المديرُ الأسبق في "منظمة العفو الدولية" في كندا روجِر كْلارك: "فلْنَحرص على منعِ ترحيلِ حسن دياب تعسفاً مجدَّداً" (الجزء الأول)

  • article

زينب مرعي، صدى المشرق

 

"إنضم عدد ضخم من الطلاب إلى صفِّ حسن لدى عودته إلى كندا وتدريسه في "جامعة كارلتن" (Carleton University)"، والكلام للأستاذ المحاضر روجِر كْلارْك (Roger Clark) أحدِ أعضاء "لجنة الدعم المُطالِبة بالعدالة لحسن دياب" (Justice for Hassan Diab Support Committee). يفترض كلارك أن الحضور الطلابي الكثيف "يعود جزئياً، إلى اشتهارِ دياب لأسباب متعددة، وإلى دعمِ الطلاب القوي له – كما لاحظ – في "جامعة كارلتن" كما في "جامعة أوتَوا" (Ottawa University)".

ويوضِح هذا الناشط المَرِن الروح البالغ اثنين وثمانين عاماً في حديثه إلى "صدى المشرق" بشأن القضية التعسفية التي يعيشها الأستاذ المحاضر حسن دياب أن "حسن عاد إلى كندا في كانون الثاني عامَ 2018 رجلاً بريئاً، وكان قرارٌ أُصدِر في فرنسا مفاده أن لا قضيةَ قانونية يمكن الإدعاء بموجِبها عليه".

بيدَ أن الجماعات التي سعَت لاتخاذَه كِبشَ فداءٍ في البداية تسعى مجدداً إلى تلبيسه تهمةَ القيام بالتفجير المجاوِر لِلكنيس اليهودي على شارع "كوبِرنيك" (rue Copernic) في باريس عام 1980.

 

سلسلة معاملات شاقة

إضطر مدرِّس علمِ الإجتماع البالغ سبعة وستين عاماً إلى خوضِ سلسلة من المعاملات الشاقة لإثبات براءَته من الإتهام الموجَّه إليه. وقد تعرض سابقاً للترهيب، وجُرِّدَ من منصبه الجامعي، واحتُجِز خمسة أشهر تقريباً، وأُلزِم بالإقامة الجبرية.

وفيما بعد، طالبت فرنسا بترحيلِ الأستاذ الجامعي الباحث إليها بناءً على أدلة باطلةٍ، وكندا طبعاً لم تملك الجرأة لرفض التعاون مع السلطات الفرنسية بالرغم من أن الأخيرة لا تقبل بترحيلِ مواطنيها. وقد ضُيِّعَ ما يزيد عن ثلاث سنوات أخرى من حياةِ دياب في السجن.

وبالرغم من متابعته وعائلته حياتهم بِعَزمٍ، مدعومين بتأييدِ مجموعةٍ من الأصدقاء الخبراء المحبين، فقضيته مبنية على مخابرات سرية قد تتسبب بترحيله ثانيةً إلى فرنسا – لا سمحَ الله.

 

حالةٌ أخرى من التلفيقات بسبب العرِق

تقول منظمة "العدالة لحسن دياب" في كلمة مدوّية إن "الجوَّ المعاصِر من التلفيقات على أساس الفئة أو العِرق أو الدِّين يعني أن حسن، كالعديد من الكنديين الوافدين من الشرق الأوسط، أمسى ضحية لِما يُسمَّى "الحرب الدولية على الإرهاب"".

وهذا هو الواقع. فقد تناولتُ هذه المُعضِلة المتنامية وعدداً من أوجهها في سلسلة من المقالات التحليلية التي نشرَتها "صدى المشرق" بعنوان: "كيف تؤثِّر الصناعة الدولية للكره للإسلام (Islamophobia) على صناعته في كندا"؟ حتى أني اضطرِرتُ لِحصر الأمثلة لِكثرتها.

وفي السياق ذاته، ذكَّر الكاتب والمحلل السياسي المعروف إيف أنغلِر (Yves Engler) في مقالٍ حديثٍ عَنوَنَه "أفغانستان تُظهِر مخلَّفات السياسة الإستعمارية الكندية" (Afghanistan Reveals Legacy of Canadian Imperialism) بأنَّ "رئيس الحكومة الكندي الأسبق ستيفن هاربر اعتبر في أحد تصاريحه أن الخطر الأكبر على كندا هو "الأسلَمة" (Islamicism)، وهذا ما برَّر المحاكمات السّرّيّة وترحيل المتهمين إلى سجون التعذيب، ومراقبتهم محلياً، وها هو الكره للإسلام الذي أباحَته الدولة يستمر في تأجيجِ الإعتداءات على المنتمين للجالية الإسلامية".

الأستاذ الجامعي المحاضر روجِر كلارك قام بمَهمات حقوقية إنسانية في الجزائر (وفي غيرها من البلاد في العالم)، كما أمضى سنتين في قطر مع زوجته، ما عرَّفه أكثر على العالم العربي، كما شهدَ بعض الهجمات التي تعرضت لها غزّة آنذاك. وقد خصَّص كلارك قِسطاً وافياً من وقته لتسليط الضوء أمام "صدى المشرق" على نواحي قصة الأستاذ دياب الصعبة، إنما المُلفِتة.

 

يَدٌ لِجماعات النفوذ الصهيونية

لدى سؤاله إن كانت لِجماعات النفوذ (اللوبي) يدٌ في الأمر، خصوصاً الجماعات الإسرائيلية أو الصهيونية، أجاب كلارك: "نعم، سأستخدم مصطلح الصهيونية في هذه الحالة كي أميِّز بينهما، فمصطلح الصهيونية يشير إلى وجهٍ من أوجُه التطرف، وهذا ما كان فعلياً عام 2009 في كندا. آنذاك سُمِح لِحسن بالعودة إلى التدريس في "جامعة كارلتن" بعد إخراجه من الاحتجاز بكفالة... ما دفعَ منظمة "بناي برِث" (B’nai B’rith) للتواصل مع الجامعة والقول إن من غير المقبول أن يقوم "إرهابيٌّ متَّهم" بتدريس الطلاب في أي جامعةٍ كندية، وقد صُرِف حسن من الجامعة في اليوم التالي بالضبط". 

إذاً فقد تدخلت هذه الجماعات في الأمر حينها، كما رأينا تدخّلها الكبير في فترة السنوات الثلاث والشهرين التي قضاها حسن في السجن، وما زلنا نراه حتى الساعة. وفي فترة استئناف الحكم، وفي محكمة الاستئناف، حتى عندَ الإفراج عن حسن وعودته إلى كندا، تدخل عدد من الجماعات الصهيونية وممثليها في باريس للإعراب بقوة عن رُعبهم من كَونِ حسن في الظاهر "ينجو بفعلته"، كما قالوا. لقد استخدَمنا مصطلح كبش الفداء في كثير من الأحيان للإشارة إلى حسن، لا سيَّما أن الإصرار موجود لتلبيسه التهمة، خصوصاً لدى الجماعات الصهيونية في فرنسا، ولدى الجماعات الصهيونية في كندا إلى حد ما وإن لم يكُن هذا مُعلَناً بوضوح.

وإنما في فرنسا لم تُخْفِ الجماعات الصهيونية أنها تسعى لإدانةِ شخص ما وأن هذا الشخص، بالنسبة لها، هو حسن بغضِّ النظر عن كل الأدلة التي تشير إلى العكس".

 

"تنبيه العامَّة"

كلارك المولود قبل شهر أو اثنين فقط من الحرب العالمية الثانية، أي في حزيران من عام 1939، يرى أن من الضروري قولُ "أي شيءٍ الآن لتعزيز المفهوم الذي نعمل بِجد عليه حالياً: لا بد من إنهاءِ الاضطهاد الذي يتعرض له حسن بأيِّ طريقة ممكنة. وفي الأساس لا بد من إيصالِ العملية في فرنسا برمتِّها إلى خلاصةٍ ثم إبطالِها...  

وإن دُعِي إلى ترحيل حسن ثانيةً، فمن الضروري أن يُرفَضَ رفضاً تاماً ويُعكَس مجراه، بل حتى أن لا يُنظَر في الأمر من أساسِه".

لجنة دعم دياب أطلقت في العشرين من أيلول حملة موسَّعة للتواصل مع النواب، وقد تواصل أعضاء اللجنة مع "شبكة المؤيدين الواسعة التي تضم الآلاف من أرجاء كندا، طالبين منهم طرح الموضوع على المرشَّحين، وإجراء الإتصالات الهاتفية، ومناقشة الأمر مع جيرانهم، وإثارة جوانب هذا الموضوع كونَ المهتمين بجمعِ الأصوات الإنتخابية قد يتمكنون من المساعدة"، والكلام لِكلارك، الذي يضيف أنه عمل على "تحضير عدد من الأسئلة التي يستطيع الناس طرحها إن توفرت الفرصة في اجتماعات المرشَّحين المحلية، مثلاً.

"لكنَّ هذا قد يصعب، فهذه الإجتماعات يُسَيطَر عليها بشدة، ولا يكفي أن يحضر المعنيُّ وبجعبته سؤال جيد كي يحظى بفرصةٍ لطرحه... على أي حال، نشرنا هذه الأسئلة لتكون دليلاً للناس، ونحن حقاً نريد أن نبذل كل ما بوسعنا لأجل هذه القضية". هذا ما ينبِّه إليه الناشط المخضرم كلارك، الممنوح عضوية "الموسَّمين بِوسام الشرف الكندي الثاني" (Order of Canada) لدوره في "منظمة العفو الدولية" ولتعزيزه الحقوق الإنسانية محلياً وخارجياً.

"أرى أن هذه فرصةٌ لتنبيه العامَّة إلى احتمالِ ترحيلِ حسن ثانيةً... أيُّ مطَّلِعٍ على أي تفصيل في هذا القضية يعلم ما يواجهه حَسن. وبالنسبة للناس الأقل اطِّلاعاً على القضية فأرى أنهم بشكل عام سيفهمون سريعاً جداً أنَّ النظامين القضائيَّين الكندي والفرنسي قد فشلا في مساعدة حسن، لذا فهُم سيدعمونَه"، والرأي لِكلارك الذي يعمل لأجل قضية دياب منذ ست سنوات تقريباً.

"لقد قُلِبَت حياتي رأساً على عقب بسبب ادعاءات وشكوك لا أساسَ لها، وإني بريءٌ من التهم الموجَّهة إليَّ. لم أتورَّط في الإرهاب إطلاقاً في حياتي، ولست مناهضاً للسّاميّة، ولطالما كنتُ معارضاً للاستكبار والعُنف"، والكلمات هذه أدلى بها الأستاذ الجامعي دياب في مؤتمرٍ صحافيٍّ سابقٍ في أوتَوا.

إذاً ما الذي يمنع أيَّ معتبِرٍ منّا مِن تقديم يدِ المساعدة للأستاذ دياب؟ فحتماً لن يودَّ أحد منّا أن يجري على ابنه أو أخيه أو أبيه ما جرى على دياب.

                                                                 

                                                                             يُتبَع..

 

في الصورة الأولى دياب وزوجته الأستاذة الجامعية رانيا طفيلي وابنتهما جنى وابنهما جاد

في الصورة الثانية الناشط روجِر كلارك  

معرض الصور