المدرسة العربية ليست قصاصاً وكوادرها من أصحاب الاختصاصات والخبرات

  • article

ليلى فرحات ـ مونتريال*


"مدرسة نهاية الاسبوع لتعليم اللغة العربية هي امتياز ممنوح وليست واجبا مفروضا"، هكذا عبّر عنها أحد التلاميذ القدامى خلال ورشة تربوية ثقافية نظمتها مدرسة الاجيال التابعة للمجمع الاسلامي منذ قرابة شهرين. وانطلاقًا من هذا العنوان تصبح المدرسة العربية فرصة مهمة يستفاد منها بالارتكاز على مثلث رأسه المدرسة (منهاج وكادر تعليمي متخصص) وتلميذ راغب في التعلم وأهل يشجعون الابناء على التعلم ويتابعونهم بكل جدية. لنتنتج جيلاً متعلماً محبًا للغته الأم.

كما بات معروفاً، أصبحت مدرسة اللغة إرثًا اغترابياً. اينما يوجد جالية عربية، توجد مدرسة تهتم بتعليم اللغة لأبنائها. صحيح ان الحكومة الكندية تدمج تعليم اللغة الام من ضمن منهاجها التعليمي، وذلك للراغبين من تلاميذها الا ان هذه المبادرة لم تحرز النجاح المبتغى وذلك لأسباب عدة منها عدم تصدي أهل الاختصاص لهذا الأمر في كثير الاحيان أو اعتماد أساليب تعليمية بدائية ومملّة مقارنة مع المواد التعليمية الأخرى.  

من هنا كان لا بد من ايجاد الحل البديل الا وهو مدرسة نهاية الاسبوع والتي تتخذ من المؤسسات الجاليوية مقراً لها، تعلّم ابناء الجالية اللغة العربية. ومنذ بداية انطلاقتها أي أكثر من ثلاثين عاماً، اعتمدت هذه المدارس على العمل التطوعي من المثقفين والواعين الذين أدركوا مبكراً ضرورة تعليم اللغة العربية والقيم والمفاهيم الاسلامية  وبناء مداميك المدرسة العربية  خوفاً من الاندثار كما حدث لإثنيات أخرى.

ومع تقادم السنوات وتراكم الخبرات لكوادرها وتوافد أهل الاختصاص و الجامعيين، اصبحت مدارس نهاية الاسبوع اكثر منهجيًة وتقدماً مقارنة بالماضي من حيث اتباعها اساليب مشوقة وترغيبية. وذلك لإدراك القيمين عليها ان تلاميذها يرتادونها في أيام عطلتهم وهذا ما يشكل مجهوداً مضاعفاً كتعويض لاستيعابهم وتوفير جو أساسه التعليم، ولكنه مغلف بالأنشطة التحفيزية والاشغال اليدوية والموسيقى وما شابه.

بطبيعة الحال، ازدياد عدد أفراد الجالية هو الذي ساعد في تأمين كفاءات وكوادر تعليمية جُلّهم من أصحاب الاختصاصات وخريجي الجامعات وأيضاً، من اصحاب الخبرات المتراكمة في مجال التربية والتعليم. أضف الى ذلك، أصبحت وسائل التعليم أكثر تطوراً معتمدة على وسائل الايضاح والتكنولوجيا الحديثة وكل ذلك لقدرة المعلّمين على تقديم هذه المادة بطريقة محبّبة وليس كما كان عليه التعليم في السابق.  

والجدير ذكره ان مدرسة تعليم اللغة العربية والدين بدأت تقطف ثمارها فترى إزدياد عدد طلابها سنويًا و ذلك لوعي الاهل لأهمية عدم الوقوع في فخ الاندماج اللا مسؤول، الذي ادى في كثير من الاحيان الى ضياع بعض اولادها على المستوى اللغوي والديني. هذا الوعي يبدو جلياً بين التلامذة من خلال حضورهم والقيام بواجباتهم ومتابعة دروسهم بشكل حماسي ، ما ادى الى تنشئة شباب وشابات من الجالية يتكلمون العربية بكفاءة . حيث يُطالعك شاب يعتلي منبراً يتكلم في المراسم الدينية كعاشوراء و شهر رمضان و فتاة محجبة تشارك في المظاهرات مكتسبة من إرث دينها دفاعها عن حقوقها.

بينما نلاحظ ان الأولاد الذين لم يرتادوا المدرسة العربية، أضحوا لا يتكلمونها والبعض لا يألفونها ، وبات تواجدهم في المناسبات الجاليوية خجولا حيناً ومرتبكاً حيناً آخر.  . لكن في الوقت الحالي، لا يمكن ان نثبط العزائم بل علينا ان نحثّ الاهالي على ارسال أولادهم في سنٍ مبكرٍ الى المدارس العربية والعمل يداً بيدٍ على تطوير هذا المعلَم التربوي لأننا كلنا  يطمح لتأمين مبنى مدرسة يحوي صفوفاً وصالات وملعباً وكل المستلزمات الاكاديمية اللازمة حتى يكون التعليم أكثر إنتاجية .

أخيراً، المدرسة العربية ليست قصاصاً بل فرصة ذهبية ليتعلم أولادنا ان لغتنا ستزودهم بالنضوج ورصيد ثقافي وافر وغنى. و عليه كل تجربة اغترابية هي قابلة للتطوير. أما البناء على معطيات قديمة لتقييم تجربة ما لا يدل على حرفية مهنية، خصوصاً إننا في عصر التواصل الاجتماعي.


* مديرة مدرسة الاجيال ـ بكالوريوس في مجال علوم الألسنية من جامعة UQAM