بعد هدوء ضجيج المعركة، قراءة في ظلال حملة ونتائج الانتخابات الفيدرالية الاخيرة 24 سبتمبر, 2021 وقت الإنشاء: 01:20 ص عدد القراءات: 651 وقت القراءة: 1 سامر مجذوب* اتت الدعوة الى الانتخابات الفيدرالية ـ بالرغم من الكلام الاعتراضي الذي استخدم في ظاهره حجة وسبب عودة انتشار وباء كورونا في أنحاء البلاد ـ في إطار طبيعة العرف الذى يتبع في الحكومات الأقلية الفدرالية في كندا و هو اجراء انتخابات عامة بعد عامين او اقل من ادارة البلاد.بعيدا عن التحليل التقليدي لنتائج الانتخابات و التي تتمحور حول حالات الفوز و الخسارة للمرشحين و الاحزاب المتنافسة نحاول بهذه العجالة التطرق نحو ظلال المرحلة الانتخابية و ما تلاها من نتائج ابقت الحزب الليبرالي في سدة الحكم .بدأت الحملات الانتخابية بقيام الاحزاب المتنافسة بعرض برامجها الانتخابية في فترات متلاحقة و رؤيتها حول ملفات متنوعة منها الاقتصادية و التغيير المناخي و التقديمات الاجتماعية لمختلف قطاعات المجتمع، في إطارها العام ، في كل البلاد . اضافة الى ذلك تطرقت احزاب الوسط و اليسار في بعض نقاط برامجها الانتخابية الى مظاهر التمييز العنصري الممنهج التي تشهدها كندا و منها حالة الاسلاموفوبيا و التي شهدت تصعيدا خطيرا بالفترات الاخيرة . و غابت هذه النقاط عن اهتمامات احزاب اليمين و اليمين المتطرف و ذوي التوجهات الانفصالية .شهدت الحملات الانتخابية في بعض مراحلها و خصوصا الاخيرة منها انحرافا عن خطوط التنافس التقليدية حيث تم استخدام "وسائل و أساليب " أخذت منحى عنفيا و استهدافات خرجت من إطارها السياسي الى الشخصي من محاولات ما يطلق عليه personal assassination و التي يتم فيها استهداف الشخصيات بصفاتهم و بحملات تشويه على امل إسقاطهم بعد العجز عن تحدي برامجهم و انجازاتهم السابقة .ليس مستغربا ان تتقارب نقاط الاهتمام و مقترحات الحلول بين الاحزاب التي تمثل الخط السياسي الوسطي و اليسار حيث تتقاطع هذه النقاط بين احزاب اليمين بتوجهاتها المختلفة . لذا يصبح التنافس من الناحية السياسية اثناء الحملات الانتخابات اكثر احتداما بين الاحزاب التي تمثل الخطوط السياسية المتقاربة لكون القاعدة الانتخابية مشتركة الى حد كبير . فتتنافس فيما بينها على نفس الجمهور، اذا صح التعبير. و هذه الصورة تنقلب الى تحالفات عقب انتهاء الانتخابات و تصبح الاصطفافات السياسية هى المؤثرة في دورة صناعة القرار . ما لا يختلف عليه اثنان ان اكثر الاحزاب انفتاحاً على مختلف شرائح المجتمع ، والتي عندها احتمالات تأليف حكومات، هو حزب الليبرال بتبنيه خط الوسط في المفهوم السياسي . و كان لهذا الحزب عدة خطوات مؤثرة في هذا الاتجاه بالخصوص . اولا ، التواصل المباشر مع الجالية ، ثانيا ، تبنيه بعض همومها الاساسية ، ثالثا، فتحه الأبواب للعمل الحزبي و الوزاري و النيابي لكثير من ابناء المجتمع كافة دون تردد .و شهدت هذه الخطوات تطورات عملية كبيرة في ظل قيادة جوستان ترودو . و هذه الحالة المتميزة ليست محصورة في كندا و لكنها اصبحت مثالا يضرب به في العالم الغربي . توجّه الرجل هذا لا يريح التيار الشعبوي و اليميني المتطرف الذي يجتاح الكثير من دول الغرب ، و حتى بعض أنظمة بلاد الشرق ، اضافة الى قوى الضغط التي ـ بطبيعة الحال ـ لا يعجبها هذا الحال لأسباب كثيرة . مما ذكر تتضح الصورة اكثر للمحاولات التي جرت في الفترات الاخيرة الانتخابية من استهداف شخصية زعيم الليبرال ومنها الكلام ان هذه الانتخابات هي استفتاء لشخصه، في محاولة لإقناع بعض الناخبين ممن هم تقليديا من المؤيدين الليبرال، والذين قد يكون لهم ملاحظات على ترودو، لثنيهم عن المشاركة في الاقتراع . اضافة الى نشر كتاب في الايام الاخيرة قبل العشرين من ايلول/ سبتمبر ،يوم الانتخاب، من قبل و زيرة سابقة . يتضمن الكتاب روايات و قصص تستهدف ترودو ، متهمة اياه، بين السطور، بالتسلط و الفردية و انه ضد الخط النسوي و انه يعاملهم بالسوء . هذا اضافة الى استهدافه بالطوب في احدى اللقاءات الانتخابية و توجيه شتائم و إهانات الى زوجته . و كان مُلفتا للنظر الإضاءة المكثّفة التي وضعها الاعلام بعمومه على هكذا مواضيع و أخبار .و تأتي نتائج الانتخابات لكي تحبط كل هذه المحاولات و تعطي لليبرال الفوز بتشكيل الحكومة القادمة في اوتاوا . لا بل تأتي نتائج الانتخابات لكل تعطي الأكثرية للتيارات التي تتبنى سياسات تقدمية progressive policies من الديمقراطيون الجدد ، الحزب الذي لم يبخل بتبني قضايا الجالية في كثير من المراحل الزمنية و له دور فعّال في هذا المضمار ، الى حزب الخضر و الى الفائز حزب الليبرال . هذه الكتلة التقدمية progressive تعكس صورة الوطن الكندي الحقيقية من تعددية و وسطية و انفتاح و انسجام بين شرائح مكونات المجتمع الكندي الاكبر . * رئيس المنتدى الاسلامي الكنديالصورة : لقاء ترودو مع الجاليات المتنوعة - الصورة من صفحة ترودو على الفيسبك