تحية طيبة وبعد ... معاقبة الانسان في لبنان !!!

  • article

غسان عجروش 

صرحت  "باكالو" ، وهي عاملة منزلية من الجنسية الأثيوبية والتي تبلغ من العمر 25 عاما تعمل في بيروت، بأن أرباب عملها تركوها خارج بوابات سفارة إثيوبيا دون أي تفسير، دون أن يدفعوا لها راتبها أو حتى يسلموها جواز سفرها. وقد تلقى العديد من أبناء وطنها معاملة مماثلة خلال الأشهر القليلة الماضية. ونتيجة لهذه الظروف، توفي عدد غير معروف من المعينات المنزليات عن طريق الانتحاربرغم ما مرت به "باكالو"، فقد رفضت الكشف عن أسماء من تعمل لديهم على أمل أن تستعيد في يوم ما بعد انتهاء الأزمة وظيفتها ومستحقاتها، وقد أفادت بأن راتبها الشهري الذي لا يتجاوز 300 دولار مثل جزءا كبيرا من الأموال التي عاشت بها عائلتها بأكملها في إثيوبيا. 

اذا ، الرفاهية عند البعض والحاجة عند البعض الآخر لاستقدام عاملات الى بيوتهم وبيوتهن أصبحت من الماضي ، الا من بقيت أحواله ميسورة وما زال باستطاعته تأمين الدولار الأميركي ليدفع راتب العاملة، التي بات راتبها حسب سعر الصرف الحالي يصل الى عدة ملايين من الليرات اللبنانية .  اذا كان مبلغ  الثلاثمائة دولار الذي تتقاضاه العاملة الأجنبية أو أقل فإنه ومع تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية بات هذا المبلغ في أيدي اللبنانيين يساوي مبلغا كبيرا مع تجاوز سعر الدولار الى ما فوق الاثني عشر ألفا للدولار الواحد. وبالتالي بات اللبناني بحاجة الى هذا المال ليصمد أمام الواقع المعيشي المزري. ومن جهة أخرى تحوّلت هذه الى أزمة إنسانية حيث أكثر من 250 الفا من العاملات دهستهم هذه الأوضاع ورمت بهم الأقدار وقلة إنسانية مخدوميهم الى رميهم في الشارع أو أمام سفاراتهم وقنصلياتهم . 

الأوضاع الإقتصادية في لبنان انقلبت رأسا على عقب في وقت قياسي قصير . فبعد أن كانت شريحة كبيرة من اللبنانيين تستعين بالعاملات الافريقيات والاسيويات من أجل المساعدة في تنظيف بيوتهم أو الانتباه الى أطفالهم أو حتى أخذ كلابهم خارج المنزل للترويح عنهم ، بات عدد كبير منهم ينتظر المساعدة من الخارج أو من الجمعيات والأحزاب، التي كالعادة تقوم مقام ( الدولة) في مثل هذه الظروف. والحق يقال أن المغتربين اللبنانيين قد أبلوا بلاءا حسنا لجهة الوقوف الى جانب أهلهم وأقربائهم وأبناء بلداتهم .  هذا الواجب الإنساني والشرعي في بعض الأحيان مكّن اللبنانيين من الصمود حتى الآن بوجه هذا الغلاء الفاحش الذي يعانون منه.  بينما تستمر المصارف باحتجاز أموال الناس وأخذ ودائعهم دون وجه حق . نعم ، تنشط الحملات الإنسانية والجهود الفردية في غير مكان من العالم لجمع الأموال وارسالها الى الاهل والقرى تحت مسميات شتى والهدف هو انساني بحت فيما الدولة ما زالت تمنع نفسها من تأليف الحكومة بحجة الحقوق والسعي الى امتلاك زمام التأثير الاكبر في الحكومة الموعودة. كل ذلك تحت أنين وأوجاع الناس ، وقد نخسر مساعدات من البنك الدولي ومن دول رقّ قلبها لوضعنا الحالي ولم ترقّ قلوب أصحاب القرار بل ما زال التعطيل سيد الموقف. 

ان تحويلات المغتربين اللبنانيين في كل من قارتي أميركا وأوروبا تستحوذ على القسم الكبير منها، حيث يتوقع أن تصل هذه التحويلات مع نهاية العام الحالي الى أكثر من 8 مليارات دولار، وهو ما يدل على أن المغتربين اللبنانيين هم أساس اقتصاد البلد، لا سيما في هذه الفترة حيث انهار القطاع السياحي والمصرفي والاقتصادي والاستثماري ولم يبق سوى أموال المهاجرين التي تتدفق الى الوطن لدعم أهلهم وما الى ذلك . انه من المؤسف جدا أن يصل اللبناني الى ما وصل اليه اليوم ،  حيث وصل أكثر من 60 % الى خط الفقر بل أن استطلاع أجراه برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي نهاية العام 2020، يقول فيه: أقدمت 35% من الأسر المستجوبة على خفض عدد وجباتها اليومية.  ان السياسات الاقتصادية والفساد والسياسة وصولا الى الحصار المفروض على لبنان لتركيعه من أجل فرض شروط عليه سواء من ناحية الحدود البحرية والنفط أو من ناحية فرض حصار على فريق من اللبنانيين هي لاخضاعهم والتخلي عن المباديء والحقوق المشروعة وأولها قضية عودة الاخوة الفلسطينين الى أراضيهم في فلسطين المحتلة.

يستضيف لبنان، وفق تقدير السلطات نحو 180 ألف لاجئ فلسطيني، وفق بيانات رسمية، رغم أن تقديرات أخرى ترّجح أن يكون العدد أكبر بكثير ويصل إلى حدود 500 ألف.اليس الاجدى بالدول التي تقوم بحصار لينان ماليا واقتصاديا ان تسعى الى حل يعيد الحقوق الى أصحابها ويرجع كل صاحب أرض الى بيته وداره عوض اخضاع شعب بأكمله للعقوبات من أجل تنفيذ مخطط شبيه لصفقة القرن أو الوقوف في مصاف الدول العربية التي وقعت مستند التطبيع مع الدولة العبرية ؟.