البكاء ممنوع على الشهيدة شيرين!

  • article

معن سمحات - مونتريال

شيرين ابو عاقلة، الاسم  نضال، كفاح و تاريخ ايضاً . لقد اسهمت الشهيدة في تأسيس قناة الجزيرة فهي كانت من الاوائل الذي التحقوا بركب هذه القناة.

استشهدت شيرين و لا غريب في ذلك، لا غريب لمن وهب نفسه و عمله و حياته من اجل انبل و اشرف قضية، بل هي قضية ميزان الايمان على الارض. فلو اردت ان تعرف حال كوكب الارض عليك بالارض المقدسة و حكامها،  فإن كانوا اهل حق و عدل حلّ الخير و السلام على المعمورة و إن فقدها اهل الايمان نزل الغضب من السماء، فلن تقوم قائمة للمؤمنين و اولى القبلتين اسيرة تنزف فلن يقوم العدل و الحق ضائع.

استشهدت شيرين و لحقت بكوكبة الشهداء التي لم و لن تنقطع الى يوم الدين سواء في فلسطين او الدول المجاورة لفلسطين . فموكب الشهداء لا توقفه معاهدات و لا حبر على ورق و لا تنديدات او شجب. انه امر رباني يقوم به من اخلص وجهه لله تعالى . و ما بين الشهيدة الاعلامية يارا في سورية والشهيدة شيرين في فلسطين لم يختلف المشهد،  فالمجرم واحد و السبب واحد، اسكات الحق و تكفير الضحية وإثارة الجدل حول هويتها الدينية لصرف النظر عن القضية المركزية. و من اهم هذه الاسباب هو الحقد التي يتغذى على العنف فيجعل من صاحبه سفاحاً مختالاً، لا يقتل فقط بدم بارد لاحقاد تاريخية او لخلفيات دينية او عرقية بل يتلذذ برؤية ضحيته تتألم وتلفظ انفاسها الاخيرة . هذا هو الذي بقلبه مرض بعينه.

قد كان متعارفاً عليه في السابق بين الجيوش و الخصوم "طلقة الرحمة" خلال الحرب للتقليل من عذاب الجندي المحتضر. اما الان فالعكس تماماً: اتركه يتألم حتى يموت، امنع عنه الاسعاف، دعه ينزف، دعه يموت حرقاً او اذبحه بسكين صدئة.

نعلم جيداً ان رحيل شيرين لن يزيد المواطن العربي سوى المزيد من القوة و العزم لاكمال المسيرة وإن قدمت اغلب الدول العربية و اعلامها العزاء بها على استحياء دون ذكر القاتل، الا قناة الجزيرة التي وجهت اصابع الاتهام الى جيش الاحتلال و لكن عرضت ايضاً وجهة نظر المحتل و روايته و مطالبته بتحقيق مشترك مع السلطة،  التي رحبت بسعة صدر بهكذا تحقيق لانه لو اردنا توجيه الاتهام حسب المستفيدين من جريمة اغتيالها لقلنا ان "محمود عباس" هو اكثر المستفيدين فقد خرج مجددا كبطل قومي و اصّر على  خروج الجثمان من مقر عمله مع العلم انه صاحب التنسيق الامني الذي ادى الى مقتلها. و قد كان يدين كافة العمليات التى رفعت معنويات الجماهير العربية فكانت عملية الاغتيال لشرين و تليها مشاهد الاعلام العربي المخزية و خاصة الجزيرة و اخواتها من القنوات من عرض الاعلاميين يجهشون بالبكاء و العويل على الشهيدة. مع العلم اننا ما اعتدنا على تشييع شهدائنا بهذه الطريقة مما خلق جوا سلبيا يوحي بان العدو سجل نقطة على الفلسطنيين و اعاد الثقة الى المستوطنين بعد ان فقدوها مؤخرا فيما تولد لدى المواطن العربي الشعور مجدداً ان جيش الاحتلال لديه القدرة على القتل دون رقيب او حسيب خاصة بعد مطالبات مثيرة للسخرية تدعو الى تحقيق دولي و تحقيق من محكمة الجنايات الدولية ، وهم على علم ان اسرائيل و ايضا الولايات المتحدة ليستا عضوا فيها . اما ما صدر من رفض من بعض الحكومات الغربية من تجريم او ادانة اغتيال الشهيدة و الاعتداء على الطواقم الصحفية لا يعدو كونه كلاما فارغا لا يقدم ولا يؤخر ولا يساهم في محاسبة المجرم.

غياب شيرين ابو عاقلة لا يقل اهمية عن غياب ناجي العلي الذي كانت السلطة الفلسطينية متورطة في مقتله او تدور الشبهات حولها بشأن اغتياله او غسان كنفاني الاعلامي الذي ارعب الجميع. و لا يخفى على احد ان جيش الاحتلال قتله مع ابنته بدم بارد. 

لن نبكي يوما شهيداً كما تفعل الجزيرة و لن ننافق امام دماء الشهداء ايضاً بإستقبال قتلتهم على الهواء.

لن نكون ابدا الجزيرة التي شرّعت دخول الاعلامي المعادي الى كل بيت عربي و لكننا جميعاً شيرين ابو عاقلة و صوت شيرين... شيرين التي لم اكن اعلم انها مسيحية الا بعد استشهادها كما كنت اجهل ديانة الاعلامية الشهيدة يارا عباس في سوريا الى حين تشييعها.

فلترقدي بسلام يا شيرين ابو عاقلة فقد خلدّت فلسطين اسمك الى الابد.

*الصورة من موقع الجزيرة