السلام عليكم ... ترودو يدعو إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين فوراً.. ماذا عن آلاف الرهائن الفلسطينيين؟ 

  • article

حسين حب الله - مونتريال

دعا رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو في خلال كلمة له في مجلس العموم امس الاثنين حول الوضع المتأزم في الشرق الأوسط حركةَ حماس إلى "إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين على الفور"، وفي الوقت نفسه طالب بالسماح "بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة"، التي تئن تحت وطأة عدوان وحشي وحصار مطبق مع دخول الحرب في المنطقة يومها الثاني عشر .

وقال ترودو: "من الضروري أن يحدث هذا".

يبدو أن ما يهم السيد ترودو هو الأسرى من الإسرائيليين فقط، فيما هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي الذين لم يتحدث عنهم هو ولا أحد من رؤساء العالم.  

ففي تقرير مشترك صادر منذ أشهر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، التي هي منظمة حكومية، ونادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز وادي حلوة في القدس، وجميعها غير حكومية، ورد أن عدد المعتقلين حالياً 4,900، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلاً وطفلة تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وأكثر من ألف معتقل إداري بينهم 6 أطفال وامرأتان. والكثير من منهم محتَجَز منذ سنوات طويلة، وهناك نساء حوامل وَلَدْن في السجون.

ترودو قال في كلمته أمام المجلس النيابي: "منذ أكثر من أسبوع، إستيقظ الكنديون ليروا صوراً مرعبةً قادمةً من إسرائيل، بعد أن شنت منظمة حماس الإرهابية هجوماً وحشياً لا يوصف". وأضاف: "كندا تدعم بالكامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقًا للقانون الدولي وفي غزة، كما هو الحال في أي مكان آخر. يجب على الجميع احترام القانون الدولي، الذي ضمنه القانون الإنساني". وعقب بالقول "حتى الحروب لها قواعد."

نود أن نسأل رئيس وزراء كندا عما تقوم به إسرائيل من دك للمباني السكنية على رؤوس ساكنيها فتقضي على عائلات بأكملها، وقطع الإمدادات عن المستشفيات وقطع الكهرباء والماء. هل هي بقتل المدنيين بهذه الطرق الوحشية تدافع عن نفسها؟ هل يقبل رئيس وزرائنا بهذا الأمر؟

لقد أكّدت رئيسة لجنة التحقيق الأممية المعنية بالانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نافانيثيم بيلاي، في تقرير للجنة، أنّ "الأضرار والهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة هي جرائم حربية". وأشارت بيلاي إلى أنّ "منع دخول المواد الغذائية والإمدادات الطبية لغزة يشكّل "انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي".

كما أكدت المعلومات الواردة من القطاع أن الاحتلال ارتكب منذ بداية العدوان 371 مجزرة بحق عائلات فلسطينية "قُصِفَت منازلها فوق رؤوس قاطنيها من دون سابق إنذار أو تحذير"، ما أفضى إلى مسح عشرات العائلات من السجلات المدنية.  

وأكّد وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة، جواد الآغا، أنّ أحياء كثيرة دُمرت بالكامل في القطاع، فقد دمر الإحتلال 10,500 وحدة سكنية بالكامل.

هذا كله من دون ان ننسى ان اهل غزة قبل اندلاع هذه الحرب المجنونة بعشرات السنين كانوا يعيشون في سجن مفتوح من دون ان نسمح ادانة صريحة من احد ومن دون ان يضغط المجتمع الدولي للتخفيف عنهم ، كما هو الحال اليوم مع الاسرائيليين!      

هل من العدل النظر بعين واحدة إلى ما يجري في الشرق الأوسط؟ أم أن الفلسطينيين هم "حيوانات بشرية"، كما وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، فلا يستحقون أن يُدافَع عنهم؟! ألا يستوجب الإرهاب الإسرائيلي إدانةً من جانب رئيس الوزراء؟ ألا تستوجب التصريحات العنصرية التي أدلى بها وزير إسرائيلي بارز إدانةً واضحةً من قبل ترودو ووزراء حكومته وحزب المحافظين؟

إنّ "غزة تختنق بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي، ولم يُسمَح بدخول الماء والقمح والوقود إلى القطاع في الأيام الثمانية الماضية"، كما يؤكد المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني. وهو قال في مؤتمر صحافي أنّ "غزة تختنق بسبب نفاد المياه والكهرباء"، مضيفاً أنّ "العالم فقد إنسانيته".

كما لفت إلى أنّ "قطاع غزة مُنِع من إدخال أي قطرة ماء، أو حبة قمح، أو ليتر من الوقود في الأيام الثمانية الماضية".

وأضاف لازاريني أنّ "عدد الأشخاص الذين يبحثون عن المأوى في مدارس الأونروا وغيرها من مرافقها في الجنوب هائل للغاية"، متابعاً: "لم تعد لدينا القدرة على التعامل معهم".

نعم، ترودو دعا ـ مشكوراً ـ إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لكنه لم يُدِن الذين يقومون بتجويع وقتل وحصار الغزاويين.

في الختام، لا نزال نذكر جيداً حين نفذت المقاومة اللبنانية عملية عسكرية في 12 تموز من عام 2006 بعملية مفاجئة وخاطفة، فتمكنت من أسر جنديين إسرائيليين بهدف مبادلتهما مع إسرائيل وإخراج من تبقى من أسرى في السجون الإسرائيلية. فقامت إسرائيل بعدها بإطلاق حرب وحشية مدمرة على لبنان دامت 33 يوماً، لم توفر فيها المدنيين ولا دُور العبادة ولا البنى التحتية ولا المستشفيات ولا الجسور ولا الطرقات. يومها التقى جايسن كيني مع وفد من الجالية في مونتريال أراد أن يشرح له ما يجري في لبنان من مآسٍ. حينها كان موقف كيني واضحاً بدعم ما تقوم به إسرائيل من جرائم، ضارباً بعرض الحائط كلَّ الشعارات الانسانية وكل القوانين الدولية.

نحن نربأ برئيس الوزراء اللبرالي جوستان ترودو أن يكرر خطأ المحافظين بقيادة ستيفن هاربر في ذلك الوقت، وتدعوه الجالية إلى اتخاذ موقف جريء في وجه استهداف المدنيين العزَّل وقتلهم وتجويعهم وتهجيرهم وحصارهم وقطع كل مقومات الحياة عنهم.

 

 *مصدر الصورة : الجزيرة