ظهرت حقيقة مأساوية هزت وصدمت الشعب الأصلي الهندي في جنوب مقاطعة كولومبيا البريطانية (British Columbia) في غربِ كندا. فوفقاً لِما ذكرته وكالات الأنباء، كشفَ مسحٌ للأراضي في موقع "مدرسة كاملوبْس الهندية الداخلية" سابقاً نتائجَ أولية تُظهر رفات 215 طفلاً مدفوناً في الموقع.
ولم يتوقف الاكتشاف عند هذا الحد. فغالباً ما كان الأطفال يتعرضون للاعتداء الجنسي والجسدي، وكثير منهم - كما يتضح - دفعوا حياتهم لِكونِهم مختلفين ثقافياً عن المستعمرِ ذي نمط الحياة الغربي الأوروبي.
العثور على الرفات أظهرَ حقيقة الإجرام هذه ، والتي تؤكد الظروف القاسية والمروّعة التي عاشها السكان الأصليون منذ عقود في إحدى مؤسسات النظام المعروفة بِاسم "المدارس السكنية الهندية"، التي سلمت مفاتيح إدارتها للكنائس الكاثوليكية، التي كانت بدورها تفصل أطفال السكان الأصلين عن ثقافتهم وتنشئتهم، وتربيهم على مبادىء الثقافة السائدة.
من جهته أعربَ رئيس الوزراء جاستن ترودو عبر تويتر أن اكتشاف الرفات "يفطر قلبي"، مضيفاً: "هذا الفصل المظلم والمشين من تاريخ بلادنا يشكِّل ذكرى مؤلمة". من جانبها أعادت الوزيرة الكندية للعلاقات بين العرش والسكان الأوائل، كارولين بينيت، التأكيد على رسالة ترودو، معلنة تقديم الدعم الحكومي للعائلات والمجتمعات الأصلية من أجل "شفائها في الوقت الذي نكرّم فيه أقاربها الذين خسرناهم".
يُشار إلى أن أوتاوا قدمت اعتذاراً رسمياً عام 2008 عما وصفته "لجنة الحقيقة والمصالحة" (Truth and Reconciliation Commission) بوصفِ "الإبادة الجماعية الثقافية"، وذلك في إطار تسوية وصلت قيمتها إلى مبلغ 1,9 مليار دولار كندي دُفِعَ لطلابٍ سابقين.
وقال البابا فرنسيس إن "الألم" يعتصره بعد اكتشاف رفات الاطفال، ودعا إلى احترام حقوق الشعوب الأصلية وثقافتها.
وفي حديثه إلى الزوار والسياح في ساحة القديس بطرس في خلال عظته الأسبوعية، حث فرنسيس الزعماء السياسيين والدينيين في كندا على "التعاون بكل عزيمة" من أجل تسليط الضوء على ما حدث والسعي إلى المصالحة وتضميد الجراح. وقال فرنسيس إنه يتعاطف مع "الشعب الكندي الذي أصيب بصدمة من هذه الأخبار المروعة".
لكن البابا لم يقدم اعتذاراً مباشراً عما حدث وهو ما طالب به بعض الكنديين. وفي المقابل قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن على الكنيسة الكاثوليكية تحمل المسؤولية عن دورها في إدارة الكثير من تلك المدارس.
فهل ستبقى هذه القضية الانسانية كرة تتقاذفها أقدام السياسيين ومسؤولي الكنيسة وكلٌّ يسعى إلى التبرؤ من هذا العمل المشين؟ هل سيحدث هذا بدلاً من التعاون الجاد والفعال لتضميد جراحات السكان الأصليين ومنعِ تكرار هذه الجرائم بحق أي شعب آخر في أنحاء العالم؟ التحرير