إعتبرَ القيِّمون على الجمعية الإسلامية في كندا (MAC) أن حُكم المحكمة العُليا في أنتاريو "إقرارٌ مهمٌّ بأن وكالة الدخل الكندية (CRA) لم تُنصِف الجمعية (MAC) عندَ التدقيق في حساباتِها المالية"، ويأتي هذا الإقرار بالتزامن مع المعركة المستمرة لمجابهة الكره للإسلام (Islamophobia). لكن القيّمين على الجمعية رأوا أن "المحكمة بسماحها لوكالة الدخل بمتابعة تدقيقاتها المالية بأساليبها الانحيازية التي لا تُحاسَب عليها تُقلِق الجالية الإسلامية وقِطاعَ الجمعيات الخيرية بشدة".
بيان الجمعية
المعنيون في الجمعية الإسلامية قالوا في بيانهم الأخير إن "المحكمة لَم تُصدِر قراراً نهائياً حاسماً بما أنَّ العملية الإدارية للتدقيق المالي لم تكتَمل بعد"، وأضافوا أن "المحكمة بتأخيرها تحقيق العدالة تؤذي مُسلمي كندا معنوياً ومادياً، لذا فالقرار قد يتعارض مع جوهر شرعة الحقوق والحريات الكندية (Canadian Charter of Rights and Freedoms) النّاصّة على حماية الحقوق الفردية من سَطوة الدولة". كما جاء في البيان أن "قرار المحكمة لا يُراعي تجارب وإفادات العديد من الجمعيات الإسلامية الكندية التي تأذَّت من تدقيق وكالة الدخل في مواردها المالية".
الجمعية الإسلامية كانت قد تقدَّمَت بشكواها إلى المحكمة في نيسان/ أبريل عامَ 2022 لتنظر المحكمة في أمر الشكوى بعد عامٍ، أي في نيسان هذا العام. وكانت الجمعية الإسلامية قد دعَت المحكمة إلى مساءَلة وكالة الدخل عن أساليبها في التدقيق المالي وما تستند عليه عندَ اعتبارها الجمعيات الإسلامية "ممولِّةً للإرهاب". إذاَ دعت الجمعية الإسلامية المحكمةَ آنذاك إلى الالتفات إلى أن ممارسات وكالة الدخل "قد تكون قائمة على أساس الكره للإسلام وقد تتناقض مع الحقوق التي يكفلها الدستور، كحرية التدين والتعبير والمساواة"...
رأي المحامي جف هُول
المحامي جف هُول (Geoff Hall) من مكتب "McCarthy Tétrault LL" للمحاماة، الموكَّل بمتابعة هذه القضية، اعتبرَ أن قرار المحكمة "خاطئٌ قانونياً، وهو يتناقض مع التزام القضاء بضمانِ حقوق كل الكنديين. فعندما تتعدى الدولة على حقوقهم، لا بد من التدخل لمنعِه... من المقلق فِعلاً أن تتقبل المحكمة فكرةَ اعتبار مسلمي كندا خطراً على الأمن القومي. فقد قتلَ القوميون البِيض عدداً أكبرَ من مسلمي كندا مقارنةً بكل الدول الغربية الأخرى، ومع هذا فنحن لا نعتبرَ "البِيض" خطراً على الأمن القومي ولا نُفرِدِهم للمحاسبة أصلاً".
رأي شرف شرف الدين
الرئيس المسؤول عن خطط عمل الجمعية شرف شرف الدين رأى أن "إقرار المحكمة بحقيقة الانحياز والتعصب في التعامل مع الحمعية يؤكِّد ما نخافُه منذ وقت طويل، وهو يُؤكِّد الحاجة المُلِحّة للإصلاح. غير أننا مستاؤون جداً كونَ المحكمة لم تتحرك مباشرةً لمنعِ وكالة الدخل من انتهاكِ حقوقِنا، سامِحةً للوكالة بالتعدي على حقوق جاليتنا طالما شاءَت. لذا فنحن لن نتوقف عن المطالبة بالعدل واحترام حقوق مسلِمي كندا وقد نستأنف الحُكم"...
قرار القاضي ماركس كونَن
القاضي ماركس كونَن (Markus Koehnen) بيَّن في قراره أن "نتائجَ التدقيق المالي الذي أجرته وكالة الدخل تتناقض مع الأسباب التي تذرَّعَت بها شعبة المراجعة والتحليل (RAD) لإجراءِ التدقيق". وأضاف القاضي أن "الوكالة تدخَّلت في مسائلَ لا تتوافق مع هدفها المعلَن، أي منع تمويلِ الإرهاب"، كما تساءَل إن "كانت وكالة الدخل لِتتعامل مع الجمعيات الخيرية المسيحية أو اليهودية بهذا الشكل"، وقد أقرَّ كونَن "بأهمية دور الجمعية بالنسبة للمحافظة على مصلحةِ مسلمي كندا العامة ولِدمجهم في المجتمع الكندي".
دعوةُ الجمعية
إذاً فالقيّمون على الجمعية اعتبروا أن قرار المحكمة "يُضعف قدرة الكنديين على اللجوء للقضاء عندَ انتهاكِ حقوقهم الدستورية وأنه لا يراعي محدودية الموارد التي تتلقاها الجمعيات بمعظمها". وعليه، دعت الجمعية القضاءَ – بعد ما عاينَه – إلى "التدخل لمعالجة الانحياز الممنهَج لدى الوكالة من أجلِ أن تُستَرجَع الثقة بهذه المؤسسة الحكومية". كما دعت الجمعية الوكالةَ إلى "مراعاة وجهة نظر المحكمة ريثما تُتم الوكالة المرحلة النهائية من تدقيقها المالي".
تذكيرٌ بهوية الجمعية
الجمعية الإسلامية في كندا تعرِّف نفسها على أنها منظمة خيرية مستقلة وطنية مبنية على أسس دينية، وهي تؤمِّن خدماتِ التعليم الشمولي والتطور الشخصي لِكل المسلمين الكنديين. كما تركِّز على بناء المجتمع وتمتين الروابط بين الجيران في أرجاء كندا عبر خدماتها وتعاونها مع مجموعات من الأديان والعِرقيات والخلفيات المتنوعة.
لِلجمعية 13 فرعاً في مدن كندا الكبرى، بالإضافة إلى عشرين مسجداً ومركزٍاً جاليوياً، وثلاثين مدرسة وحضانة للأطفال (بدوام كامل ونصفي)، وهي تقدم خدماتها لِما يزيد عن 150,000 شخص من أبناء الجالية في كندا.
Photo by 愚木混株 cdd20 on Unsplash