نتائج انتخابات البلدية ورياح التغيير

  • article

لبيب فرج الله – مونتريال

يوم الإثنين المنصرم انتهت الإنتخابات البلدية في مقاطعة كيبك حاملة في طياتها نتائج لا بد من قراءتها على ضوء حدوثها اولا وفي انعكاساتها وتأثيراتها على المسرح السياسي البلدي وربما العام ثانيا.

ولا بد  في البداية من توجيه التهنئة لمن فاز ، خاصة من ابناء  جالياتنا العربية والتحية لمن لم يحالفه الحظ. واخص بالذكر المرشحين المستقلين الذين كان لهم من الجرأة السياسية والأدبية ما يكفي لخوض هذه الإنتخابات خارج لوائح الأحزاب الكبرى وفي مقدمهم السيدة الناشطة رنا عطية وفريق عملها، الذين خاضوا تجربة إنتخابية التي ان دلت على شيء فهو  الإصرار على الحق الديمقراطي في الترشح لتمثيل الشعب والعمل السياسي الأكثر  التصاقا  بقضايا جاليتنا . لهم كل التحية.

كانت نتائج الإنتخابات البلدة متفاوتة في الأهمية بين المدن الكبرى . ففي الوقت الذي جاءت فيه هذه النتائج بما كان متوقعا لاسيما في مدينه لاڨال ، حيث فاز فريف حزب "Mouvement Lavoallois" بقيادة السيد ستيفان بواييه برئاسة البلدية وبـ 15 مقعدا في المجلس البلدي متكئأًعلى رصيد السيد مارك ديمرس الإنتخابي ، جاءت نتائج انتخابات مدينة مونتريال مفاجئة في عمقها وتأثيرها ومعناها.

أولى هذه النتائج هي الخسارة المدوية للسيد دِني كودير امام السيدة ڨاليري پلانت بفارق 15%من أصوات الناخبين وبفوز حزب السيدة بلانت "Projet Montreal " بـ 37 مقعدا مقابل 23 مقعدا حزب السيد كودير " Ensemble Monteal " وخمسة مقاعد اخرى لحزبين اخرين .

ومما لا شك فيه ان خسارة السيد كودير وبعض معاونيه وفي مقدمهم السيد ليونيل بيريز تشكل منعطفا سياسيا يجدر بنا ان نتوقف عنده بشيء من التفصيل.

بعد ما يقارب ال 12 حملة إنتخابية وشغله مقعدا نيابيا عن دائرة بورسا  من العام 1997-2013 مع الحزب الليبرالي الكندي وتعيينه وزيرا ثم فوزه برأسة بلدية مونتريال عام 2013 جاءت هزيمته محزنة لسياسي قادته ظروف العمل السياسي الى واجهة الأحداث بعد ان تتلمذ على يد السياسي والنقابي الراحل ايڨون شاربونو.

مجموعة من العوامل ازدحمت وتنافست لتقدم شرحا حول خسارة  السيد كودير

1 - عدم القراءة الجيدة للمتغيرات السياسية داخل مدينة مونتريال وخاصة التغيير في المناخ السياسي، حيث لم يكن من خيارات الناخب ان يرتقي سدة رأسة بلدية مونتريال خليفة لجان دراپو بكل ما يمثله من قساوة اليد السياسية والاعتداد بالنفس. بل أراد الناخب رئيس بلدية ينسجم بالحد الأدنى مع مطالب الشعب في مشاريع تلبي حاجاته في النقل والإسكان ونظافة البيئة ، لا في مشاريع في سباق السيارات والاحتفاليات التي لا يفيد منها الا كبار المتمولين . ما لم يرد السيد كودير قراءته هو ان مونتريال اخذة بالإتجاه يسارا!  

2- اصرار السيد كودير على العيش في كوكب منفصل سياسيا عن الواقع ادى بدوره الى جملة من المواقف الخاطئة ومنها عدم الإقرار بالخطأ داخل فريقه السياسي، بينما هم منشغل في تلبية مطالب جماعات الضغط متل بناي برثْ وغيرها لتبني تعريفات حول الاسلاموفوبيا وغيرها والتي سبق لفريقه  السياسي ان تبنى مشروع قرار حول هذا الوضوع بقيادة السيد ليونِل بريز ولم يكتب له النجاح  ليعود هذا التوجه لأن يكون سببا في خسارة  كودير نفسه في الانتخابات الاخيرة .

3- على الرغم من تصدر السيد كودير لإستطلاعات الرأي العام خلال الربيع والصيف الا ان نهجه السياسي أثبت ان كودير العائد- اذا عاد- سيكون هو نفسه السيد كودير الذي لم يغب رغم البهاء في إطلالته الجديدة. ومن هنا عاد ليخسر في جولات إستطلاعات الرأي أسبوعين او اقل قبل الانتخابات .

4- تركيز الحملة الإنتخابية حول شخصه الذي فقد الكثير من وهجه بدل التركيز على برنامج الحزب.

واللافت في هذه الحملة الإنتخابية هو وفرة المرشحين من جالياتنا العربية وتوزعهم الذي  امتاز هذه المرة بحسن  دراية الأحزاب لعملية اختيار المرشحين وتوزعهم، عكس ما حصل في إنتخابات  2017.

وعلى الرغم من ان نسبة المشاركة في الإنتخابات لم تتجاوز ال37%

الا ان نتائجها ارسلت عدة رسائل وفي اكثر من اتجاه: 

1- دلت خسارة  السيد كودير ان الخطاب السياسي قد بدأ يشق طريقه نحو التغيير. فقواعد الإنتخاب اليوم هي غير ما كانت عليه بالأمس حيث فقد الخطاب السياسي التقليدي الكتير  من وهجه

2- اثبتت النتائج ان التغيير عبر المشاركة في الإقتراع ممكن.

3- شكل فوز 7 مرشحين دلالة على أهمية أصوات ناخبينا وهو ما يجب ان نعوّل عليه في الحملات الإنتخابية المقبلة وعلى كل المستويات .

4- إمكانية النجاح رغم عمل أدوات القمع الإنتخابي والإبتزاز السياسي وهي رسالة الى نوابنا ومرشحينا في الإنتخابات النيابية .

مجددا اذا احسنت جاليتنا الإمساك بالمتغيرات فباب التغيير مفتوح .