الاسلاموفوبيا.. مشروع متكامل و المرأة احدى اهم استهدافاته  !

  • article

سامر مجذوب ـ مونتريال

لم يعد يخفى على عاقل و متابع ان صناعة الاسلاموفوبيا ، الرهاب من الاسلام، هي مشروع متكامل الاطراف يضع نصب عينيه جملة من الاستهدافات؛ منها القيم والمبادىء والمقدسات والهوية. و يبني إستراتيجياته على نواحي متعددة ، سياسية و اقتصادية ومجتمعية ، وسن قوانين منها امنية في بعض البقاع و الاحيان .  ويسعى فيها اصحاب هذا المشروع  الى طمس او تطويع و اضعاف مجتمعات و حضارات لها دور محوري في التطور الانساني منذ اكثر من الف و اربعمئة عام . 

و اصحاب مشاريع الفتن هذه يسعون الى تقسيم المجتمع و "خلق" حالة احتقان بين مكوناته وإثارة الخوف بين اطرافه، و ذلك لما يرونه من كسب اصوات انتخابية تؤدي الى تشكيلهم حكومات تنفذ سياسات فوقية عنصرية .

تنوع اساليب صنّاع الاسلاموفوبيا ليس من باب عدم التوافق حول الهدف الاكبر، و لكن هو ما  قد يصح القول فيه انه اختلاف بالرؤية حول الطريقة الانسب للوصول الى الاهداف المعلنة و الغير معلنة منها .

في خضم زحمة الاستهدافات ، تأتي المرأة كهدف اساسي محوري لاصحاب مشاريع الاسلاموفوبيا المتعددين. و ذلك كون المرأة ليست هي فقط تتشارك و الرجل الحياة منذ خلق ادم و حوا، انما لما لها من دور مؤثر و عميق جدا في الحضارة الانسانية و خصوصا المشرقية منها . فهي "صانعة" و موجّهة المجتمعات . اضافة الى الدور الكوني للمرأة كمربية الاجيال عبر التاريخ حتى يومنا هذا . هي القائد السياسي والمفكر ، هي الباحثة و رائدة الاعمال ، هي المعلّمة والمنتجة في كل المجالات وهي صاحبة قرار . 

ان تكون  المرأة من ابرز ضحايا الاسلاموفوبيا و التمييز ليست مسألة اعتباطية انما عمل مقصود لا لبس فيه، للبعد الحضاري الذي تمثله بامتياز . استهداف المرأة ليس بالامر الجديد  تحت عناوين مختلفة؛ منها ما شهدته اوروبا في العصور الوسطى من استهدافات للمرأة تحت اسم الدين.  و من ثم في ما يعرف بعصر النهضة حيث دشنت حملة  الاستهداف جديدة للمرأة باسم "الحداثة و التنوير". و في الفترات الحالية  اتى استهداف المرأة و تخويفها و محاولة زعزعة كيانها من خلال انتهاك حريتها واختياراتها وحرمانها من ابسط حقوقها عبر  "نص قوانين" جائرة و حرمانها من العمل فضلا عن اعتداءات عنيفة و حملات تشويه لا تنتهي لقناعاتها و مفاهيمها .

قد يظن البعض انه هذا كله هو نتاج حرب "دينية " او عرقية .و ان يكن بعض التيارات اليمينية المتطرفة و الشعبوية لديها ابعاد فكرية، الا ان هذا استنتاج يتعارض مع واقع الامور و الشواهد التي لا تعد و لا تحصى ؛ فارباب الاسلاموفوبيا متواجدون في الشرق و الغرب يتكلمون اللغات المختلفة ومشاريعهم متنوعة . و ضحايا الاسلاموفوبيا ، و ان تعددت العناوين ، لا حدود جغرافية لانتمائهم. و التعرض للمرآة و كرامتها و كيانها عابرٌ للحدود .  

و من ناحية اخرى، من يتصدى للاسلاموفوبيا هم من أعراق و "عقائد" متعددة . و تجاربنا في الوطن الكندي خير دليل ان اصحاب القيم و المبادىء الانسانية و الدفاع عن حقوق المرأة بغض النظر عن خلفياتهم يدهم بيد بعضهم على جبهة واحدة تتصدى للاحقاد و التمييز .

 تأتي محاربة الاسلاموفوبيا و العنصرية كأبرز الواجبات الاخلاقية للفرد منّا، كل من موقعه مهما كان حجم تأثيراته في محيطه المجتمعي. من هنا فان الابعاد  الخطيرة جدا للاحقاد و استهداف المرأة و التمييز يتطلب منا عملا جماعيا جادّا لمحاربته.

*رئيس المنتدى الاسلامي الكندي

الصورة من Freepik