اللغة العربية : نتغنّى بها ولا نُتقنها

  • article

بشير قزي ـ مونتريال



قد لا أعرفُ شعباً على وجه البسيطة يتغنّى بلغته المكتوبة بالقدر الذي نجد فيه شعوبنا العربيّة تتغنّى بالفصحى وتعتبرها تتفوّق برونقها وجمالها على كلّ لغات الأرض! إلّا ان المؤلم االمُبكي هو أننا قد لا نجد إلّا قلائل ممّن يُحسنون كتابتها وصياغتها دون ان يرتكبوا أخطاء لغويّة وتشكيليّة متعدّدة!

والمؤسف أيضاً أن الكثيرين ممّن يدّعون نصرة اللغة هم أبعدُ الناس عن قراءتها بالشكل الصحيح أو كتابتها من دون ارتكاب أخطاء! وهم أنفسهم الذين أخفقوا في المحافظة على أولويّة التحدث بها لدى أبنائهم، أولئك الذين يفضلون التحدّث بلغة أجنبيّة على التخاطب بلغة الأجداد، كون هذه اللغة توقّفت عن التطور في زمنٍ ما، وأضحت ملايين الكلمات المتوفّرة فيها غير مفيدة وعاجزة عن إيجاد كلمات تصف الكثير من المواقف والمستلزمات التي استحدثها التطور. حتى الألقاب أخفقنا في إيجاد مرادفات لها، ومن بين ما يثير حافظتي استعمال كلمة “دكتور” فنقول مثلاً “دكتوراه في اللغة العربية”!     

ممّا لا شكّ فيه ان اللغة العربية مقيّدة بقواعد كثيرة ومعقّدة ومن الواجب الإلمام بها للتوصّل الى كتابة نصوص صحيحة من النواحي اللغوية ! لذلك لا يمكننا تجاهل الساعات الطويلة التي يمضيها الطالب لتلقّن اللّغة العربية في الصفوف الابتدائية والثانوية دون ان نتساءل عن الإخفاق المريب لدى النشء الجديد في المحافظة على ما تعلّمه خلال سنيّ الدراسة!

ومن مفارقات لغتنا الكريمة تميّزها الظاهر على مستويين:

  • مستوى كتابة النص:

يُظهر النصُّ المكتوب الكلمات بأحرفها كافة، دون ان يُظهر للعيان تشكيل الأحرف ، فيما عدا ما يتوجب من أحرف العلّة! 

  • مستوى قراءة النص:

أمر قراءة النص يختلف جداً عن كتابته، والكاتب الذي لا يُخطئ في كتابته قد نكتشفُ انه يُخفقُ في قراءته له وذلك لعدم مراعاته للتشكيل الصحيح، وهذا ما قد يؤدّي الى قلب المعاني وقد نجد الفاعل يُصبح مفعولاً به، وغير ذلك من المفارقات! لذا، في اللغة العربية، من الهام جداً فهم النص قبل مباشرة القراءة، وذلك بعكس اللغات كافة التي تتيح للقراء فهم النص لدى قراءته!

ومن المستغرب ايضآ انه لدينا عدد كبير من المثقّفات والمثقفين الذين ينضحون بنفحات شعريّة جميلة، إلّا ان معظمهم يصرّون على نشر نتاجهم بأخطائه اللغوية قبل مراجعته من قبل متمرّسين وتصحيحه، مما يجعل النصوص تفقد الكثير من قيمتها الأدبيّة!

وعلى صعيد “تجمّع منتدانا الثقافي” آثرنا منذ البداية على حثّ الأعضاء وأصدقائهم على الكتابة بالشكل الصحيح والابتعاد عن ارتكاب أخطاء لغوية. ومع أني لمست تحسّنا لدى كثيرين وكثيرات في أدائهم اللغوي، إلّا ان البعض مصرّ على ارتكاب نفس الأخطاء يوما بعد يوم على الرغم من لفت نظرهم مرّة بعد أخرى الى تلك الأخطاء!