أول الكلام .. لقاء بايدن بِترودو: هل يعدِّل السياسة الخارجية لكندا؟

  • article

 اللقاء المرتقب بين الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ستُطرح فيه القضايا المشتركة بين البلدين، سيما التنقل والتجارة عبر حدود البلدين الجارَين والقرارت المتعلقة بها.

 وهذا يشكل أولوية للمواطنين في كلا البلدين، لما لها من تأثير مباشر على إنتاج الأخشاب والحبوب وتأمين المواشي والمعادن والطاقة وغيرها بعدما كانت الإدارة الامريكية السابقة اتَّخذَت قرارات صارمة لم تلقَ قبولاً كندياً كاملاً في حينها، ما أطال أمد المفاوضات بين البلدين في معركة "ديبلوماسية" طويلة وشاقة...

كل هذا لا يمنع طرفَي اللقاء من التوقف عند السياسات الخارجية التي ستعتمدها واشنطن في العالم، والتي عادة ما تلاقيها أوتاوا في منتصف الطريق. ففي العلاقة الكندية المتأزمة مع الصين قد تكون أوتاوا سبقت واشنطن بأشواط بدفعٍ منها، أي بعدما أصدرت أميركا قراراً قضائياً باعتقال المديرة التنفيذية لشركة الاتصالات الصينية العملاقة "هْواوي"، ونفذته كندا عبر إلقاء القبض عليها في مطار فانكوفر الدولي.

 أما في ملف الحرب السعودية الاماراتية على اليمن وبعد أن أفشل الصمود اليمني الاسطوري آلة الحرب المدعومة أمريكيا، ها هي واشنطن تدعو إلى وقف النار وإيجاد حل سياسي. فيما تواصل كندا تسليم شحنات المدرّعات والسلاح الى المملكة السعودية، في خرق واضح للقوانين الكندية والدولية بالنسبة لِبيع المعدات القتالية المُستخدَمة في الحرب العدوانية أو في قمع حرية المواطنين.

 ولا مبرر لأوتاوا في الاستمرار إلا الأطماع المالية والخوف من رد فعل ولي العهد بن سلمان، الذي سبق لكندا أن خبرته في قضايا متعددة ترتبط بحقوق الإنسان ولجوء المواطنين السعوديين إلى كندا، بينهم شخصية أمنية كبيرة تطالب الرياض بتسلمها..

وهناك أيضاً الملف الإيراني الذي زاد تأزماً بسبب اتهامات كندا لإيران بشأن إسقاط الطائرة الأوكرانية بعيد اغتيال أميركا اللواءَ قاسم سليماني في مطار بغداد، وما عقبها من رد إيراني صاروخي استهدف القواعد الأمريكية في العراق، وترافق مع رفع درجة التأهب إلى أقصاها بين القوات المسلحة الايرانية، ما أسهم في ارتكاب خطأ بشري أودى بحياة ركاب الطائرة وأكثرهم من أصول ايرانية ويحملون جنسية كندا.

 وعلى الرغم من ان الحادثة كانت فرصة لتبرير إعادة العلاقات "الدبلوماسية" بين البلدين لتقديم الخدمات القنصلية والإنسانية لذوي الضحايا، فإن أوساطاً في الخارجية الكندية أصرت على استخدام لغة التشكيك في الاجراءات الإيرانية. وقد وصلت موخراً إلى حد توجيه الإتهام لِوزير الخارجية محمد جواد طريف والقول إن أجهزة الأمن الكندية تملك تسجيلاً صوتياً منسوباً له، يتحدث فيه عن احتمالات مختلفة لأسباب إسقاط الطائرة الاوكرانية، لم تتبنَّها السلطاتُ في طهران.

 ذلك استدعى رداً إيرانياً نافياً هذه الادعاءات التي بثتها هيئة الإذاعة الكندية، ومؤكداً على استعداد ايران للتعاون ضمن إطار القوانين الدولية وبعيداً عن تبني نظريات التسريب الأمني والأدلة المختلقة.

 ومع إعلان واشنطن استعدادها للعودة إلى الالتزام بالاتفاق النووي الموقع مع طهران، ستجد كندا نفسها ضحية جماعات الضغط الصهيونية ومجموعات المعارضة الايرانية التي تزودها بمعلومات مضللة وتختلق مناخات سلبية لمنع عودة العلاقات الطبيعية بين كندا وايران. هذا على الرغم من وجود جالية إيرانية كبيرة بحاجة ماسة إلى هذه العلاقة..

 فمن سينزل صقور الحزب "الليبرالي" عن الشجرة؟ وهل ستسبق واشنطن أوتاوا للتواصل مع الايرانيين ضمن سياسة الأمر الواقع، فيما تبقى كندا أسيرة ملكية ضاهت الملك الأمريكي نفسه؟ أم هل ستكون قمة بايدن وترودو بداية عودة للسياسة الخارجية إلى خط الوسط؟ 

                                                              التحرير