"القمة الوطنية لمعالجة الكره للإسلام": وعودٌ كثيرةٌ أُطلِقَت وقضايا حساسةٌ أُغفِلَت (الجزء الثاني)

  • article


خوف الأهالي

بالعودة إلى القمة، أشار عدد من المتحدثين إلى تخوف المزيد من الأهالي من إرسال أولادهم إلى المدرسة. ودعا البعض إلى الاهتمام بتثقيف الطلاب في المدارس، منها مدارس مونتريال، وإلى تغيير المناهج والاهتمام بذهنية الفريق التعليمي في الأساس.

 

محمد هاشم

محمد هاشم الذي عينته الحكومة العام الماضي مديراً تنفيذياً جديداً للمنظمة الكندية للعلاقات بين الأعراق (Executive Director of the Canadian Race Relations Foundations)، أشار إلى أن الإعتداء الإرهابي على مسجد كيبك الكبير كان "كابوساً تحقق بعد أن خشي كُثر منا ذلك، خصوصاً في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب يبث الخوف في العالم فيما يقوم تنظيم "داعش" بإرهاب العالم".

وأشار هاشم إلى أن تعامل العديد من المؤسسات الأمنية مع الجالية الإسلامية على أنها تهديد، حتى أن أطفالاً بعمر السادسة استُوقِفوا في المطارات بسبب الاشتباه بأسمائهم.

ونبَّه هاشم إلى المستوى غير المسبوق من "القلق الذي يساور الجالية الإسلامية في كندا"، وأشار - كما غيره من المتحدثين – إلى أن أرقام ضحايا الاعتداءات من المسلمين أكثر بفارق كبير من الاعتداءات التي تُبلَّغ الشرطة بها، وإلى أن النساء المحجبات هن أكثر المتضررات من التمييز العنصري، وأكثر منهن المحجبات السوداوات اللواتي يواجهن نوعَين من العنصرية (بسبب حجابهن ولونهن).

 

رئيس بلدية كالغري نهيد نَنشي

رئيس بلدية كالغَري نهيد نَنشي (Naheed Nenshi) طالب بإجراءات جدية لمواجهة الكره للإسلام، ساخراً من طلب حكومة آلبِرتا الأخير من أوتَوا تشريع حمل "الرذاذ المهيج للعينين" (pepper spray) كي تتمكن المحجبات من حماية أنفسهن. واعتبر نَنشي أن لا بد من القيام بإجراءات حازمة تحمي المسلمين، وإلى معالجة المشكلة من جذورها.  

 

النائب ماجد جوهري

النائب ماجد جوهري دعا إلى وضع تعريف للكره للإسلام كي يُصار إلى معالجته بجدية في ما بعد، معتبراً أننا لا يمكن أن نعالج المشكلة إن لم نحدد ماهيتها.

 

آصف خان

آصف خان المدير الوطني لِلشؤون العامة لدى جماعة الأحمدية في كندا دعا إلى "المحافظة - في ظل هذه الظروف التي يعاني منها المسلمون الكنديون -  على وحدة كندا ومنعِ الانقسام من التغلغل بين أهلها".

 

ما تغافلَ عنه ترودو والغبرا وغارنو

كلام ترودو المتكرر بشأن التضامن مع الجالية الإسلامية بقي عاماً، متجاهلاً عدداً من النقاط الرئيسية التي كان الداعون إلى القمة يسعَون لمناقشتها، كالقانون الواحد والعشرين (Bill 21) التحريضي في كيبك.

كما غُيِّبَت الأزمات الإنسانية التي يواجهها المسلمون في اليمن وفلسطين من المناقشة، بالرغم من تسليح كندا الضخم للسعودية التي تستمر في حربها الضارية على اليمن، والدعم القوي والتسليح اللذين تقدِّمهما كندا لإسرائيل، التي بدورها تستخدم الأسلحة المحرَّمة في حربها على أهالي غزة.. هذا إضافة إلى إسكات الأصوات الكندية المعارضة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

كما تجاهل المسؤولون الحكوميون المشاركون في المؤتمَر مطالبات متعددة بالنسبة لمراجعة تعريف "الائتلاف الدولي لذكرى المحرقة" (IHRA) لمناهضة السَّاميَّة، الذي اعتبره بعض المشاركين تعريفاً محرِّضاً على الإسلام.

وللمفارقة، أعرب الوزير الأسبق والمبعوث الخاص لإحياء ذكرى المحرقة إيروِن كوتلر - بُعَيدَ هذه القمة - عن "سروره" لانعقادها، معتبراً أنها ستساهم في حل المصاعب التي يواجهها مسلِمو كندا.

 

قضايا منسية

كما لم تعالج الحكومة قضية الأستاذ الجامعي حسن دياب الذي يعاني منذ سنوات من انحياز القضاء الفرنسي واتهامه بتفجير كنيس يهودي في باريس عام 1980 بالرغم من اتِّضاح الأدلة على براءته.

هذا إضافةً إلى عدد من القضايا المرتبطة بالمهاجرين "غير الشرعيين" المحتَجَزين في سجون وكالة الخدمات الحدودية الكندية، وقضية محمد حركات، وغيرها من القضايا التي ذكَّرت بها الصحافية والكاتبة القانونية عزيزة كَنجي، التي أعربت عن غضبها كونَ القمة "فشلت في معالجة الكره للإسلام ولَم تدعُ الخبراء القانونيين للتداول في القضايا المطروحة كقضية فلسطين والتعذيب الذي يتعرض له عدد من المسلمين الكنديين، وإشكالية تعريف مناهضة السامية".  

وكان سامر مجذوب رئيس "المنتدى الإسلامي الكندي" (CMF) أشار في مقابلة حديثة أجرتها معه "صدى المشرق" إلى وجود "العنصرية الخفية، التي تحتاج إلى نهج خاص من السلطات لمعالجتها، والتي تظهر في الحرمان من توظيف أفراد الجالية في سوق العمل والمناصب العُليا"، لكن هذه المسألة تُضاف إلى النقاط التي لم تُعلِّق عليها الحكومة في القمة.

وكذلك أخذ بعض المشاركين على الحكومة حصرَ القمة بسبع ساعات، وتوقيتها بمحاذاة العيد، داعين إلى إظهار تقديرٍ أكبر للمناسبات الإسلامية.

 

ضيوف مفقودون

بالرغم من الاستفادة من تجارب بعض المتعرضين للعنصرية والكره للإسلام، لوحِظ غياب الضحايا/ أقارب الضحايا الذين كانوا الأشد تضرراً، كأيمن دربلي الذي أُقعِد بسبب إصابته في الاعتداء على مسجد كيبك الكبير، والطفل فايز أفضال، الوحيد الناجي من حادثة الدهس في لندن، أنتاريو.

فالاستماع إلى قضية بهذا الحجم يتطلب متابعة آثار الكره للإسلام في حياة الضحايا وذويهم، ودعم كفاحهم لأجل الاستمرار. وقد طالب عددٌ من المشاركين الجاليويين بتقديم الرعاية النفسية لضحايا الاعتداءات وذويهم.

وقد أشارت إحدى أفراد المجلس التنفيذي في "الرابطة الإسلامية في كندا" (MAC) رانيا لاوندي إلى لقائها بابن عائلة أفضال، الذي نجا من الهجوم، وهو على كرسي مدولَب، وتحدثت عن "ثباته وإشراق وجهه".

 

نواقص

قدم عدد من المشاركين طرحاً لعقد قمة دولية كونَ المشكلة مشكلةً عالمية مشهودة أيضاً في الدول الأوروبية وغيرها، لكن هذا الاقتراح لم تُجِب عليه الحكومة.   

كما لم تحدد الحكومة ممثلاً خاصاُ لمتابعة التوصيات ووضع آلية موحَّدة، ما يُبقي متابعة العمل مع الحكومة لتحقيق هذه الغاية على عاتق المنظمات الإسلامية والناشطين المشاركين في القمة.

 

الحكومة والمرحلة القادمة

ترودو وَوزراؤُه وعدوا بتأمين الموارد اللازمة لمعالجة الكره للإسلام، والالتفات إلى المسؤولين المعينين في وزارة الدخل الوطني، وإلى آلية التدريب فيها، وإجراء الاستشارات مع الجالية، كما الاستماع إلى التوصيات المقدمة في الأيام والأسابيع المقبلة. وأمل ترودو أن يتغير واقع الكره للإسلام سريعاً قبل حلول السنوات المقبلة.

كما ستتواصل الحكومة مع الجالية الإسلامية كي تضع خطة عملها المقبلة لمكافحة العنصرية (Anti-Racism Action Plan) لتُطلِقها بعد الانتهاء من تنفيذ "آلية مواجهة العنصرية" (Anti-Racism Strategy) التي وُضِعَت لأعوام 2019 و2020 و2021.

وقد خصصت الحكومة مبلغاً لدعم ثمانية مشاريع خططت لها منظمات إسلامية لمواجهة الكره للإسلام.

وبالرغم من الأقرار بأن "لدينا الكثير بعد لنقوم به"، اعتبر ترودو أن ما يميز كندا هو "أنها موئل للشمولية.. وأنها تعترف بصدقٍ بأخطائها، خلافاً لغيرها من الدول".

 

المشاركون والمرحلة القادمة

"المجلس الوطني للمسلمين الكنديين" أشار إلى الوعد الذي قدمه عدد من حكومات المقاطعات، بالنسبة لِمتابعة توصياته، وقد وعدت حكومة برِتشِ كولومبيا بالقيام بالإصلاح في مجال التعليم وتأمين الموارد اللازمة لمعالجة الكره للإسلام. كما أشار المجلس وغيره إلى أن القمة كانت يجب أن تضم المزيد من ممثلي الدوائر الحكومية والبلدية بما أن الكره للإسلام واقع في كل المستويات الحكومية.

وإذ أعرب المجلس عن تفاؤله بالتغيير الآتي وأنه ينوي العمل مع  مع المستويات الحكومية المختلفة حتى يحدث التغيير، أعلن أنه سيصدر تقريراً في غضون شهرين، يشير فيه إلى ما تنفِّذه الحكومة، وإلى وقت التنفيذ.

بدورها، رانيا لاوندي من "الرابطة الإسلامية في كندا" اعتبرت هذه القمة "اختباراً لمدى استعداد الحكومة للتحرك من أجل مسلمي كندا".

 

إشارة أخيرة

يُذكَر أن وزير النقل عمر الغبرا والوزيرة مريم منصف ووزيرة الصحة باتي هاجدو قاموا بمداخلاتهم في القمة. كما النائب عن دائرة ببيرفون دولار سمير زبيري، وسفير كندا إلى تركيا والنائب عن دائرة سكاربورو الانتخابية سلمى زاهد والنائب عن دائرة نورث يُورك الانتخابية علي إحساسي.

كما قدَّم عدد من الناشطين من الجالية الإسلامية والمتضامنين معها تحليلات وطروحات مهمة، وروى البعض تجاربهم الشخصية أو تجارب المقربين منهم في سياق واقع الكره للإسلام، سنأتي على ذكرها في أخبار/ مقابلات لاحقة.  

 

معرض الصور