تُسجّل لحكومة الحزب الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء السيد جاستن ترودو نجاحات في عام 2020. أبرز هذه النجاحات إقرار المساعدة المالية للذين فقدوا وظائفهم بسبب جائحة كورونا، وتقديم القروض للمصالح التي أُجبرت على الاقفال، مما ساهم في استقرار اقتصادي إلى حد ما وأمان اجتماعي عكسه الاجماع النيابي في التصويت على هذه الاجراءات. وزاد الإنفاق المالي عجزَ الميزانية، لكنه وفر للحزب الذي يحكم بأقلية نيابية تأييداً شعبياً أفشل رغبة الحزب الأزرق المحافظ في سعيه للدعوة إلى انتخابات مبكرة يحلم بها للعودة الى السلطة.
لكن الارباك بدا واضحاً في العجز عن تأمين المستلزمات الطبية في بداية انتشار الوباء، سيما في المستشفيات ودور رعاية العجزة التي شهدت كارثة انسانية، سيما في مقاطعتَي كيبيك وانتاريو، ما استدعى إنزال الجيش للاسهام في ضبط الفوضى والتسيب اللذين عمَّا هذه المرافق الرعائية، ما دعا الاوساط الطبية إلى طلب اعادة النظر في الاجراءات المتبعة في الخدمات الصحية في البلاد..
أما في الشأن الخارجي فلم تُسجَّل إنجازات كبيرة. فلم تتراجع الحكومة عن الصفقة المبرمة مع المملكة السعودية لبيعها الأسلحة والعربات الحربية التي تستخدمها في قمع المعارضين داخل السعودية وفي الحرب الظالمة على جارتها اليمن.. كما فشلت كندا في حل التوتر القائم مع الصين الذي بلغ ذروته بِايقاف مسؤولة صينية في شركة الاتصالات هواوي وفي احتجاز كنديَّين اعتُقِلا في الصين وما زالا رهن الاحتجاز.
كما أخلّت حكومة ترودو بِوعودها بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع ايران على الرغم من تبنيها في حملتها الانتخابية، ما أدى الى تعقيد عملية إعادة جثامين الضحايا الكنديين بعدَ سقوط الطائرة الاوكرانية قرب مطار طهران. هذا على الرغم من لقاءات وزير الخارجية مع نظيره الإيراني في سلطنة عمان.
فيما استمر مسلسل التصويت في أروقة الأمم المتحدة لصالح قرارات تجافي حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة، إلا في قرار يتيم واحد حاول ذر الرماد في أعين أبناء الجالية العربية والمسلمة والمناهضين لسياسات الاحتلال الاسرائيلي من عموم المواطنين الكنديين. وهذا ان دل على شيءٍ إنما يدل على حجم تأثير جماعة الضغط الصهيونية في سياسات الحكومة المتعلقة بِقضايا الشرق الأوسط.
وجاء مؤخراً تعيين الوزير والنائب السابق إيروِن كاتلر مبعوثاً خاصاً للتذكير بالمحرقة ومحاربة معاداة السامية كدليل آخر على هذا التغلغل الصهيوني. فالرجل يجاهر بتأييده الأعمى للسياسات الاسرائيلية الاحتلالية ولا يفرق بين العداء للاحتلال والعداء للديانة اليهودية، سيما أن ابنته من الأعضاء المتطرفين في الكنيست الاسرائيلي، ما سيزيد الضغوط على حركة المقاطعة لإسرائيل، التي ينشط فيها طلاب وأساتذة جامعيون، وإعلاميون يدعون إلى وقف التعاون العلمي مع جامعات الكيان الاحتلالي، ومنع البضائع المستوردة من المستوطنات غير الشرعية من دخول الأسواق الكندية..
ومع اقتراب إطلالة العام الميلادي الجديد لا يُنتَظر حدوث تغييرات جذرية في السياسة الخارجية لكندا، إلا اللهم إذا أسهم وصول الديمقراطيين في الجارة الجنوبية إلى البيت الأبيض في تخفيف الضغوط الامريكية على التوجهات الكندية في المرحلة القادمة. إلى حينها تبقى الآمال معقودة على مزيد من الانخراط الجاليوي في الحياة العامة كي يؤتي أُكُلَه ولو بعد حين..
نأمل أن يستعيد كل من كندا والعالم أمانه الصحي وعافيته الاقتصادية في السنة الجديدة بعد سنة كانت حبلى بالمآسي والتحديات.