السلام عليكم : موقف لِدني كودير يحتاج الى توضيح !

  • article

حسين حب الله مونتريال 

عند كل مرحلة انتخابات فدرالية او محلية او بلدية او غيرها ينشط المرشحون لاستقطاب الناخبين من خلال الوقوف على مطالبهم والعمل على تحقيقها بغية نيل أصواتهم. وكلما كبُر حجم الكتلة الانتخابية الناشطة لأي مجموعة كان الاهتمام بها وبما تطلبه أكبر. وكلما تحركت هذه المجموعات بمطالبها تجاه المرشحين بشكل مدروس ومتقن ازداد حجم التجاوب معها، بحيث لا يمكن لأي مرشح تجاوزها والقفز فوقها، سيما إذا كان صادرًا عن جهاتٍ واسعةِ التمثيل متمتعةٍ بالنفوذ والعلاقات الواسعة التي تمكنها من إيصال هذه المطالب بسهولة إلى أصحاب القرار.

إذا لم تكن الكتلة الإنتخابية فاعلةً تشارك في الانتخابات بأعداد كبيرة – مهما كان حجمها كبيرًا – فلا يلومَنَّ أحد من لا يستمع إليها أو لا يلتفت الى قضاياها. وإذا لم تقدّم مطالبها فلن يبادر أحد إلى تكلّف عناء البحث عن تلك المطالب، ولن يعيرها أحد أي اهتمام لأن حسابات الكثير من السياسيين لا تنطلق من مبادىء محدّدة بقدر ما هي مصالح تتحكّم بأيّ قرار أو موقف يتخذه هؤلاء.

في الانتخابات النيابية الكندية التي جرت منذ أسابيع لم نسمع أن جهة في الجالية الاسلامية أو العربية حددت مطالب معينة وحمَّلتها إلى الاحزاب، ما يثير علامات استفهام كبيرة لأن الشكوى داخل الجالية من أداء هذا الحزب او ذاك كبيرة، ولا من ينقلها لأسباب يجدر الوقوف عندها وتحتاج الى مراجعة ومتابعة حتى تستقيم الأمور في نصابها.

واليوم أمام الانتخابات البلدية التي ستجري في كيبك في السابع من شهر تشرين الثاني ، لم نسمع أن جهة في الجالية رفعت الصوت أو وجهت الى المرشحين اسئلة معينة، رغم أن مواقف بعض المرشحين قد تصيب الجالية في صميم قضايا تعتبر اساسية وتؤثر على مستقبلها.

لقد سبقتنا جاليات أخرى باشواط في هذا المجال. فهذه مثلا منظمة "بْنايْ بْرِثْ"، المعروفة بنشاطها ضمن الجالية اليهودية الكندية، أعلنت أنها في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، رفعت الى مرشحين لرئاسة البلدية في مونتريال هواجس ومطالب محددة تهم هذه الجالية، حتى يتسنى لأفرادها اختيار الأقرب إلى تحقيق تلك المطالب، وبالتالي توجيه أصوات الناخبين نحوه إذا ما قدم وعوداً بتحقيق تلك المطالب وإجابات شافية للأسئلة المطروحة.

وإذ لفتت بنايْ برثْ إلى أنها لا تؤيد المرشحين لهذه الانتخابات، أمِلتْ في بيان نشرته على موقعها أن تلعب دوراً في "مساعدة وإعلام أفراد مجتمعنا الكرام في جميع مناطق كندا، وأن يساعد هذا الدليل الناخبين الذين يسعون إلى المشاركة في العملية الديمقراطية". وأكدت المنظمة أنها تعمل "على توفيرِ أكبر قدر ممكن من المواد المتعلقة بالقضايا التي تهم أفراد المجتمع".

الجمعية التي تنشط في الدفاع عن إسرائيل في كندا نقلت في بيانها أن "المرشح كودير ملتزم تمامًا بتبني "تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" (IHRA) لمعاداة السامية. بالإضافة إلى ذلك، أشار حزب السيد كودير إلى أنه كحزب معارض قدّم اقتراحًا عامَ 2020 إلى مجلس المدينة لصالح اعتماد تعريفِ "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" (IHRA). ولم تدعم إدارة بلانت الاقتراح في ذلك الوقت، كما لم ترد على استبيان منظمة "بناي برث" المقدَّم الشهر الماضي. للاطلاع على بيان الـ" بني برث " يمكنكم الذهاب الى هذا الرابط:
https://www.bnaibrith.ca/bnai-brith-canada-parle-des-enjeux-communautaires-aux-candidats-a-la-mairie-de-montreal-bnai-brith-canada-speaks-to-montreal-mayoral-candidates-about-community-issues/

هذا الموقف من كودير ـ "الملتزم تمامًا" ـ لا شك أنه لاقى ترحيباً كبيراً من المنظمة ومن الذين يؤيدونها أو تنطق باسمهم، لكنه أثار امتعاضًا في أوساط الكثيرين في الجالية الاسلامية، الذين يقفون ضد معاداة السامية ولكنهم في الوقت نفسه لا يوافقون على محاولة ربط انتقاد إسرائيل بالعداء للسامية، سيما ان الجالية الإسلامية العربية ومعها الكثيرين من الكنديين تتحرك بشكل دائم ضد الممارسات الإسرائيلية التعسفية بحق الفلسطيين يومياً، سواء كَما جرى في الشيخ جراح في وقت سابق من هذا العام ولاقى استنكارًا عارمًا في كندا فتمثَّلَ بِتظاهرات منددة في كل المدن الكندية، أو كما يجري هذه الأيام من محاولات مرفوضة من قبل بلدية الاحتلال في القدس لإقامة حدائق ومدرّجات على أرض المقبرة اليوسفية، التي تقع بمحاذاة أسوار المسجد الأقصى الشرقية وقرب باب الأسباط، وتُطلّ على سفوح جبل الزيتون. 

فكما ورد في موقع "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" (IHRA)  فإن "مظاهر العداء للسامية قد تشمل استهداف دولة إسرائيل باعتبارها مَجمَعاً لليهود، ولكن انتقاد إسرائيل على غرار ما يتم بالنسبة لأي بلد آخر لا يمكن اعتباره معاداةً للسامية". (يمكن مراجعة هذا الرابط للاطلاع على تفاصيل أكثر: https://www.holocaustremembrance.com/ar/resources/working-definitions-charters/altryf-almly-llasamyt  ). وهذا باب لإسكات معارضي الاحتلال وممارساته بحق المدنيين الفلسطينيين ويحتاج من كودير، الذي وافق عليه، موقفًا واضحًا يفصل بين انتقاد اسرئيل والعداء للسامية. وهو ما أبدت منظمة "الأصوات اليهودية المستقلة" (IJV) خشيتها منه، فنشرت صفحتها على شبكة الانترنت "أمثلة من العديد من البلدان حيث استُخدِمَ تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، أو أُجرِيَت محاولات كبيرة لإلغاء الأحداث أو إسكات حركات التضامن مع فلسطين". وعرضت قائمة كبيرة من هذه النماذج في العديد من دول العالم، منها كندا. ( للاطلاع على قائمة الأمثلة يمكنكم الذهاب الى هذا الرابط: https://www.ijvcanada.org/ihra-definition-at-work  .

 في "صدى المشرق" رفعنا الصوت الى مرشحين في لائحة كودير، فشرحوا موقفهم الرافض لممارسات الاحتلال، كما طلبنا لقاءً صحافيًا مع السيد كودير، ونأمل أن يحصل قبل الانتخابات. ونُقل إلينا أن أحد المسؤولين في الجالية تواصل مع السيد كودير وأبلغه بحساسية الموقف الذي اتخذه وطلب توضيحًا سريعًا. لكن حتى كتابة هذه الكلمة لم نسمع أيَّ ردّ واضح حول هذا الموقف "السلبي جدًا"، كما وصفه أحد كبار الناشطين في الجالية.

خيارنا الأول وقبل أي شيءٍ في الانتخابات البلدية في كيبك المشاركةُ الكثيفة فيها. وبانتظار قيام جهة ما بمساءلة المرشحين لمعرفة توجهاتهم حيال تساؤلاتنا الموزّعة بين الهموم الداخلية التي تطال حياتنا اليومية على تنوعها، وكذلك بعض القضايا الخارجية التي تهمنا، تبقى المواقف المعلنة هي المعيار في توجيه هذا الخيار في الاتجاه الصحيح.