الأحزاب الكندية الكبرى تعمل "مِن تحت الطاولة" للإنضمام إلى "منظومة اعتراض الصواريخ البالستية" بقيادة أميركية

  • article

 

كادت الحملات الإنتخابية التي ستُحسَم نتيجتها غداً الثلاثاء تخلو من التداول الإعلامي في شأنِ خطة الحكومة لتخصيص أكثر من 553 بليون دولار للنفقات العسكرية في السنوات العشرين المقبلة.

 

الخطة

خطة الحكومة تتضمن إبرامَ العقود لشراء الطائرات الحربية والطائرات المسيَّرة المسلَّحة في الأشهر القليلة المقبلة. أما بالنسبة للسفن الحربية، فقد أُبرِمَت العقود اللازمة لشرائها، وستشارك كل من "رايْثين" (Raytheon) و"لُكهيد مارتِن" (Lockheed Martin) و"أنظمة المجال الجوي البريطاني"  (BAE Systems) في تأمين المُحتوَيات اللازمة لتصميم هذه السفن.  

عن هذا تقول الباحثة والمؤلِّفة جويْس نلسن (Joyce Nelson) إن هناك جهات تعمل بِصمتٍ لدفع كندا إلى اتِّخاذ موقفٍ يضمن مشاركتها في تجهيزِ منظومةِ الولايات المتحدة لِاعتراض الصواريخ البالستية (ballistic missile defence)، وهذا شكَّل موضعاً إشكالياً منذ انسحاب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش من "معاهدة حظر الصواريخ البالستية" (Anti-Ballistic Missile Treaty) عام 2001.

فمنذ ذلك العام أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 100 بليون دولار وهي تحاول بناءَ درعٍ واقٍ من الصواريخ، وقد سعت حكومتها إلى جانب المستفيدين من الصناعات "الدفاعية" كشركات "بوُوِنغ" (Boeing) و"رايثيِن" و"لُكهيد مارتِن" إلى الضغط على كندا كي تشاركهم.

 

موقف متبدل لِحزب الأحرار

في كانون الثاني من هذا العام أفادَت شبكة "CBC News" الإخبارية أن "السياسة الدفاعية التي أعدَّها حزب الأحرار تؤكِّد على الإلتزام بقرار حكومة الرئيس الأسبق بول مارتن (Paul Martin) عام 2005 بالنسبة للحياد في ما يخص السعي لبناء أي منظومةٍ لاعتراض الصواريخ البالستية في القارة الأميركية بالرغم من مطالبة لجنتَي الدفاع في مجلس الشيوخ الكندي ومجلس العموم بإعادة النظر في مسألةِ الإنضمام إلى الأميركيين".

هنا تشير الباحثة جويْس نلسن إلى أن سياسة حزب الأحرار تغيَّرت جذرياً في ظرف ستة أشهر، فقبلَ يومٍ من الدعوة إلى الإنتخابات، أصدر وزيرا الدفاع الكندي هارجيت سجان والأميركي لويد أوستن (Lloyd Austin) بياناً مشترَكاً وافقا فيه على "تحديث" "قيادة الدفاع الجوية في أميركا الشمالية" (North American Aerospace Defence Command) وإبراز "أهم مجالات الإستثمارات الجديدة".  

 

البيان "الدفاعي"

البيان المشترك يشير إلى أن حكومتَي البلدين "ترغبان في استبدالِ "نظام الإنذارات الشمالي" (North Warning System) بحلول تقنية أكثر تقدماً بأسرع ما يمكن، منها أحدث الأنظمة الكاشفة (radar systems)، التي ستساهم في تحسين الإنذارات المبكرة والرصد المستمر للمجال الجوي في أميركا الشمالية".. كما يتحدث البيان عن "إنشاءِ شبكة من المِجسات (sensors) الكندية والأميركية تبدأ من البحر وتصل إلى الفضاء الخارجي"...

يقول المحلل المختص بشؤون الدفاع والسياسة كيث جونز (Keith Jones) إن البيان المشتَرَك يُقصَد به تمهيد الطريق "كي تشارك كندا في "منظومة اعتراض الصواريخ البالستية" التي يُرادُ بها تمكين الولايات المتحدة من شَنِّ حرب نووية "تفوز" هي بها".

وترى الكاتبة نلسن أن "هذا قد يكون سبب الصمت بشأنِ البيان المشترَك، الذي لن يثيرَ المعارضةَ ما لَم يُوضَّح مضمونُه".  

 

دعم حكومي سابق

عام 2014 أبدَت "لجنة مجلس الشيوخ الكندي الناظرة في الأمن القومي والدفاع" (Canadian Senate Committee on National Security and Defence) دعمها الكامل بالنسبةِ لمشاركة الحكومة في تطوير الدرع المذكور، وكان يرأسها عضو حزب المحافظين دانيِل لانغ (Daniel Lang) وينوب عنه عضو حزب الأحرار روميو دالير (Romeo Dallaire). آنذاك اتَّخذَت اللجنة موقفها بالرغم من اعتبار النقاد أن النظام (المُسمِّى "الدفاع المتوسطي الأرضي الأساس" (Ground-based Midcourse Defence)) غير فعالٍ في تدمير الرؤوس الحربية.

لكن وفقاً لما يذكره مارك موهيتش (Mark Muhich) من موقع "Counterpunch"، هناك من يروِّج لهذا الدرع سنوياً من خلال "قانون الموافقة على آليات الدفاع" (Defence Authorisation Act)، كشركات الأسلحة المعنية بعقود الدفاع مثل "بووِنغ" و"لُكهيد مارتن" و"رايْثِيِن"، التي أنفقت 58 مليون دولار في الأشهر الست الأولى من هذا العام للضغط على مجلس الشيوخ الأميركي لتمويلِ الآليات الدفاعية والعقود المرتبطة بالدفاعات الصاروخية".

 

الحزب الديمقراطي الجديد بين المجيِّشين

قد يكون مفاجئاً للبعض أن الحزب الديمقراطي الجديد يشجِّع في منصته الإنتخابية الحالية على "إبرام العقود لتأمين المعدات العسكرية الجديدة  كالسفن والطائرات الحربية من أجلِ تأمين أكثر ما يمكن من "المنافع" الصناعية والوظائف. فهذا سيضمن استمرارَ قطاعَي بناء السفن والصناعات الجوية في أرجاء كندا".

وهنا تعلق الكاتبة نلسن بالقول إن ""منظومة اعتراض الصواريخ البالستية" قد أُعيدَت بهدوءٍ إلى منصة الحكومة الكندية بالتزامن تنامي الخطاب المعادي لروسيا والصين، وتعاظُم الإنفاق على التجييش والتجهيز العسكريَّين، واهتمام المروجِّين للحرب مثل هارجيت سجان وكرِستيا فريلاند (Chrystia Freeland) بإرضاء الولايات المتحدة".

 

في الصورة يظهر وزير الدفاع الكندي هارجيت سجان وهو في زيارة إلى "قيادة الدفاع الجوية في أميركا الشمالية" (NORAD) في 20 كانون الثاني 2016.