"يوم الحجاب العالمي" فرصة لرفع الوعي حول الحجاب! : التمسّك بالحجاب مسؤولية المسلمات في الغرب...

  • article

فاطمة بعلبكي – مونتريال

صدى المشرق

بالتزامن مع ذكرى " يوم الحجاب العالمي"  في الاوّل من  شهر شباط/فبراير، ومع ازدياد الحملات المناهضة للحجاب في المجتمعات الغربية وكندا وربطه بالتشدّد الديني واضطهاد الإناث، ومع محاولة التّرويج لفرضيّات دخيلة على الدين الإسلامي باعتبار الحجاب بدعة سياسية وموروث ثقافي فقط، ارتأينا في "صدى المشرق" سؤال (من كان به خبيرا)، والحديث عن قضية الحجاب بلسان نساء محجّبات من أهل العلم لإيضاح الصورة الكاملة ورفع الوعي حول الحجاب وتغيير الصورة النمطية عنه.

ولهذه الغاية حاورنا الأستاذة والمنسقة في المناهج التعليمية لتعليم القرآن الكريم في "مؤسسة المهدي التعليمية" في نياغرا، والحائزة على دبلوم في ادارة المكاتب سارة فقيه نور الدين، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء معها...

  • ما أهميّة الحجاب في الدين الاسلامي؟

علينا اولا ان نفكر في فلسفه الحجاب في الدين الاسلامي لنفهم اهميته في الدين الحنيف. إن إدراك الطبيعة البشريه للرجل والمرأة والانجذاب الفطري الغريزي بينهما يحتم على كليهما أن يرسما حدودا انسانية في التعامل بينهما. أي ان المرأة الواعية يجب ان تدرك بأن الرجل بطبيعته الفطرية ينجذب الى بدنها ومفاتنها اذا كانت مكشوفة، فيحوّل جلّ اهتماماته ولو بغير قصد الى طبيعته الغرائزية بدلا من أن يكون محور اهتمامه بها اهتمام إنساني بحت. من هنا جاءت أهمية الحجاب في الدين الإسلامي لتنظيم الغريزة الطبيعية بين الرجل والمرأة ضمن ضوابط إنسانية واخلاقية، لضمان ان تكون المعاملة بينهما معاملة انسانية بعيدة عن المثيرات الطبيعية.

  • هل الحجاب أمر  قطعي في الاسلام على غرار الفرائض الأخرى كالصلاة والصوم؟

نعم، ثبت ان الحجاب حكم شرعي قطعي مُجْمع عليه. وهوعبادة تُثاب المرأة عليها، كأي نوع من العبادات التي يتقرب بها العبد الى خالقه.  ونذكر بعض الآيات الشريفة في الحجاب بمفهوميه الخاص والعام.

تجد القرآن الكريم ينهى المرأة عن ترقيق الصوت فيما لو كان يوجب ميْل الرجل من الجهة الغرائزية: (َّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَیَطۡمَعَ ٱلَّذِی فِی قَلۡبِهِۦ مَرَضࣱ وَقُلۡنَ قَوۡلاً مَّعۡرُوفاً)- سورة الأحزاب 32.

وينهاها عن بعض الحركات والأوضاع الموجبة لما ذكر، يقول تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) النور/31.

ويأمر الله أيضًا بحجاب المسلمات في هذه الآيه من كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب/59.

فخلاصة الحجاب قطع دابر الفتنة والافتتان بين الجنسين، هذه هي فلسفة الحجاب العميقة، وهذا ما تفتخر به النساء المقتديات بالزهراء"ع" والسيدة زينب "ع".

 

  • قد يتساءل البعض: لماذا تتحمل المرأة مسؤولية الرجل؟ اذا كان الرجل يتضرر من مشاهدة المرأة بمفاتنها فلماذا لا نكلّفه هو بأن لا ينظر إليها؟

أولا، المرأة تحب أن تكون متزينة  بشكل عام، ان كان أمام النساء أو لإرضاء الذات، وهذا مقبول اذا كان ضمن الحدود والضوابط. ولكن المرأة في العمق والفطرة تحب التزيّن ليعجب بها الرجل أو لإثارته، وهذا امر طبيعي، فالمرأة قد تهمل نفسها من التزيّن امام أترابها ولكن يصعب عليها ذلك أمام الرجل.

يقول الله تعالى: (أومن يُنَشَّأ في الحِلْيَةِ وهو في الخِصَام غيرُ مُبين)، فالمرأه تنمو وتنشأ وتكبر على التحلّي والتزيّن ، لأن طبيعتها كأنثى طبيعة الجاذبة للرجل. لا نستطيع كنساء أن نقول أنا أبرز مفاتني لأغري الرجل وهو عليه ألا ينظر، ولو أن الله سبحانه وتعالى امره بذلك!

ثانيا، إن الله تعالى خلق المخلوقات ليبتليَهم ويختبرهم، وفرض على كل مخلوق تكليفا وحدودا اتجاه المخلوقات الأخرى، وكل ذلك ليختبر مدى طاعتهم وعبادتهم وخضوعهم، فابتلى المرأة بالرجل كما ابتلى الرجل بالمرأة ، وابتلى الاولاد بالآباء، والآباء بالاولاد...وهكذا، فهذه سنة الخلق. فمن هنا يجب ان نفهم بأن الله ابتلى المرأة بالرجل، فأمرها أن تتحجب ولا تتزين أمامه ليستقيم نظام المجتمع أخلاقيا ولكي لا يفسق الشبان وتفسد النساء، كما ابتلى الرجل بالمرأة بأمورعدة.

ثالثا، ان كل حكم من الشريعة المقدّسة خلفه مصلحة سواء علم بها المكلف أم جهلها، فالمرأة المؤمنة عليها ان تعلم مصلحة حجابها بأبعاد متعددة اخلاقية واجتماعية بل حتى اقتصادية وغير ذلك ، وان لم تشخص او تدرك بالتفصيل تلك المصالح، فإن المشرع هو الله الحكيم الذي لا يصدر التشريع عنه جزافا، وانما لحكمة قد تُعلم وقد تخفى علينا.

 

  • هل مبدأ الضرورات تبيح المحظورات ينطبق على مسألة الحجاب، في ظل تزايد عدد النساء اللواتي يخلعن الحجاب للاندماج في سوق العمل في كندا والمجتمعات الغربية؟ خصوصاً بعد صدور القانون 21 في كيبيك والذي يحظر ارتداء الحجاب والرموز الدينيّة في الوظائف العامة والرسمية؟

أبداً، ان الحجاب هو بحد ذاته مبدأ وجوهر وليس خياراً خيّرنا به الله عزّ وجل لنبيح خلعه لضرورات دنيوية. وكذلك، وفي أغلب الاحيان هناك بدائل أخرى متاحة للمحجبة، فيجب عليها ان تبحث عن هذه البدائل وبنفس الوقت يجب عليها مواجهة هذا القانون بشراسة.

 ان تضييق الخناق على المحجبة هو جريمة يعاقب عليها قانون حقوق الإنسان. فتمسّكنا بالحجاب واجب أخلاقي وديني، ويجب علينا جميعاً محاربة هكذا قوانين بكل ما أوتينا من قوّة، ومواجهة كل من يقف وراءها قانونياً وسياسياً.

  • تزامناَ مع مناسبة "يوم الحجاب العالمي"، ما الرّسالة التّي توجهينها للمرأة المسلمة في المجتمعات الغربية؟

انصح اخواتي في المجتمعات الغربية وكندا بالإلتزام بحجابهن والحفاظ عليه باعتباره جوهراً وقيمة إنسانية وأخلاقية عظيمة وليس مجرّد غطاء او عادة ورثوها من أمهاتهن او مجتمعاتهن، وأن يتمسّكن بالحجاب ولا يقعن بفخ الرجال او التجار الذين لا يخافون الله ولا يعيرون اي إهتمام لأي اخلاق او قيم ويحاولون ان يستخدموهن كأداة لاشباع غرائزهم فقط او كسلع تجاريه لأطماعهم.

كما يجب على الأهل غرس المفهوم الحقيقي والفلسفة العميقة للحجاب في الفتيات، عبر التّقرب اليهن وتنمية العفّة والحياء فيهن، وعدم التّساهل معهن منذ الصغر من أن يبدين زينتهن ومفاتنهن على ما حرّم الله. علّموهم أنهن جواهر ثمينه لاتقدر بثمن، وان الله يحبهن ويخاف عليهن لذلك فرض الحجاب عليهن.

رافقوا بناتكن ولا تدعهن يقلدن غيرهن ممن أضل الله. ازرعوا فيهن ان يكن قادة وسادة احرار ولسن اتباع لكل من سوّلت له نفسه إفسادهن. اذا رأيتم منهن أي انحراف، رجاءً لا تتركوهن أبدا لعل الله عزّ وجل يهديهن فيرجعن الى صوابهن ويفهمن عظمه الأحكام الالهية.

أخيراً، أيتها المرأة، كوني قدوة وأثبتي وجودك بعلمك ورجاحة عقلك وفهمك وحكمتك، وكوني السبّاقة في توعية رفيقاتك ومحيطك.

قوّي ارتباطك بالله وستصلين الى مرحله تشكرين الله كثيرا على هذه النعمة الكبيرة التي فرضها عليك وهي نعمة الحجاب المبارك.

واعلمي أن الحجاب هو لصلاح المجتمع وقطع دابر الفتنة والافتتان بينك وبين الجنس الاخر، هذه هي فلسفة الحجاب العميقة، وهذا ما تفتخر به النساء المقتديات بالسيدة الزهراء"ع" والسيدة زينب "ع" واتقِ الله ان كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر.

 

ترّقبوا المزيد من آراء المحجبات من أهل العلم والإختصاص في العدد المقبل...