تحية طيبة وبعد... الى متى يا حضرات السفراء والقناصل !!!

  • article

غسان عجروش- مونتريال

شهدت دول الاغتراب حيث يتواجد اللبنانيين اهتماما لافتا بالانتخابات اللبنانية المزمع اجراؤها في شهر آذار من العام المقبل . عدد كبير منا يريد وطنا على شاكلة الأوطان التي نعيش فيها، في البلاد التي استضافتنا ولم نرى فيها الا دولة حقيقية وأمنا ونظاما وقانونا ومساواة ...الخ.  وعلى هذا الأساس نرى أن بناء الأوطان يكون في التصويت الصحيح والاختيار الاصح والمشاركة الفعالة في الحياة الديمقراطية . والاهم أن تتكلل هذه المشاركة بشفافية لأن ما يُبني على باطل فهو باطل. فاذا كانت الانتخابات تتعرض لصيف وشتاء وانحياز لطرف دون الآخر فهذه بداية ساقطة للتغيير ولا تبشر بخير أبدا .

نحن المغتربون اللبنانيون بكل أطيافنا وطوائفنا وأحزابنا ومؤسساتنا ، لا أبالغ اذا قلت اننا نواة هذا الوطن ( لبنان ) . نحن ثروته البشرية والاقتصادية . نحن كلبنانيين في الانتشار ننحاز دائما الى هويتنا الوطنية وللدولة المدنية وليس للطائفة او النظام الطائفي بصورة عامة وعلى هذا حين نطالب بالشفافية لأننا نعي جيدا ـ هدم الأوطان يبدأ حين تنهدم مؤسسة القضاء والعدالة  في أي دولة كانت ، والقضاء ليس فقط القاضي في قوس محكمته ولا المحامي في منصة مرافعته، بل أن كل صاحب مركز من مراكز القرار في الدولة  ان كان  وزيرا أو نائبا أو  سفيرا أو قنصلا هو قاض وهو مسؤول أن يحكم بالعدل ويتعامل من موقع مسؤوليته بالتساوي بين المواطنين دون أن يخضع لسلطته السياسية.

نحن اللبنانيون في الانتشار لسنا مهاجرين في الاغلب ( حسب رأيي )، لأننا لم نترك الوطن بالأساس سعيا وراء مال او جنسية او لغة. بل هرب معظمنا من الفساد المستشري في الدولة ومن الحرب ومن المحسوبيات ومن ضيق فسحة الامل لاولادنا وأحفادنا في وطننا الأم . لقد تركنا الوطن وفي القلب غصة وفي العين دمعة وحلمنا كان دائما بالعودة. وتمر السنون ولا شيء يتغير. حتى أن هذه المحسوبيات قد لاحقتنا الى قعر مغترباتنا حيث اشتكى ويشتكي عدد كبير منا بانتهاك حريته الفردية وباختراق بياناته الخاصة وبالاتصال به في مكان عمله وبيته وربما مكان عبادته أيضا

منذ أعلن عن البدء التسجيل للانتخابات اللبنانية في السفارات والقنصليات حول العالم وردت أخبار وفيديوهات وتسريبات صوتية تشتكي من قيام أحزاب معينة بالاتصال بهم وحثهم على التصويت لهم . في المبدأ هذه العملية ليست مخالفة للقانون ، فالماكينات الانتخابية هذه هي وظيفتها وهذا هو صلب عملها ، انما اختراق البيانات الفردية للشخص والاهتمام به حسب أهمية دائرته وحثه على التسجيل والانتخاب اما بالترغيب عبر ( دفع المال ، بطاقة سفر ، وظيفة معينة ...) أو بالترهيب عبر ( التخويف من الطرف الآخر أو الدين أو الحزب الفلاني  ...الخ ) . وهذا أمر غير شرعي وغير شريف . هذا الامر حصل في فرنسا وفي بريطانيا وفي المانيا وفي كندا أيضا  وفي عديد من الدول. وحين يسأل المتصل كيف حصل على رقم الهاتف كان يجيب من السفارات أو القنصليات وبعضهم يدعى أن لديه داتا خاصة من انتخابات سابقة. 

الحماوة في هذه المعركة الانتخابية هي بين المغتربين المسيحيين وهذا ليس سرا. المطلعون ينقلون خلال أحاديثهم أن نشاط الماكينة العونية في دولهم غير مسبوقة، نظرا للفشل الذريع الذي وصل اليه البلد ما أفقدهم عددا كبيرا من شعبيتهم . إذ إن هؤلاء يتصلون بمعظم المغتربين، ويساهمون في حلّ مشاكل بعضهم في التسجيل للإنتخابات وفي السفارات اللبنانية، وهم بالتالي يملكون "داتا" كاملة عن المغتربين في معظم البلدان، ويسعون إضافة لإستقطاب بعضهم، إلى السعي لدفع آخرين لم يسجّلوا اسماءهم للسفر إلى لبنان خلال الإنتخابات المقبلة للإقتراع . وكذلك القوات اللبنانية في مكان آخر عبر بعض السفراء والقناصل يقومون بنفس الشي ويسرّبون المعلومات الشخصية الى ماكيناتهم الانتخابية ويتصلون هاتفيا بأبناء الجاليات اللبنانية.

الثابت في هذا الموضوع أن بعض السفارات والقنصليات تمنح بعض الأحزاب معلومات عن المسجّلين لديها ومنها تنطلق حملة ( الغربلة) ان صح التعبير، حسب أهمية الدائرة. والاغرب أن بعض هذه  الاتصالات أتى من لبنان مباشرة .

ان وزارة الخارجية اللبنانية  وبعض  السفراء والقناصل معنيون بتوضيح هذا الأمر لأنهم متهمون بالأساس به وفي الدول التي فيها قانون يحاسب هؤلاء السفراء والقناصل ويقالون من مناصبهم ، وهم يعلمون ذلك طبعا. انما نحن في بلد لا يحقّق ولا يحاسب للأسف. في كل مرة نظن اننا هربنا من الفساد ومن المحسوبيات ومن الطائفية نخطيء الظن، لانه يلاحقنا الى مغترباتنا .

الى متى يا حضرات السفراء والقناصل وأنتم من المفترض أن تكونوا قدوة اللبنانيين في بلدان العالم ؟ الى متى ستظلون مرتهنين الى مرجعياتكم السياسية والى تياراتكم الحزبية ؟ هل هكذا نستعيد لبنان وهل هكذا تظهرون النموذج للبنانيين المقيمين والمغتربين ؟ السنا ثروة لبنان الاقتصادية ومداده الثقافي والعلمي والسياحي والمادي والبشري !!! هل هكذا يتم التعامل معنا بغدر وهل هكذا يكون التغيير ؟.