كيبيك العظمى

  • article

معن سمحات - مونتريال 

قُل لي من تعاشر اقل لك من انتَ. حكمة عربية قديمة و لكنها تتناسب مع كل العصور. فإن اردت معرفة سلوك اي مرء، عليك بصحبته فإن كان من اصحاب السوء فهو كذلك. و إن كانوا من خيرة القوم فلا بدَّ ان يكون حسن الخُلق.

و لكن ماذا عن سلوك الحكومات،  بالطبع لن نحكم عليها من هذا المنطلق بل عند الكوارث و المصائب تكرّم الحكومات او تُهان.

حكومة (ابو عيون جريئة) في كيبيك تتخبط مع وباء كورونا والتخبط ليس بسبب اصابة الحكومة بكوفيد 19 او مضاعفاته، إنما التخبط ناتج عن سوء نية هذا الرجل و محاولته استغلال سواء الفيروس او اغلاق البلاد لصالح حملته الانتخابية المقبلة. و هذا يبدو جلياً في قرارته التي تبدو هزلية صحياً و اجتماعياً في مواجهة هذا الوباء. بل وصل الامر به الى الاستماع الى آراء مناصريه على محطات الراديو من خلال بعض البرامج ليتخذ قرارات تتناسب مع اهوائهم كي يحافظ على الاصوات الانتخابية. و هنا لست ضد الاستماع الى متطلبات الشعب ومشاكله . انه امر جيد ان يستمع اي مسؤول الى رأي المواطنين و لكن كل المواطنين او فلنقل اغلبية المواطنين، لا لمن قال (نعم) لصناديق الاقتراع. فقد وصل الامر ببعض العاملين في قطاع الصحة للتلميح ان الانتخابات المقبلة ستحدد مدى رضى الكيبيكيات و الكيبكيين على حكومة ليغو بسبب هذه التصرفات الغير مسؤولة.

قبل اعياد الميلاد و رأس السنة القى السيد ليغو خطاباً بخصوص جائحة كورونا و صوّر الوضع وكاننا مقبلون على نهاية العالم بسبب هذا الوباء. اعلن حالة الاستنفار ، ارتفعت وتيرة القلق في الشارع و اتخذ اجراءات ، منع تجول ثم إقفال المدارس و تقييد حركة الملاحة الخ...بعد فترة وجيزة لا تتعدة ثلاثة اسابيع و مع وصول تذمر الناس الى اقصى حد، عمد من خلال تسريباته العلنية  قبل خطابه انه سيعاود رفع حظر التجول و فتح قطاع التعليم ( وقد اعلن ذلك اليوم الخميس) و كأن شيئا لم يكن! ما الذي يحدث، هل اختفى الوباء؟

إذا قارنا كيبيك مع بعض الولايات الامريكية او فرنسا سنجد ان كيبيك اقل تضرراً بكثير من فلوريدا او فرنسا ، على سبيل المثال. و لكن القلق، الخوف و حالة الهلع التي فرضتها حكومة كيبيك لا نجدها في فرنسا او في ولاية فلوريدا مع العلم ان عدد الاصابات و الوفيات اكبر بكثير من مقاطعة كبيبك.

لعلّ هذه الدول تحاول ان تتعايش مع الوضع الراهن لان كورونا اصبح واقعا لا يمكن الفرار منه بل على الحكومات والشعوب ان تواجه الجائحة معاً خلافا لما يحدث في كيبيك. فالحكومة تبدو كما لو انها تفتعل ازمة مع ذاتها بسبب الجائحة. فهي تسعى لتحقيق اي نجاح ملموس او تسجيل اي نقطة امام شعبها. و إن تعذر ذلك، تفتعل الازمة ثم توجد الحل ثم تحتفل بالنصر المبين.

إنها سياسة فرانسوا ليغو، استثمار كل ما في البلاد من اجل الانتخابات والكرسي، تماماً كما فعل بعد اول يوم من فوزه برئاسة كيبيك عندما شرع بتجديد طريق سريع تجتازه مواكب البركة (البط الكندي) و بضعة سيارات ، ثم سنَّ القانون21 لتشريع العنصرية حكومياً.

إنها كيبيك العظمى التى تصارع طواحين الهواء بقيادات تطوعت لتكون الدون كيشوت وتقاتل بإسم شعب بأكمله بسبب سوء تقسيم ديموغرافي محكوم بالتموضع العفوي للمهاجرين الاوائل.

  [email protected]