السلام عليكم : العيون شاخصة إلى مؤتمر الخميس... لأن "ضربة الكف لا تكفي"!

  • article

حسين حب الله - مونتريال

بالرغم من كل الإدانات التي تصدر من أعلى مواقع السلطة والقرار في كندا لِما يتعرض له المسلمون الكنديون من اعتداءات وإساءات وكراهية، يتواصل استهداف هؤلاء في أكثر من مقاطعة. فكانت آخر تلك الاعتداءات هذا الشهر رسومات عديدة مسيئة للإسلام في مدينة صَري  (Surrey) في مقاطعة برِتِش كولومبيا، منها قرب أحد المساجد. كما وقع اعتداء آخر في هذا الشهر أيضاً، فخُرِّبَ مسجد بيت الكريم في كامبرِدج، أنتاريو. وكذلك تعرَّض رجلٌ لامرأة محجبة وابنتها في موقف للسيارات في مدينة هاملتن في المقاطعة نفسها وانهال عليهما بالشتائم العنصرية والتهديدات بالقتل، محاولاً قتلهما.

يُضاف إلى ذلك ما نُشِر عما يتعرض له المسلمون في بعض الدوائر التابعة الحكومية، كما جرى مع امرأة مسلمة عملت كضابطة استخبارات كبيرة في دائرة المخابرات الأمنية الكندية (CSIS). وكذلك "الاستهداف غير العادل" لِلجمعيات الخيرية الإسلامية، كما قالت منظمة "هيومان كونسيرن الدولية" التي مقرها في أوتاوا.

لم تعُد الادانات وحدها تكفي لوضع حد لحملات الكراهية لِلمسلمين، بل يحتاج المسلمون في هذا البلد الى ما يبعث فيهم الشعور بالأمن الذي يفقدونه كل يوم، سيما أن بعض الاعتداءات أخذَ أشكالًا دمويةً، كما حدث في لندن، أونتاريو، حيث هزت كندا أنباءُ الهجوم الإجرامي على أسرة مسلمة، وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة من أفرادها وجَرحِ طفلها ذي السنوات التسع. وقبلها ذُبِح رجل مسلم أمام مسجد في إتوبِكو (Etobicoke) عامَ 2019. وقبل ذلك استشهد ستة مصلين في مسجد كيبك في بداية عام 2017، وما بينها من الاعتداءات على النساء المسلمات في أكثر من مقاطعة، واستهداف المساجد هنا وهناك.

لعل المؤتمر الذي سينعقد الخميس القادم في الثاني والعشرين من هذا الشهر، المخصص للحديث عن الكراهية التي تواجه المسلمين في كندا، سيُقدِم على اتخاذ القرارات الجادة لِوضع حدٍّ للكراهية لِلمسلمين، بل لِكل أشكال الكراهية التي تهدد المجتمع الكندي بأسره والتنوع الذي يميزه.

هذا المؤتمر طالب بعقده الحزبُ الوطني الديمقراطي من خلال طلب تقدمت به النائب عن منطقة لندن- فانشو (London-Fanshawe) ليندزي ماثيسِن (Lindsay Mathyssen) أمام المجلس النيابي يوم الجمعة في التاسع من شهر تموز – يوليو، وشدّدت فيه على "ضرورة عقد القمة قبل نهاية تموز". مذكرةُ ماتيسن أُقِرَّت بالإجماع، فاتُّفِق على عقد قمة حول الإسلاموفوبيا.

الحكومة الكندية - عبر برديش شاغر، وزيرة التنوع والشمول والشباب - تبنت الدعوة إلى المؤتمر الذي اتُّفِقَ على عقده يوم الخميس القادم من الساعة 12 ظهرًا حتى 6 مساءً بمشاركة شخصيات بارزة من الجالية. في بيان الدعوة للمؤتمر الذي وُجّه للناشطين في العديد من المؤسسات في الجالية قالت الوزيرة شاغر: "الغرض من هذه القمة هو أن يقوم أعضاء المجتمع بتزويد حكومة كندا بأفكار وإجراءات واقتراحات ملموسة بينما نواصل مكافحة الإسلاموفوبيا والكراهية في كندا. ستوفر المعلومات التي ستُجمَع في الجلسات طُرقًا لتمكين للحكومة الكندية من العمل مع قادة الجالية والمنظمات الاسلامية، وهذا لِتسهيل المزيد من التماسك والمواءَمة والتنسيق بين الحكومة والمجتمع المدني من أجلِ القضاء على جميع أشكال الإسلاموفوبيا والكراهية في كندا".

في سياق التحضير لِلقاء الخميس، لعل من المفيد الاشارة إلى أن الحكومة الكندية قامت بخطوة مهمة تُشكَر عليها، لكنها بدت متعثرة قليلًا حينما لم تختَر شخصية بارزة من الجالية الاسلامية لتمثِّلَها في المؤتمر على غرار ما فعلته بالنسبة لِلمؤتمر المخصّص للحديث عن معاداة السامية، الذي سيُعقَد الاربعاء القادم، أي قبل يوم واحد من المؤتمر حول الاسلاموفوبيا. فقد اختارت الحكومة الوزير السابق إروين كوتلر ليمثلها في المؤتمر، كما جاء في البيان الصادر عن الوزيرة شاغر مع البيان المشترك حول القمتين من دون تحديد أو ذكر أي شخصية إسلامية منتدبة للمؤتمر.

لا شك أن اختيار شخصية مثل كوتلر سيكون له دور كبير في خروجِ المؤتمِرين حول مكافحةِ العداء للسامية بقرارات مهمة وجدية تساهم في وضع حد لمعاداة الجالية اليهودية، سيما أن رئيس الوزراء جاستن ترودو كان عيّن في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني ـ نوفمبر من العام الماضي إروين كوتلر مبعوثًا خاصًا لكندا للحفاظ على إحياء ذكرى الهولوكوست (المحرقة) ومحاربة معاداة السامية.

في حالة الجالية الاسلامية تُرك الامر مفتوحًا، وهو ما قد يوحي بعدم الجدية في متابعة ما سيصدر عن المؤتمر المخصص للإسلاموفوبيا.

نعم، كل الامل أن لا يكون لهذه الخطوة تأثير على نتائج المؤتمر، سيما ان المخاطر التي تتهدد المسلمين كل يوم في هذا البلد تحتاج إلى خطوات تكون فاعلة وسريعة.

لقد بادر العديد من المنظمات والشخصيات في الجالية الاسلامية الى الترحيب بعقد المؤتمر وقامت بتقديم مذكرات وملاحظات الى المؤتمر جديرة بالاخذ بعين الاعتبار من قبل الحكومة الفدرالية.

بعض المذكرات التي رُفِعت الى المؤتمر أشارت إلى العديد من الاسباب التي تغذي حالات الكره للاسلام وسبل مواجهتها، فإذا أُخِذَ بها فلا شك أنها ستكون عاملًا مهمًا في إنجاح أي محاولة للتخلص من الكراهية.

إن العنصرية والكراهية لِلمسلمين وغيرهم، المتجذرتان في نفوس بعض الجماعات المتطرفة التي ليست بالقلة في هذا البلد، تحتاجان إلى نية جادة من الحكومة والأحزاب الأخرى، سيما في المقاطعات حيث توجد قوانين عنصرية بحق المسلمين كما في كيبك. فلَقد تبنت الحكومة قرارًا يمنع المسلمات المحجبات من العمل في المؤسسات العامة. هذا القرار النيابي (القانون الواحد والعشرين) يحتاج إلى موقف واضح من الحكومة الكندية ومن الأحزاب الفدرالية الأخرى لرفضه والعمل الجاد لإسقاطه، لأنه ساهم ويساهم في العنصرية بحق المسلمين وإيجاد البيئة المعادية لهم في المجتمع ومعاملتهم بطريقة مهينة، شعرت بها النساء المسلمات المحجبات بالخصوص ـ بل المسلمات غير المحجبات أيضًا كما الرجال المسلمون ـ بعد اقرار القانون المذكور.      

كل العيون شاخصة إلى مؤتمر الخميس للبدء بمرحلة جديدة بعد إقرار التوصيات الجادة والحازمة لِمواجَهة الكره للاسلام، تُتابَع بكل الأساليب المُتاحة لتبقى كندا موئلًا للتنوع والتعددية، كما للحرية الفردية وحرية التعبير والاعتقاد. ولا مجالَ لاستمرار هذه الاعتداءات وهذا الحقد والكره. فالمطلوب من رئيس الحكومة الكندية جستن ترودو وكل المعنيين "التشدد بحق المجرمين بدلاً من الاكتفاء "بضربة الكف"، كما قال رئيس حكومة أنتاريو دوغ فورد بعد الاعتداء على أحد المساجد في أونتاريو هذا الشهر.