أول الكلام : التجديد للأسد والرفض الكندي

  • article

فاز الرئيس السوري بولاية رابعة في ظل انتخابات بلغت فيها نسبة المشاركة في التصويت أكثر من ٧٥ بالمئة، حصل من خلالها على ٩٥ بالمئة من أصوات الناخبين المشاركين. وكانت المعاونة (السكريتيرة) الإعلامية في وزارة الشؤون الخارجية الكندية سيرين خوري أصدرت بياناً في شهر أيار الماضي – موعد انطلاق الانتخابات السورية – مفاده أن كندا "تدين جريانَ الإنتخابات من دون تغيير دستوري يكفل حريتها ونزاهتها".

هذا الموقف مشابه لمواقف أميركا ودولٍ أوروبية رفضت جريان الانتخابات المذكورة وشككت في شرعيّتها، بينما حازت الإنتخابات على تأييد روسيا والصين وإيران ودول "البريكس" في مشهد يعكس الانقسام الدولي حول الموقف إزاء القيادة السورية.

وما يزيد المسألة تعقيداً أن كندا كانت قد ذهبت إلى أبعد من تسجيل موقف اعتراضي، لتقطع العلاقات السياسية المشترَكة (الدبلوماسية) عندَ بداية الأحداث في سوريا، وأقفلت السفارة في أُتاوا على الرغم من وجود جالية سورية مهمة وقديمة في البلاد. حتى أنها نفت مؤخراً شائعات سرَت على شبكات التواصل الاجتماعي وروَّجت لفتح صناديق الاقتراع للجالية السورية في أونتاريو لتشارك في العملية الانتخابية، نافيةً تقدّمَ سوريا بِطلب رسمي بهذا الخصوص، ومضيفةً أنها غير مستعدة لتلبية طلب كهذا لو وُجد...

هذه التصريحات توحي بأن لا نية لدى حزب الأحرار (الليبرالي) الحاكم بالنسبة لِإعادة النظر في قطيعته للحكومة السورية. هذا على الرغم من إبداء بعض الدول الخليجية والعربية التي موّلت الحرب في سوريا رغبتَها في إعادة فتح سفاراتها في دمشق. وكَذا دول أوروبية كانت راهنت سابقاً على دعم المعارضة لإسقاط النظام واستبداله بنظام مُوالٍ لها ومطبّع مع إسرائيل، وبادرتها تنمُّ عن إقرارها الضمني بالواقع الجديد واعترافها بفشل الحرب الإرهابية على سوريا.

فما الذي يمنع الخارجية الكندية من أن تتسم سياستها إزاء سوريا بشيء من الواقعية والعقلَانية (البراغماتية) التي طالما دمغت التعاطي الكندي الخارجي، سيما في مناطق الصراع والتوتر؟؟ ولِمَ يتبنى الحزب الليبرالي الحاكم مقاربةَ المعارضة اليمينية المتمثلة بحزب المحافظين؟ فهذه المعارضة حولت في فترة حكمها في المجلس النيابي الفيدرالي السياسةَ الخارجيةَ إلى سياسة تتمعن في قراءة كتاب التعاليم الأخلاقية والشعارات الانسانية، فترفعها في دول وساحات معينة وتنساها تماماً، بل تعمل خلافها في دول وساحات أخرى كاليمن وغزة والبحرين.

فهل السياسة شخصيةٌ مفصلةٌ على حجم المصالح، أم التزاماتٌ حقيقيةٌ بالمبادئ والمواثيق والشرائع الوطنية والعالمية؟؟        

                                                                                                                                                            التحرير