

صحيح، هذا ملاحظ .. مع مرور الوقت قد تصبح حالات الاعتداء والتعدي عادية ، ليس عند عموم الناس بل حتى عند الضحايا انفسهم. ونحن نلمس هذا الامر وهو ما يراهن عليه الكثير من القوى المتطرفة في المجتمع وان نكون مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة ، وهو ناتج عن عدة اعتبارات : الاعتبار الاول هو طبيعة الانسان حيث يريد ان يلتفت الى حياته ولا يهتم بما يحدث مع الاخرين . الامر الثاني هو عدم التعاطي الجدي من السلطات المعنية مع الامر في الكثير من المناطق في كندا . وهنا الفت الى انه اتتنا شكاوى مرات ومرات انه عندما يتعرض احد للاعتداء وتقدم شكوى لدى دائرة الشرطة لا يتم التعاطي معها بالشكل المطلوب. الامر الاخر هو التخويف الذي يتعرض لها خصوصا الاخوات والتي تشكل المزيد من الضغوطات سواء منها المعنوية وغيرها والتي تاتي من خلال وسائل التواصل او في العمل ما يدفعهم الى الانكفاء او تقبل حالة الاعتداء عليهم، املين ان تمر المسالة مرور الكرام. وهذا ما يشجع الطرف الاخر ويعطيه الامل في الاستمرار في ممارساته العدوانية دون ان يلقى اي عقاب قانوني او مساءلة او محاسبة . فالتراخي في المواجهة توجه رسالة خاطئة وكان الامر طبيعي ، وبالتالي تصبح حالات التعدي في ازدياد واكثر شراسة واكثر انتشارا.

 

هل انتم راضون عن تعامل الدولة الكندية مع هذا الموضوع ؟

كررنا كثيرا ان الحكومة الفدرالية قامت بخطوات مهمة في مجال الاسلاموفوبيا. نحن في المنتدى اخذنا على عاتقنا موضوع الاسلاموفوبيا منذ العام 2009 ونعرف كيف تم التعاطي من قبل الحكومات المختلفة ، الا ان الحكومة الحالية برئاسة جوستان ترودو تعاطت بجدية اكبر. وياتي الان تعيين الاخت اميرة الغوابي كموجّهة لمكافحة الاسلاموفوبيا خطوة استمرارية لما قامت به الحكومة الفدرالية وتحضير الارضية لمواجهة الاسلاموفوبيا ،سواء من خلال قانون في البرلمان من خلال تعريف الاسلاموفوبيا من خلال دراسات حول الموضوع. لكن لا بد ان نعي ان هذا المنصب هو استشاري ومن واجب الشخصية المعينة ان تقدم المشورة للدوائر الحكومية المعنية حول كيفية التًعاطي في موضوع الاسلاموفوبيا .

 

هل هذا التعيين هو الحل السحري ؟

اكيدا الجواب لا . هو اظهار ان الامر جدي، سيما في الدوائر الحكومية او ما يسمى بالاسلاموفوبيا الممنهجة . عسى ان يساعد هذا المنصب على الحد من الاسلاموفوبيا ومواجهتها. ولا بد من الاشارة هنا الى انه يجب ان يتم دعم الخيار الجديد من خلال وقوف الجالية والمجتمع بشكل مستمر ضد العنصرية وضد الاسلاموفوبيا. لا نريد للناس ان تقع في وهم ان الامر ينتهي عند مسالة التعيين . ابدا... هو خطوة اولى وهناك خطوات كثيرة علينا ان نعمل على انجازها . نادينا سابقا وننادي الآن بانه رغم كل الايجابيات التي قامت بها ونحن نعترف بها ونقدرها نتمنى ان يتحول الامر لدى الحكومة الفدرالية الامر الى سياسة واضحة ، خصوصا اننا قادمون على مرحلة انتخابات خلال السنتين القادمتين والوقت قد لا يكون كافيا لتطبيق الوعود التي اطلقتها الحكومة الحالية حول مواجهة الاسلاموفوبيا ، سيما انه مع وصول حكومة جديدة بعد الانتخابات ـ لا ندري من ستكون ـ قد يؤدي الى برودة في الاهتمام بهذا الموضوع .

 

ماذا بالنسبة لحكومة كيبك ؟

بالنسبة لحكومة كيبك لا يوجد ما يؤشر الى ان حكومة لوغو اخذت الموضوع على محمل الجد . فحكومة لوغو لا تعترف بوجود الاسلاموفوبيا. و قد أشار لوغو الى هذه الموقف في مرات عديدة ، والتعاطي مع ما يتعرض له المسلمون من اعتدءات وكراهية ليس على نفس المستوى الموجود عند الحكومة الفدرالية . هذا لا يعني ان حكومة المقاطعة تشجع على الاعتداءات ، طبعا لا . وهذا الامر ليس محصورا في كيبك بل في مقاطعات اخرى ايضا. حيث لم نجد ان تعاطي الحكومات المقاطعات مع الموضوع كما تتعاطى معه الحكومة الفدرالية .  

التقدم بالشكاوى في موضوع الاسلاموفوبيا اصبح متكررا وهذا من حقنا كابناء لهذا الوطن لاننا نتعرض للمظلومية ومن حقنا ان نعبر عنها . ومواجهة الاسلاموفوبيا هي مسؤلية الجميع . ولا شك ان الحكومات تقع عليها مسؤوليات ان لا تعطي الضوء الاخضر للتمييز تحت اي مسميات . اي سياسات حكومية تعطي لنفسها حق التمييز بين المواطنين بناء على خلفياتهم هي ضوء اخضر للجماعات الشعبوية والمتطرفة في المجتمع لتمضي قدما في تطرفها . فعندما يرى هؤلاء المتطرفون ان مفاعيل بعض سياسيات الحكومة هي التي تقوم بالتمييز بين المواطنين يصبح ذلك دافعا لها للمزيد من التطرف . هنا يصبح التمييز مسالة عادية وهو امر في غاية الخطورة وهو ما نلاحظه في اوروپا وفي كثير من الاماكن .

 

ماذا عن المجتمع المدني الكندي؟  

يمكنني القول انه سبق وذكرت في مقال سابق في الهافنغتن پوست ان مواجهة الاسلاموفوبيا ليست فقط ضمن اهتمام المسلمين وحدهم بل هي هم كندي، وهذا ما سعى اليه المنتدى الاسلامي الكندي عندما انطلقنا تجاه البرلمان الكندي وتجاه السياسيين في السابق منذ العام2009  والى وقتنا الحالي و في المستقبل ان شاء الله  . كان الهم الاساسي هو تحويل القضية الى هم كندي. وقد نجحنا بفضل الله وتكاتف الجهود ان يتحول الامر الى هم كندي . ما يحتم على كل الدوائر المعنية القيام بمحاربة العنصرية والتمييز واستهداف المواطنين على اساس انتمائهم الديني او غيره . وهذا الأمر ينبغي ان يشمل الحكومات في المقاطعات كافة في المراكز العامة وفي اقسام الشرطة والمدارس والمؤسسات التعليمية كافة واماكن العمل . ولا ينبغي ان يكون محصورا بقضية استهداف المسلمين فقط في كندا، سيما ان هناك جاليات اخرى مستهدفة ايضا مثل الافارقة السود واليهود والاسيوية. نحن نرفض حتى استهداف العنصر الابيض . فعندما يبدا التمييز لن يوفر احدا على الاطلاق .

 

ما هي مسؤولية الجالية هنا في وضع حد لتعرض المسلمين والمسلمات للكراهية؟

على الجالية المسلمة مسؤوليات منها واهمها عدم المساومة على الهوية والانتماء، لان المساومة تدفع الاطراف الأخرى المعتدية لان تزيد من اعتداءاتها وتتجرأ اكثر . ثانيا ان لا تساوم على امنها وكرامتها وان لا تقبل بالخنوع الخضوع . هذا في غاية الاهمية. ولكن ليس المقصود من ذلك المواجهة بالعنف، ابدا . ولكن ان لا يقبل الانسان المهانة والتنازل عن الهوية  . فكلما حافظنا على هويتنا وعلى انتمائنا واحترمنا الآخرين كلما فشلت التهجمات التي تتم على الجالية من اية جهة كانت وعبر اية وسيلة . لكن اذا تراجعت مجموعة وبدأت تخنع مجموعة اخرى فان ذلك سيشجع على المزيد من الاستهداف .

مسالة اخرى ضرورية في اطار محاربة الاسلاموفوبيا هي عدم التقوقع . لان التقوقع يجعل الطرف الاخر يجهلك. لان الجهل هو من جملة اسباب الاسلاموفوبيا . فالناس تجهل المسلمين وفي الوقت نفسه تسمع عنهم الكثير من الافتراءات في الاعلام المغرض. وبالتالي علينا ان نكون جزءً من هذا المجتمع ونعمل لخيره ، ليس فقط داخل مؤسسات الجالية بل خارجها، من خلال العمل التطوعي في رعاية كبار السن وبنوك الطعام ومساعدة المشردين وغيرها. ولا بد للاخر ان يعرف من نحن وما هي هويتنا. وحتى علينا ان نحافظ على اسمائنا، التي هي تعبير عن هذه الهوية حتى يعرفوا حقيقتنا وبالتالي يقدّروا ما نقوم به . وهذا الامر لا نطلقه جزافا ، بل تم اختباره من خلال عشرات التجارب التي مررنا فيه ، ان على الصعيد الشخصي او الجماعي. حيث ثبت انه كلما ساهمنا في خير هذا البلد وكلما كنا جزء من المشاركة في هموم المواطنين فيه مع الحفاظ على الهوية كلما ازداد الاحترام لنا وكلما زاد من اهتمامهم في المساعدة والوقوف الى جانب الجالية . لان اهل هذه البلاد فيهم الخير الكثير ويحترمون الانسان وحقوقه ، لكن في بعض الاحيان نجد ان هناك من يقع في براثن ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي والاحقاد من دون ان يدروا يساهم في ذلك الجهل بنا وبثقافتنا وتاريخنا .

 

هل لديكم كلمة اخيرة ؟

صحيح انه كثُرت الاعتداءات وان هناك حالة من الضغط النفسي والمعنوي على ابناء وبنات الجالية، ولكن في نفس الوقت لا بد ان نشير بالخط العريض اننا لسنا في حالة حرب. لسنا في مجتمع كله سيء او كله عنصري . كيبك ليست عنصرية والبرتا واونتاريو ليسا كذلك . كندا ليست عنصرية كذلك. نعم هناك احداث سلبية تحصل وهناك عناصر سيئة. هذه العناصر صوتها مرتفع لكنها لا تمثل المجتمع . المجتمع بعمومه مجتمع منفتح متواصل . نحن ابناء هذا المجتمع لنا ما لنا من حقوق وعلينا ما علينا من واجبات . واجبنا ان نحترم القوانين وندفع الضرائب ونشارك ونسير بحسب الاعراف . وفي نفس الوقت لنا حقوق وهي ليست منّة من احد علينا .

رسالتي بالخصوص لشبابنا واخواتنا كونوا فخورين بانتمائكم وبقناعاتكم وان لا تقدموا اي تنازلات وان تشاركوا هذا المجتمع وتسعوا لخير هذا المجتمع الذي انتم جزء منه.

واود في الختام ان اشيد بجريدة صدى المشرق وبدروها المحوري في نشر الوعي وفي وحدة الجالية وتوحيد الجهود وفي نشر الخبر باللغة العربية التي تبقى بالنسبة لنا اللغة الاساسية فالعين تقرؤها والقلب يحمل له شعورا خاصا تجاهها. شكرا لكم ونسال الله التعاون لما فيه الخير .