السلام عليكم : إعلان النفير من كندا ضد "سرطان" لبنان؟!!!

  • article

حسين حب الله  ـ مونتريال

وجه أحد الناشطين في الجالية بعد أيام من التفجير الدامي الذي استهدف مرفأَ بيروت عبر صفحته على الفيسبُك نداءً إلى الجالية من أجل توحيد الجهود والعمل "من أجل أن لا يكون لبنان رهينة بيد حزب الله"، معتبراً أن لبنان مخطوف و"الحزب يصفّي لبنان كما كان يصفّي رهائنه في الثمانينات". وشدّد على أن ما قبل 4 آب 2020 هو غير ما بعد 4 آب 2020، رافضاً "التسويات اللي جوا وبرا".

وأشار المرشح السابق عن أحد مقاعد الحزب المحافظ في منطقة لافال القريبة من مونتريال إلى أنه "يجب ان نضع الاصبع على المشكلة". وقال "ما بقى فينا نكمل متل ما نحن. هيدا السرطان بدّو إزالة". ولفت إلى أن "التظاهرة المليونية التي جرت في بيروت لم تكن وحدها التي ساهمت بإخراج الجيش السوري من لبنان"، بل "من خلال الشغل اللي عملو الاغتراب من خلال القرار 1559 و 1701"، مشدداً على أنه بعد خروج السوريين "لم يتحرر لبنان كلياً في ظل وجود سلاح غير شرعي".

ولفت إلى أنه بعد أن أجرى عشرات المقابلات مع الإعلام الكندي، توصّل إلى أن "هذا الاعلام لا يريد أن يرى أن هناك سرطانا يأكل البلد وأن هناك سلاحاً غير شرعي يخطف البلد ويوجه سلاحه إلى صدورنا". ودعا إلى أن نتوحّد ونوحّد الرؤية ونضغط على عواصم القرار و"نلفت الاعلام الغربي إلى حقيقة أن المشكلة هي السلاح".

وشدد على أن "الضغط لا يكون أمام السفارات والقنصليات لأن فيهم موظّفين خاضعين - كما فيهم من عندهم شرف وكرامة - وكثير منهم باقون من زمن الاحتلال وزمن الوصاية".

وحدّد ثلاثة اهداف لتحقيقها من كندا هي:

  • نزع السلاح غير الشرعي وضبط الحدود
  • تنفيذ القرارات الدولية
  • فتح أبواب الهجرة إلى كندا

ووعد الناشط : " قريباً سنحدد الزمان والمكان والطريقة للضغط لتحرير لبنان من المرض اللي عم ياكلو وعم يستنزفو وعم يصفّي شعبنا".

إلى هنا انتهى البيان الناري الذي استفاق صاحبه على وهْم مشكلة لبنان الحقيقية. مبالغات ومغالطات كثيرة تحدث عنها الناشط المتحمّس لا داعٍ للخوض فيها.

 

الحديث هنا يأتي من موقع مصلحة الجالية، بل مصلحة هؤلاء المتحمسين في بلد نحتاج فيه إلى أن نفتش عمَّا يجمَع، لا عمَّا يزيد الشرخ ونحتاج فيه الى ان نبذل جهودا تثمر أملا لبلدنا الام، و لا تستنزف جهودا في غير مصلحته الحقيقية. فالدخول في هذه المعمعة هو مضيعة للجهود التي ينبغي ان تنصبَّ في ما يمكن ان يخدم لبنان والجالية اللبنانية في الانتشار.

قد يكون من السهل استهداف هذه المجموعة في دول الغرب كونها وُضِعت في العديد من بلاد الغرب وكندا على لائحة الارهاب، لكنها في لبنان تمثّل قسما كبيراً جداً من اللبنانيين الذين لا يزالون يعتبرونها رمزاً لتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، ومثالاً أثبت نجاحاً في هزيمة الإرهابيين التكفيريين وحماية لبنان من هذين الخطرين البغيضين.

وكما في لبنان، في الإنتشار أيضاً هناك من لا يشاطر رأيَ من ينتمي إلى حزب وقف ضد لبنان في عدوان عام 2006، وهم ليسوا بالقلة.

طبعا من حقّ الساعينَ للتغيير والوصول إلى وطن على شاكلتهم أن يعبروا عن رأيهم، ولكن ليس من خلال تزوير الحقائق، وتوجيه الإتهامات الباطلة، واستغلال جوّ قد يمنع التعبير عن رأي مخالف لهذا التوجه، الذي يحاول استغلال مصيبة وكارثة انسانية ووطنية حلت بالبلد، فشلت كل المحاولات الاعلامية المشبوهة والرخيصة في إلصاقها بهذه المجموعة منذ اليوم الأول لوقوعها.

 

أيها السادة ...

لم تنجح كل الحروب السابقة وكل المؤامرات وكل الحصار وكل الحملات الاعلامية في إقصاء جزء كبير من الشعب اللبناني عن حقه حماية نفسه في وجه الذين يريدون القضاء عليه بعد غياب الدولة ومنع تسلح جيشها من قبل أمريكا بشكل خاص. 

وفّروا عليكم جهوداً لو كانت في الاتجاه الصحيح لخدَمت لبنان ولَساعدت في حل الكثير من المشكلات التي تواجهه.

 

يا شركاءنا في الوطن الأم والوطن الثاني....

إن كل النجاحات التي تقولون إنها تحققت بفضل جهودكم هي فقط تحققت عندما تقدمت مصلحة الدول الكبرى، التي لفظت أتباعها وانصارها وخذلتهم اكثر من مرة ورمتهم تحت أقدام مصالحها، والتاريخ اللبناني شاهد على ذلك. ومخاوفكم من التسويات صحيحة، فقد كان آخر مهازلها قرار المحكمة الدولية الهزيل. فعندما تقرر أمريكا أن تعمل وفقاً لِمصالحها لن تنظر إليكم ولن تعير مخاوفكم أي اعتبار.

 

يا جماعة الخير ...

بدلاً من المواجهة وإعلان النفير ضد مرض موهوم ومخترع، والرهان على قرارات دولية لا تبحث عن مصلحتنا، تعالوا إلى قراءة جديدة وبنّاءة لواقع المشكلات التي تدمر بلدنا ، وإلى مناقشة المخاطر الحقيقية التي تتهدّد لبنان وما يحفظه ويعيد إليه أمنه وسلامه.

 

في الختام...

نحن، كلبنانيين، أدرى بمصلحتنا من الدول التي تريدون اللجوء إليها. فلنعمل على "وضع الاصبع على الجروح" التي تنزف كل يوم من فساد مستشرٍ وطائفية بغيضة تحمي الفاسدين، ولْنمنع تدخل الآخرين، كل الآخرين ، في شؤون بلدنا الأم، ولْنضع حداً للإستقواء بالقوى الخارجية على بعضنا، بدلاً من أن ننشر الاوهام والمخاوف المصطنعة حتى نخدم بلدنا "عن جدّ".