أول الكلام: مونتريال وازدياد العنف المسلح: هل من حلول؟

  • article

اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء جاستن ترودو ورئيسة بلدية مونتريال فاليري پلانت وتصدر الحديث في خلاله تصَاعُدَ أعمال القتل بالسلاح في مونتريال وضواحيها يؤشر إلى القلق الرسمي المتزايد من هذه الظاهرة، التي تشوه سمعة العيش الآمن في إحدى أهم المدن الرئيسية في البلاد وتفتح مجدداً ملف العصابات الاجرامية المنظمة، التي حُورِبَت في الماضي وأُودع بعض كبار رؤوسها في السجون، فيما اضطر أفرادها إلى الانتقال إلى العمل في مدن ومقاطعات أخرى بفعل حملات الشرطة وتشددها في ملاحقتهم..

وما يبعث على قلق الاجهزة الأمنية هو أن معالم العصابات الجديدة لم تُحدَّد بعد. فهي في طور التشكّل والتمدّد، وهذا ما يفسر حدة الصراع من أجل فرض سطوتها في مناطق جغرافية معيّنة لم تكن معروفة فيها أو تسعى إلى التمدد فيها. فلم يعُد الاتهام يوجَّه إلى جاليات لطالما كان لها تاريخ يعرفه القاصي والداني، بل صارت للعرب – للأسف – أيضاً عصاباتُهم، وقد برزت مؤخراً عقب تبادل النيران بين شبان ومقتل فتاة جزائرية الأصل عرَضياً.

كما قُتِل عدد من الضحايا من أصول لبنانية سابقاً، وأُطلِقَت النار على بيوت سكنية قاطنوها من جاليات عربية، وأُجرِيَت عمليات خطف وسرقة بدأت تؤرق المواطنين وتزرع في نفوسهم الخوف والقلق من المستقبل...

الإختصاصية في عالم الجرائم والعصابات المنظمة النائب السابقة ماريا موراني كانت قد تحدثت لهيئة الإذاعة الكندية عن هذا الموضوع وقالت إنها غير متفاجئة بما يحدث لأن الاجراءات الرسمية لم تكن فعّالة للقضاء على أصل ومبرر انتشار العنف المسلح، فلَم توضَع القيود المشددة على الاتجار بالسلاح وعلى تهريبه عبر الحدود مع الولايات المتحدة الامريكية، كما ظهر التساهل في أحكام السجن، فخرج عدد من المسؤولين عن هذه العصابات من السجن ليعود إلى ممارسة الأنشطة الإجرامية نفسها..

رئيس وزراء كيبيك فرانسوا لوغو بدوره دعا المعنيين إلى التعاون مع الجاليات في سبيل إيجاد الحلول لتفاقم العنف المسلح في إشارة إلى أن المتسببين به هم غالباً من جاليات عِرقية معينة. وتبقى العبرة في إجراءات التدخل المباشر لِمنع هذه الحوادث قبل وقوعها ونزع فتيل اشتعالها.

الأستاذ في علم الجرائم في جامعة مونتريال البروفسور مارك ألان دعا إلى الإنتقال من التحرك من موقعِ ردِّ الفعل على الأحداث إلى وضعِ خطةٍ طويلة الأمد بالتعاون مع موظفي الخدمات الاجتماعية وقيادات وجمعيات الجاليات لمعالجة المشكلات ورصد إرهاصاتها في طور تكونها ونشأتها. واعتبر أن السياسات الحالية انفعالية وكثيراً ما تأتي عقب حدوث المشاكل، والمطلوب هو التحرك لمنعها..

بانتظار خطط عملية لا تكتفي بزيادة فرق الشرطة المتخصصة في مجابهة الجريمة، لا بد من أن يُعادَ ترتيبُ أولويات العمل الحكومي، فتواجَه الرموز الإجرامية في الحياة والطرقات بدلاً من أن تُواجَه الرموز الدينية في المراكز الرسمية العامة.           التحرير

 حقوق الصورة : سمير بن جعفر ( راديو كندا الدولي)