جرم علاج التحويل... هل من داع للهلع ؟!

  • article

المحامي وليم خربوطلي – مونتريال

تم الكلام كثيرا في الايام الماضية حول اقرار القانون الفديرالي Bill C-4  والذي جرّم ما يسمى بـ "علاج التحويل" “Conversion Therapy”.

كعادة بعض الاشخاص في جاليتنا الكريمة والغير ملمّة بالقانون وقواعد تفسيره، قاموا بتسجيل الفيديوهات وكتابة المقالات حول كيف ان هذا القانون هو هجوم مباشر على ديننا كمسلمين، وكيف ان كندا تريد ان تفرض على الاقليات الدينية طريقة حياة تتعارض مع اسس وتعاليم ديننا الحنيف.

والاطرف من ذلك، انهم ربطوا هذا القانون، الفيدرالي، بقانون التربية الجنسية والذي هو من صلاحية المقاطعات، وقاموا بخلق نظريات مؤامرة، لها أول وليس لها آخر، لا أساس لها من الصحة.

لست بوارد العودة الى قانون التربية الجنسية والذي، انا شخصيا، قمت بالعديد من المحاضرات في الكثير من المراكز الاسلامية والمساجد لأشرح ابعاده القانونية وكيف انه لا يتعارض مع حق الاهل في تربية اولادهم في الطريقة التي يرونها مناسبة ، وكيف أن الحملات التي تم اجراءها من قبل العديد من ممثلي الاديان كانت جدا مبالغ فيها وقمت بوضع القانون في نصابه ونطاقه القانوني الصحيح.

بالتالي، هذا المقال هو لتوضيح نطاق تطبيق القانون الفديرالي الجديد والذي هو عبارة عن اضافة جرم جديد الى قانون العقوبات الكندي.

أولا دعوني اذكر نص مادة الجرم الجديد:

Definition of conversion therapy

320.101In sections 320.‍102 to 320.‍104, conversion therapy means a practice, treatment or service designed to

(a)change a person’s sexual orientation to heterosexual;

(b)change a person’s gender identity to cisgender;

(c)change a person’s gender expression so that it conforms to the sex assigned to the person at birth;

(d)repress or reduce non-heterosexual attraction or sexual behaviour;

(e)repress a person’s non-cisgender gender identity; or

(f)repress or reduce a person’s gender expression that does not conform to the sex assigned to the person at birth.

For greater certainty, this definition does not include a practice, treatment or service that relates to the exploration or development of an integrated personal identity — such as a practice, treatment or service that relates to a person’s gender transition — and that is not based on an assumption that a particular sexual orientation, gender identity or gender expression is to be preferred over another.

 

Conversion therapy

320.102Everyone who knowingly causes another person to undergo conversion therapy — including by providing conversion therapy to that other person — is

(a)guilty of an indictable offence and liable to imprisonment for a term of not more than five years; or

(b)guilty of an offence punishable on summary conviction.

 

Promoting or advertising

320.103Everyone who knowingly promotes or advertises conversion therapy is

(a)guilty of an indictable offence and liable to imprisonment for a term of not more than two years; or

(b)guilty of an offence punishable on summary conviction.

 

Material benefit

320.104Everyone who receives a financial or other material benefit, knowing that it is obtained or derived directly or indirectly from the provision of conversion therapy, is

(a)guilty of an indictable offence and liable to imprisonment for a term of not more than two years; or

(b)guilty of an offence punishable on summary conviction.

 

باختصار، كل من ينفذ، يساعد، يقوم بالدعاية او يستفيد ماديا من ما يسمى "علاج التحويل"، يعرض نفسه للعقوبات المنصوصة في القانون أعلاه.

ما يجب التركيز عليه هنا هو نص القانون الصريح وليس تفسيره وفقا لأهوائنا واستبدال النص الصريح بهذا التفسير.

يجب ايضا الإشارة الا ان قواعد تفسير القوانين الجزائية تختلف كليا عن تفسير القوانين المدنية. فتفسير الأولى يخضع لضوابط ضيقة ومحددة اكثر بكثير من الثانية. يجب ان لا ننسى القاعدة الاساسية في القوانين الجزائية الا وهي انه لا يوجد  لا جريمة ولا عقوبة بدون نص صريح. بالتالي لا يمكن التوسع في القياس كما هو الوضع في القواني المدنية. بتعبير آخر، القانون حدد وعرف بشكل واضح ما هو "علاج التحويل" بالتالي، لا يجب تحميل النص اكثر من حجمه الطبيعي ونطاقه الضيق المحدد في نص بالمادة ذاتها، فما هي اركان ارتكاب هذه الجريمة.

"كل شخص يقوم، مع كامل علمه، بإخضاع او تأمين لأي شخص آخر علاج تحويل، يعاقب:

1-بالحبس لمدة لا تزيد عن 5 سنوات، أو

2-بعقوبة تخضع للإجراءات المختصرة. "

الآن ما هو تعريف علاج التحويل: هو ممارسة فعل او تقديم علاج او خدمة من شأنها حث المتحول جنسيا او المثلي جنسيا على تغيير قناعته واحساسه وإيمانه بأنه فعلا متحول جنسيا او مثلي الجنس.

لاحظوا ان القانون قبل تعريف علاج التحويل لم يقدم على ذكر عبارة "على سبيل المثال"، اي ان اي فعل لا يدخل ضمن ممارسة فعل او تقديم علاج او تقديم خدمة لا يشكل جرما بتاتا. أيضا، عند قراءة فذلكة القانون والنقاشات التي حصلت في اللجان البرلمانية، يتضح بشكل جلي ان هذه الافعال يجب ان تكون ضمن اطار ممنهج مخصص لهذه الغاية وعلى فترة محددة من الزمن. أي انه هناك مأسسة لهذه الافعال ولا تشمل نهائيا حق الاهل في ابداء رأيهم حول موقفهم من هذه الامور او وعظ ابنائهم وفقا لمعتقداتهم الدينية او حتى في خطب الجمعة. المهم ان لا يتم هذا الامر في برامج احترافية مجانية ام لا، بواسطة علماء نفس او رجال دين او اي صفة أخرى. أي اعود واكرر، يجب ان لا تأخذ الطابع المؤسساتي و/او الممنهج وعلى فترة محددة من الزمن.

لماذا أركز على عبارة "الطابع المؤسساتي و/او الممنهج"، لأنه في الأساس هذا القانون هو نتيجة برامج ممنهجة قامت بها مؤسسات دينية مسيحية حيث مورس فيها طقوس، كطرد الشياطين مثلا Exorcism، والتي ادت الى التأثير على الصحة العقلية والنفسية للأشخاص الذين خضعوا لهذه البرامج، مما ادى الى ضرر واذى كبير في صحتهم العقلية والنفسية وحتى في بعض الأحيان الى الانتحار. هذا هو السبب الرئيسي لهذا القانون وليس الحق في التعبير عن الرأي او ممارسة الشعائر الدينية والوعظ الديني.

بصورة اوضح، القول في خطب الجمعة ان المثلية الجنسية تعتبر معصية في الاسلام، او وعظ الاهل لأولادهم ان افعالهم هي مخالفة للدين او حتى الطبيعة وفقا لآرائهم الشخصية، لا يشكل جرما بتاتا. طبعا، من شأن ذلك في حال خرج للإعلام ان يؤدي الى دعاية سلبية للاسلام والمسلمين في زمن اصبحت فيه الاسلاموفوبيا عبارة عن رأي بدلا من ان تكون جرما يعاقب عليه القانون ولكن هذا موضوع آخر.

في نهاية الكلام، انا لا اقول ان هذا القانون لا يشكل خرقا للدستور وشرعة حقوق الانسان الكندية والكيبكية فيما يتعلق بالحرية الدينية، هذا موضوع آخر ولسنا في معرض النقاش فيه هنا. ما أقوله هو ان هذه الهستيريا حول خطورة هذا القانون على ممارستنا لشعائرنا الدينية وحق الأهل والاصدقاء ورجال الدين في وعظ ابنائهم وابداء آرائهم حول هذه المواضيع بشرط طبعا عدم الحث والتحريض على العنف ضد المتحولين او المثليين جنسيا، هو مبالغ فيها وليس لها اي أساس من الصحة، والسلام.

*الصورة من صفحة الفيسبُك التابعة لوزارة العدل الكندية