السلام عليكم : "نواب الجالية" والموقف من قرار ضم الضفة الغربية

  • article

حسين حب الله ـ مونتريال

لاقى المشروع الاسرائيلي لِضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني اعتراضات كبيرة دولية ومحلية. ونجحت منظمات مدنية عديدةٌ في كندا في الحصول على توقيع العشرات من النواب في المجلس النيابي الكندي على تعهد "سيدعو الحكومة الكندية إلى النظر في جميع الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية المعقولة لوقف الضم ودفع اسرائيل للامتثال للقانون الدولي". الا ان اللافت ان لائحة النواب هذه غاب عنها الكثير من أسماء النواب المحسوبين على الجالية العربية والاسلامية.

في وقت سابق من عام 2020 أعلن رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو نيته ضم أجزاء كبيرة من منطقة الضفة الغربية ـ المحتلة أصلاً منذ عام 1967ـ إلى الكيان العبري، على ان يُعلَن رسمياً عن هذه الخطوة الخطيرة بداية شهر تموز الجاري، بدعمٍ من الإدارة الأمريكية وسكوت عربي مشبوه. إلا أنها أُجِّلَت إلى وقت لاحق بعد الرفض الفلسطيني العارم بشدة لخطة الضم الإسرائيلية، وإدانتها علناً بعبارات قوية من قبل الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا التي كتب رئيس وزرائها بوريس جونسون في مقال له نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الأربعاء، أن هذه الخطوة "تتعارض مع مصالح إسرائيل في الأمد الطويل". وأضاف جونسون الذي يعتبر من أشد المدافعين عن إسرائيل، أن "الضم سيشكل انتهاكاً للقانون الدولي". ووقّع أكثر من ألف نائب من أنحاء أوروبا المختلفة على رسالةٍ تعارض بشدّة خطط إسرائيل لضمِّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وفي كندا أشار رئيس الوزراء ترودو إلى "مخاوفه ومعارضته الشديدة " لقرار حكومة نتنياهو. كما أشار مسؤولون كنديون إلى أن "لا فرصةَ" لأن تعترف كندا بالضم. وكان حثّ أكثر من خمسين من الدبلوماسيين والسفراء والوزراء السابقين المتقاعدين في الأول من حزيران الفائت جوستان ترودو على البدء في "التحدث بصوت عالٍ وواضح بشأن هذه المسألة".

وأعدت جمعيات ومنظمات مدنية في كندا، بينها "كنيسةُ كندا المتحدةُ" و"المجلس العمَّالي الكندي" ، و"الأصوات اليهودية المستقلة"، و"كنديون من احل العدالة والسلام في الشرق الأوسط" عريضةً موجّهةً إلى أعضاء المجلس النيابي الكندي، طالبتهم فيها بالتعهّد بالسعي لدفع الحكومة الكندية إلى "أن تظهر معارضة ذات مغزًى لخطط الضم التي أعلن عنها مؤخراً القادةُ الإسرائيليون"، وبالتالي إلى "دعوة الحكومة الكندية إلى النظر في جميع الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية المعقولة لوقف الضم، ودفع إسرائيل لِلامتثال للقانون الدولي". سيما ان "الموقف الكندي لا يعدو كونه موقفاً كلامياً لا يغير شيئاً على أرض الواقع". فقد رأت تلك المنظمات أن "الكلمات لا تكفي، ولا تفادي الاعتراف (بالقرارات الإسرائيلية)"، مؤكدة  "أن الإدانة العلنية ضرورية". واعتبرت أن "من الضروري أن تعلن الحكومة الكندية إجراءً قوياً وحاسماً، قد يمنع إسرائيل من المضي قدماً في خططها". وذكّر بيان المنظمات المدنية بأن "روسيا عندما ضمت شبه جزيرة القرم عامَ 2014، على سبيل المثال، وُوجِهَت بفرض كندا العقوبات عليها". ودعا البيان إلى "اتباع نهج مبدئِي تجاه القانون الدولي". 

حتى صدور هذا العدد وقّع قرابة ستين نائباً التعهد. وسجلت الكتلة الكيبكية تأييد كل أعضائها للحملة، وعددهم 32 نائباً. هذا إضافة الى أكثر من عشرين نائباً من الحزب الديموقراطي الجديد، وثلاث نواب من الحزب الأخضر، ونائب مستقل، وأربعة نواب من حزب الأحرار، فيما لم يوقّع أي من نواب حزب المحافظين العريضةَ. كما لوحظ غياب معظم النواب من الأصول العربية أو الإسلامية عن لائحة الموقعين على العريضة، ليُطرح سؤال عن دور النواب الذين ينتسبون الى الجالية العربية والإسلامية أمام مسألة من هذا النوع، وهي تمثل واحدة من القضايا التي تجمع على معارضتها الجالية، ولا يشك احد في مخالفتها للقوانين الدولية، سيما ان قرار الضم يقف على النقيض من سياسة الحكومة الكندية الحالية المتعلقة بالمسألة الفلسطينية. هناك من لم يوقع على العريضة، لكنه أصدر بياناً أدان فيه القرار الاسرائيلي، فيما مر هذا القرار عند معظم "نوابنا "، وكأن الامر لا يعنيهم.. أو كأنه يتعلّق بجزر الهونولولو. فيما بعض هؤلاء لا يتركون حادثة او مناسبة تخص الجاليات والمجموعات الأخرى إلا أبدوا فيها موقفاً ورأياً. وهو أمر لا اعتراض عليه، بل هو محمود ومطلوب من أي نائب يمثل أطيافاً متعددة من الناس، لكن ماذا عن جاليتنا؟

من غير المعلوم ما إذا كان هؤلاء ينتسبون الى هذه الجالية، أم أنهم بعد ان وصلوا الى موقعهم لم تعُد تعنيهم قضاياها؟ أم أنهم يخافون من أن تُشَن عليهم حملات من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل؟ فيما نواب آخرون ليسوا من هذه الجالية ولم يصلوا بأصواتها، ولا يعنيهم أن يكسبوا ودّها، اتخذوا موقفاً علنياً ضد الإحتلال والظلم الذي يمارسه الكيان العبري.

لا شك أن الجالية تتفهم بعض الظروف المحيطة ببعض النواب في بعض المواقف التي يتخذونها، لا سيما عندما يكون الأمر مفروضاً من الحزب الذي ينتمون إليه. ولكن مواقفَ عديدةً بدأت تبرز تباعاً تشي بانقلابٍ في المواقف والاقتراب من الخطوط الحمراء.

لا نريد من نوابنا أن يحلوا مشكلةً عالقةً في جواز سفر أحدنا، أو تأخيراً في معاملات الهجرة للأقرباء والأزواج فحسب. بل هناك قضايا كبرى تستدعي مواقف واضحة وثابتة كقضية الشعب الفلسطيني، وما تمارسه إسرائيل ضده من حصار وضم للأراضي، وبناءِ المستوطنات، وما شاكل. وإلا فإن مراجعة الحسابات والمواقف من هؤلاء، ومِن منحهم الأصوات ودعمهم في الانتخابات القادمة باتت ضرورية.