المجذوب لصدى المشرق : "هل يؤدي الشعور بالاستهداف من خلال  منع الصلاة في المدارس الى حالة من السلبية عند الشباب تدفعهم الى اللجوء الى خيارات اخرى لا نتمناها ..؟"

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

خلال شهر رمضان المبارك قرر وزير التعليم الكيبكي برنار درانڤيل ‏ إرسال مذكرة إلى مجالس إدارةِ المدارس الرسمية كلِّها ليمنع الصلاة في مدارس المقاطعة.  

ولدى حديثه التلقائي للصحافيين في المجلس النيابي المحلي يوم الأربعاء في الخامس من شهر نيسان، قال درانڤيل إنه أُبلِغَ بأمرِ مدرستين على الأقل ‏يُسمَح فيهما للطلاب بِالاجتماعِ لأداءِ صلواتهم .

كما طلب من المدارس منعَ الطلاب من أتباعِ الدين الواحد (والمقصود المسلمين ) مِن حجز أي غرفةٍ في المدرسة لأداء الصلاة فيها، متذرِّعاً "بالمساواة بين الطلاب المتدينين بأديان مختلفة، وبين الذكور والإناث".

و"برَّر" قرارَه بالقول إنَّ "للصلاة طرقاً مختلفة"، مضيفاً: "لا أستطيع منعَ الطلاب من الصلاة، لكنني أمنعها في الصفوف. من أراد أن يصلي بصمت فهذا حق مكفولٌ له".

 

حول هذا القرار اجرينا هذه المقابلة مع رئيس المنتدى الاسلامي الكندي الاستاذ سامر المجذوب الذي اعتبر ان  "هناك حملات احقاد غير طبيعية ضد مسلمي كيبيك تلت توجيه بحظر الصلاة . و الجدير ذكره ، ان صلاة في المدراس كانت تجري لسنوات طويلة دون ان اشكال و اعتراض من احد.

و اخطر ما في الامر انه الآن يستهدف مواطني كيبك من المسلمين من الشباب والصغار في المدارس والثانويات العامة". واكد ان " المسالة لها ابعاد خطيرة جدا جدا ولا نبالغ بهذا القول ، ان نمنع جيلا بعد جيل من ممارسة حقه الطبيعي و حريته في الصلاة". ولفت مجذوب الى ان "الاخطر هنا ان يؤدي هذا الامر الى حالة من السلبية عند الشباب تدفعهم الى اللجوء الى خيارات اخرى لا نريدها على الاطلاق؛ منها الانعزال و التقوقع و الشعور بالدونية و الاستهداف دائم بقيمه و تقاليده مما قد يؤدي ببعض الشباب الى خيارات لا نحبذها و لا تمناها من حالات تمرد لا خير فيها على على اطلاق " .

 

هل يمكن ان تشرحوا قرار منع الصلاة في المدارس ؟

بدأ الموضوع  بعض الطلاب المسلمين في مدرستين عامتين في لاڤال كانوا يصلّون في الملعب، ما دفع الادارة الى السماح لهم بالصلاة في احدى القاعات خارج اوقات ساعات التدريس ولدقائق معدودة . لكن للاسف تم تداول الامر في وسائل الاعلام واثير حول الامر لغط كبير، سيما ان المعلقين في عدد من الصحف الناطقة بالفرنسية تناولوا الامر بطريقة تشنيع ما ادى الى تطور الامور بشكل سلبي سيما ان الامر يتعلق بالمسلمين . بدا الكلام عن مؤامرة من المسلمين والاسلاميين وعن نية لاسلمة التعليم ، الذي هو علماني . هذا التصعيد في مسألة بسيطة جدا اضاف عليها وزير التعليم  برنارد درانڤيل الى توجيه مذكرة لمنع الاذن بالصلاة في المدارس . وتجدر الاشارة هنا الى ان درانڤيل هو نفسه الوزير الذي وقف وراء طرح قانون القيم الكيبكي عندما كان الحزب الكيبكي ( PQ) هو الحاكم في العام 2013  . واختياره كوزير للتعليم ليست مسالة اعتباطية .

   

كيف تقرؤون مسالة منع الصلاة في المدارس؟ 

هناك عملية تضخيم وتشويه وتضليل لهذا الامر وهو اتى في شهر رمضان فكانت هناك حملات احقاد غير طبيعية تستهدف ضد مسلمي كيبك. واخطر ما في الامر انه الآن يستهدف مواطني كيبك من المسلمين من الشباب والصغار في المدارس والثانويات العامة ، ممن لا زالو صغارا في السن وولدوا في المقاطعة . بحيث تشعر هذه الشريحة انها مستهدفة ممن يفترض ان يحتضنها ويسعى ليجعلها جزء من هذا المجتمع .  

المسالة جدا خطيرة.. بدأنا بالقانون 21 والآن منع الصلاة مع انه لا يتنافى مع مفهوم العلمانية على الاطلاق.فالعلمانية ان لا تتدخل الحكومة بالدين ولا الدين يتدخل بالحكومة او بسياسات الحكومة وقراراتها.

هناك استمرارية  في الاستهداف الذي يتعرض له المسلمون في كيبيك و  في انحاء كندا . حقيقة الامر ان الاسلاموفوبيا تزداد شراسة بشكل مضطرد . ولا بد ان نضع في بالنا انه على الاقل 95 بالمئة من الطلاب المسلمين الكبكيين هم في المدارس الرسمية ، عكس كثير من المجموعات الاثنية والثقافية الاخرى التي لها مدارسها وتديرها ، كاليهود والايطاليين واليونان . هذا الاستهداف خطير جدا لم ياخذ بعين الاعتبار لا الاطفال ولا الاولاد ومدى تاثير هذه القرارات عليهم .

المسالة لها ابعاد خطيرة جدا جدا ولا نبالغ بهذا القول ، فان نمنع جيلا بعد جيل من ممارسة حقه الطبيعي في الصلاة . مع العلم انه كما مسالة حجاب المعلمات لم تكن هناك شكاوى لا من الاهالي ولا من الطلاب ولا من الادارة من مسالة الصلاة او انها تسبب مشاكل معينة. لكن ياتي هذا في اطار حملات التشويه التي تتعرض لها الجالية المسلمة  بشكل مستمر ..  

الموضوع أعطي اكبر من حجمه ومن قاموا في الصلاة في لاڤال اخذوا اذن الادارة خارج دوام التدريس ما يؤكد انه لا يؤثر على برامج المدرسة وليس على حساب قاعات التدريس وهي لمدة دقائق بسيطة .

 

هل القرار يستهدف المسلمين حصرا وهل هناك اعتراض من غير المسلمين؟

للاسف لم يصلنا ان هناك اعتراض من غير المسلمين حتى اللحظة . حكومة التحالف من اجل مستقبل كيبك ( CAQ) لم تخف سواء بالقانون 21 او قرار منع الصلاة من هو المستهدف وان كانت لم تذكر ذلك بشكل صريح، لان القوانين وشرعة الحقوق في كيبك تمنع ذلك. لكن عندما يكون الحدث مربوطا بمنع الحجاب او بالصلاة يخرج علينا الكتاب والنقاد والمحللون بما يشير بشكل واضح من هو الطرف المستهدف . الـ ( CAQ) نجح الى حد بعيد ، ليس فقط في استهداف شريحة معينة بل حتى التفرقة بين شرائح المجتمع واعطاء الانطباع ان المستهدف هم المسلمون .

اريد ان اشير هنا الى ان هناك مدارس رسمية تابعة للمدارس الانكليزية تضم الكثيرين من شركائنا في المجتمع من الجالية اليهودية وهم يقومون بانشطة دينية ولا اعتراض عندنا على ذلك. كما يتم الاحتفال بميلاد المسيح وعيد الفصح و هذا ايضا لا اعتراض عندنا ويتم تبريره انه من الثقافة الخاصة بالبلد او من التراث لذر الرماد في العيون . ما يعني ان المجموعات الاخرى تعطى الحق الكامل وللاسف عندما تتعلق المسالة بالمسلمين يكون هناك تردد وقوانين تمنع .

  

هل هناك اعتراض جدي من الجالية او سيتم اللجوء الى القضاء وهل جرى تواصل مع الوزير المعني او احد من الحكومة؟

حتى اللحظة المنتدى  خرج ببيان صحفي توجه الى كل اعضاء المجلس النيابي في كيبك بمن فيهم وزير التعليم الذي توجهنا اليه برسالة خاصة . كما خرجت بعض الاصوات من هنا وهناك تعترض لكنها لم تصل الى مرحلة الموقف الجماعي، ربما بسبب حالة الخوف والحذر . الخوف الكبير ان يتم تدجين الجالية لتقبل بهذا الواقع. وهذا للاسف حصل في جاليات اسلامية في الغرب وخصوصا فرنسا، مع مرور وكانه تقبل الضحية ان تبقى ضحية . والطرف الآخر لا يعنيه هدوء الضحية على الاطلاق وهو مستمر في سياساته ما دام لم يجد ما يمنعه من ذلك .

هناك فكرة متداولة واقتراحات قدمها المنتدى الى المؤسسات المنضوية تحت اطار " الطاولة التشاورية" انه لا بد ان يكون هناك تحرك . حيث توجه المنتدى من خلال ثلاثة خطوط في هذا الاتجاه . الاول هو الخط السياسي بمعنى التواصل مع السياسيين والاحزاب السياسية في كيبك التي وللاسف الشديد قامت بتاييد المذكرة التي طرحها وزير التربية بخصوص منع الصلاة في المدارس الرسمية .الثاني هو الخط الاعلامي حيث نسعى ليكون هناك مؤتمر صحافي لتوضيح الموقف امام الراي العام . الاتجاه الثالث وهو مهم جدا وهو التحرك القانوني . حيث يجري نقاش هذا الامر بشكل جدي من خلال الطاولة الاستشارية التي انتم جزء منها . وهي ستبحث هذا الامر ودراسته واتخاذ الخطوات اللازمة   

 علينا مسؤولية اخلاقية كبيرة جدا جدا .لانه حتى اللحظة ـ وهنا ساكون صريحا ـ لم ارى اي موقف يتناسب مع الموضوع المطروح . نعم بعد تواصلنا مع المؤسسات وجدنا هناك اعتراض وتململ واحباط ولكن لم نرى لن يصل الاعتراض الى مرحلة وجود مشروع لمواجهة الاجراء الجديد، الذي يوازي بخطورته القانون 21 .

 

بعد منع الحجاب جاء منع الصلاة الى اين نحن ذاهبون؟

لا نريد ان نخلق حالة من الاحباط لدى الجالية ولكن الواقع يظهر بشكل جلي انه من يوم لآخر تبرز سياسات وقوانين تستهدف الجالية المسلمة في كيبك من قبل الطبقة الاخذة للقرار بالرغم من ايمانا ان مجتمع الكيبكي في عمومه مجتمع منفتح و مسالم . اضافة الى ان حملات تشويه عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي متواصل و يزداد شراسة مع كل مناسبة .

بدأت بعض الادارات في الكليات اثارة الموضوع من باب انه ما كان يجب ان تخصص اماكن للصلاة . والتاثيرات السلبية تظهر في اماكن اخرى.

هذا التسلسل في الاستهداف من قانون القيم الكيبكية الى القانون 21 الى منع الصلاة في المدارس الرسمية هي خطوات مشابهة لما يحدث في فرنسا بشكل كبير . للاسف بدات التعليمات تصل الى الكثير من المدارس الخاصة وهناك تجاوب كبير من هذه المدارس ووصلت الى المنتدى الاسلامي الكندي الكثير من الشكاوى. ففي احدى المدارس الخاصة كان الطلاب ولسنتين خلت يصلون دون اي مشكلة واليوم يريدون منعهم لدرجة انهم يقطعون صلاة الطلبة اثناء سجودهم وهذا ما خلق حالة من التوتر المجتمعي .

 

ما هو موقف الاحزاب الاخرى لا سيما موقف النواب المسلمين في البرلمان الكيبكي؟

 الاحزاب الاخرى كلها عندما مرر وزير التعليم المذكرة لم تجد من يعترض عليها ابدا . حصل من بعض الاحزاب السياسية التي تعتبر قريبة من الجالية تواصل مع المنتدى وحاولت تقديم تبريرات معينة لم تقنعنا . وهذا الامر سيطرح مع هذه الاحزاب في لقاءات قريبة باذن الله سيما ان الامر بغاية الوضوح ان المستهدف هو الجالية وخصوصا الفئة الناشئة . للاسف هذا الامر ينسحب على النواب المحسوبين على الجالية  والذين هم جزء من هذه الاحزاب. هؤلاء المحسوبون على الجالية لم يكتف بعضهم بعدم الاعتراض بل خرج بعضهم الى وسائل الاعلام وكانه يشيد بهذا القرار.

 

ماذا تودون قوله للطلبة واهاليهم؟

اقول لكل الطلبة واهاليهم انه من الضروري ان يقوموا بالمطالبة بحقوقهم . هم مواطنون لديهم كامل الحقوق وعليهم الواجبات اسوة بغيرهم من المواطنين وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية. فمهما اجتمعت فعاليات الجالية ونشطاؤها لن ينجحوا في سعيهم للمطالبة بهذه الحقوق ومواجهة هكذا استهدافات اذا لم يتحرك الضحايا المباشرون انفسهم وستكون هناك صعوبة كبيرة في تحقيق اي شيء. ففي المحاكم لن يستطيع المحامي مهما كان يملك من حجة وادلة ان يدافعوا عن "الضحية" الا اذا وافقت الضحية على المواجهة والدفاع عن نفسها.

 

هل لديكم اخيرة ؟

اولا اريد ان اؤكد انه ليس هناك حالة ياس او احباط  . وان كان تسارع الاحداث قد يسبب هذه الحالة. من المهم ان لا نعيش الانعزالية والدونية ، سيما ان الضغط المتواصل قد يؤدي الى هذه الحالات الخطيرة . من المهم  لنا كمؤسسات ونشطاء ان لا يؤثر هذا الامر على شريحة الشباب وعلى تمسكهم بهويتهم ، سيما ان اصحاب السياسات الشعبوية يراهنون على هذا الامر . والاخطر هنا ان يؤدي هذا الامر الى حالة من التمرد عند الشباب تدفعهم الى اللجوء الى خيارات اخرى لا نريدها على الاطلاق .

اكرر انني لست من المتشائمين هناك بوادر امل وخير من خلال "الطاولة التشاورية " التي تضم حوالي عشرين مؤسسة من الجالية والتي نامل ان تاخذ مبادرات صلبة على مستوى التحدي بما يفرضه علينا واجبنا الاخلاقي وواجب المواطنة .

اود ان اشكر صدى المشرق لنشر الوعي في هذا الموضوع ومواضيع اخرى واتمنى ان ياخذ هذا الموضوع حقه في المتابعة عند عموم ابناء وبنات الجالية ويكونوا على بينة بما يحصل وما قد يحصل في المستقبل . سنبقى متفائلين دائما وابدا .